جمعية آدم لسرطان الطفولة

Adam Childhood Cancer Society

حول سرطان الطفولة حول أنواع الأورام معالجات السرطان العناية الداعمة الرئيسية
 

مجموعة أورام يوينغ

Ewing's family of tumors


 

 

 


 

مقـدمـة

          

 مجموعة أو عائلة أورام يوينغ ( Ewing's family of tumors ) ، و تسمى أيضا أورام يوينغ الغرنية ( Ewing's sarcoma ) هي أورام سرطانية نادرة تنشأ بالعظام، و الأنسجة الرخوة ( مثل العضلات، و الأنسجة الضامّة كالأوتار التي تربط العضلات بالعظام، و الأنسجة الليفية و الغضاريف، و الأنسجة الزُلالية المحيطة بالمفاصل، إضافة إلى الشحوم، و الأوعية الدموية، و الأعصاب )، و قد سميت هذه الأورام نسبة إلى الطبيب جيمس يوينغ ( James Ewing ) الذي قدم أول دراسة طبية عنها سنة 1921 م، حيث كشفت هذه الدراسة عن وجود ورم بالعظام يختلف في خواصه عن أورام العظام الغرنية ( osteosarcoma ) الشائعة و المعروفة في ذلك الوقت، ثم بينت إمكانية معالجته باستخدام المعالجات الإشعاعية، و قد أصبح هذا الورم معروفا بورم يوينغ بالعظام، و لم يتم تشخيصه في مواضع أخرى غير العظام قبل مضي سنوات، حيث تم كشفه بعدها في بعض الأنسجة الرخـوة و تمت تسميتها بأورام يوينغ خارج العظام ( extraosseus  Ewing's  ).

و قد أفادت الأبحاث الطبية بعد ذلك عن وجود تشابه كبير في العديد من الخواص بين أورام يوينغ و بين أورام الأدمة الظاهرة العصبية الأوليّـة ( primitive neuroectodermal tumor PNET  و هي أورام نادرة لدى الأطفـال قد تنشأ بالأنسجة الرخـوة و العظام )، حيث لاحظ الباحثون وجود أنماط متشابهة من شذوذ الحمض النووي بخلايا هذه الأورام، كما أنها تحتوي على بروتينات متشابهة من النادر أن تتواجد بخلايا الأورام الأخرى، الأمر الذي يدعو للاعتقاد بأنها تنشا عن تسرطن نفس النوع من الخلايا بالجسم، و من هنا تمت تسمية هذه الأورام بمجموعة أو عائلة يوينغ ( Ewing's family of tumors EFT ) و التي يمثل ورم يوينغ بالعظام نسبة تقارب الثمانين بالمئة منها.

      تجدر الإشارة إلى أن خلايا أورام يوينغ صعبة التمييز، و يتشابه مظهرها المجهري بشكل مربك مع مظهر الكثير من خلايا الأورام الأخرى، مثل أورام العظام الغرنية ضئيلة الخلايا ( small-cell osteosarcoma )، أو الأورام الغرنية بالعضلات المخططة ( Rhabdomyosarcoma )، و أورام الأوليّات العصبية ( neuroblastoma )، أو أورام الغضاريف، كما يمكن أن تنشأ أورام يوينغ بكل العظام، غير أنها غالبا تنشأ بعظم العضد و الفخذ و الحوض، و قد تنشأ بالصدر قرب الضلوع، و يجدر بالذكر أيضا أنها حين تنشأ بالعظام الطويلة تبدأ عادة بتجويف العظم ( بخلاف أورام العظام الغرنية التي تنشأ بجسم العظام و تتموضع بأطرافها )، مع امتدادها عبر القشرة إلى الأنسجة الرخوة المحيطة بالعظم، و من جهة أخرى من المعتاد أن تنتقل هذه الأورام إلى الرئة أو إلى عظام أخرى غير الموصولة بموضع النشأة بالعظام لدى أغلب حالات الانتقال، بينما و بدرجة اقل يمكن أن تنتقل إلى الغدد الليمفاوية المجاورة أو الكبد أو النخاع العظمي، و من النادر أن تنتقل إلى الجهاز العصبي المركزي أي الدماغ و الحبل الشوكي.

و في المحصلة تتضمن مجموعة أورام يوينغ الأورام التالية :

  • ورم يوينغ بالعظام.

  • ورم يوينغ خارج العظم ( extraosseus  Ewing's  ).

  • ورم الأدمة الظاهرة العصبية الأولية ( primitive neuroectodermal tumor )، و يسمى أحيانا بالورم العصبي الطلائي الطرفي ( peripheral neuroepithelioma ).

    و نشير إلى أن أورام الأدمة الظاهرة العصبية أو أورام يوينغ خارج العظم تسمي بأورام آسكن ( Askin's tumor ) حين تنشأ بجدار الصدر، و من ناحية أخرى تنشأ هذه الأورام غالبا لدى المراهقين، و من النادر ظهورها قبل سن الخامسة أو بعد سن الثلاثين، و تظهر بنسب متساوية بين الذكور و الإناث لدى الأطفال بسن تقل عن الثالثة عشر، بينما بعد هذه السن تزيد النسبة بين الذكور.

 


 

 

 

 

حول عوامل الخطورة لنشوء أورام يوينغ

 

      يُشير تعبير عوامل الخطورة ( Risk factors ) إلى العوامل و الظروف التي تزيد من احتمالات خطر العرضة لأي مرض، مثل السرطان، عند أي شخص، و ثمة عوامل خطورة لكل نوع من الأورام، و قد تتضمن عوامل خطورة وراثية أي ترتبط بخصائص المورثات، إضافة إلى عوامل ترتبط بالبيئة أو نمط المعيشة و الظروف الحياتية، و رغم أن العوامل المتعلقة بنمط المعيشة مثل التدخين و التغذية السيئة أو تعاطي المسكرات تُعد من العوامل المهمة لدى العديد من أورام البالغين، إلا أن تأثيرها معدوم أو ضعيف جدا عند التطرق لأورام الأطفال و منها أورام يوينغ، و فيما يتعلق بعوامل الخطورة المتعلقة بالبيئة، لم يتبين للباحثين أي رابط بين نشوء هذه الأورام و بين العوامل البيئية سواء قبل الولادة أو بعدها، مثل التعـرض للكيماويات السامة أو الإشعاع، أو تلوث المـياه و الهواء، كما لم يتبين وجود أي رابط بظروف أخرى مثل استخدام الأشعة السينية أثناء الحمل، أو تناول أنواع العقاقير المختلفة، أو إصابة الأطفال برضوض أو جروح متكررة بنفس الموضع.

     و بخلاف بعض الأورام الشائعة بين الأطفال، مثل أورام جذيعات الشبكية و أورام ويلمز الكلوية، و التي تحمل مؤشرات وراثية و قد تظهر بشكل متعاقب لدى عدة أجيال من عائلة واحدة، نتيجة وراثة بعض أنواع الاختلال بالشفرات الوراثية للحمض النووي ببعض خلايا الجسم و وجود بعض أنواع العيوب الخلقية، التي تزيد من نسب الخطر لنشوء هذه الأورام، لا تشير الدراسات الطبية إلى أية عوامل أو علل وراثية يمكن أن تُعد من عوامل الخطورة المهمة لنشوء أورام يوينغ،  و من النادر جدا أن تظهر هذه الأورام لدى أكثر من طفل بعائلة واحدة.


 

 

 

 

حول نشوء أورام يوينغ

       

    يلزمنا لفهم كيفية نشوء الخلايا السرطانية، الإلمام ببعض المعلومات الأساسية عن الخصائص الوراثية و المورثات ( genes )، فالمورث عبارة عن جزء من الحمض الريبونووي ( deoxyribonucleic acid DNA ) يحمل خصائص وراثية معينة و لديه وظيفة حيوية محددة، و كمثال تحدد المورثات لون العينين و البشرة أو فئة الدم، و هذا الحمض هو المادة الكيميائية التي تحمل التعليمات الموجهة لنظام و دورة حياة الخلايا، و يقوم بالتحكم في كل نشاطاتها، و يُعد نوع التغيرات الشاذة في الحمض النووي للمورثات العامل المؤثر في تحديد نوع المرض الذي قد يصيب الإنسان، و المورثات هي أجزاء من الصبغيات ( chromosomes )، التي من الممكن تشبيهها بشريط خيطي مظفـور من الحمض النووي فائق الطول، يحتوي على الآلاف من المورثات تصطف على امتداده، و ينتظم الحمض النووي بدقة في 23 زوجا من الصبغيات، يرث الإنسان النصف من كل زوج عن أحد الوالدين.

      و ثمة أنواع متعددة و كثيرة جدا من المورثات، و لكل منها وظائف حيوية و خصائص وراثية محددة، و يحتوي بعضُ من أنواعها على التعليمات و الشفرات الوراثية التي تتحكم في آلية النمو و الانقسام، و بالتالي التضاعف و التكاثر لإنتاج خـلايا جديدة، و من هذه مورثات معينة تحث و تُعدل عمليات انقسـام الخلية، و تسمى اصطلاحًا بالمـورثات الورمـية ( oncogenes )، و مـورثات أخـرى تُبطيء و تكبح الانقسام و التكاثر، أو تُعطي التعليمات للإفناء الذاتي للخلية عند الحاجة، و تسمى بالمورثات الكـابحة للتـورم ( Tumor suppressor genes ).

    و بمعنى آخر، تقوم الخلايا بالتكاثر و الانقسام و النمو بتوجيه من برنامج مشفّر بحمضها النووي، و تتلقى إشارة بالتوقف عند حدّ معين حيث يتوفر الكمّ المطلوب من الخلايا، فيتوقف الانقسام و التكاثر، و يتم تشغيل برامج تالية توجه الخلايا لإنتاج البروتينات اللازمة لتصبح خلايا بالغة قادرة على القيام بالمهام المنوطة بها، أي أن نظام الانقسام و النمو و العمل، يتوقف و يبدأ و ينشط حسب نظام متسلسل تعاقبي، و خالٍ من الأخطاء لينتج خلايا طبيعية سليمة، و ثمة عدة أوجه لعرقلة و مقاطعة تقدم هذا النظام المنهجي، فمثلا إذا حدث قصور في إشارة التوقف و لم تعمل لسبب ما، تستمر الخلايا في الانقسام و التكاثر دون ضوابط و تكون كتلة شاذة متضخمة، أو عند حدوث قصور في عمل المورثات الكابحة للتورم، التي تنتج بروتينا معينا يكون مسئولا عن توقيف الخلية عند وجود عطب بالحمض النووي، سواء لإصلاح الخلل أو لإفنائها ذاتيا عند تعذر الإصلاح، فحين لا يعمل هذا البروتين لسبب ما، تستمر الخلايا ذات الحمض النووي المعطوب في الانقسام، و إنتاج خلايا جديدة، مسببة المزيد من العطب في المورثات الأخرى، التي تتحكم في نمو و تطور الخلايا و ينتهي الأمر بنشوء السرطان.

      و من جهة أخرى قد يرث المرء بعضا من التغيرات الشاذة ( أو الأعطاب ) بالحمض النووي عن والديه، الأمر الذي يفسر ظهور بعض العلل بشكل شائع لدى بعض العائلات، و تسمى هذه التغيرات بالتحورات أو التبدلات الجذرية للبنية ( mutations )، و التي تنشا أيضا لأسباب غير مفهومة و غير مبررة أسوة بصور الإختلال الأخرى التي تصيب هذا الحمض، و التي يمكن تلخيصها في الأوجه التالية:

  • شرود للصبغيات و تبادل المواقع ( Translocation ) بين جزأين من الحمض النووي، أي أن مقطعا من الحمض النووي بصبغي معين يشرد ملتحقا بصبغي مختلف و غير متماثل معه، مما يؤدي إلى إعادة ترتيب البرامج المشفرة بالحمض النووي للخلية مع ثبات الخطأ و تعطل النظام و السياق الموجه لأطوارها المختلفة، و هذا الاختلال على وجه الخصوص يُعد مسئولا عن نشوء بعض الأنواع من أورام الأطفال، مثل بعض أنماط اللوكيميا، إضافة إلى مجموعة أورام يوينغ.

  • الانعكاس أو الانقلاب ( inversion ) مما يعني أن جزءا من صبغي ما تراكب بشكل مقلوب و ظل منعكسا إلا انه لا يزال مرتبطا بنفس الصبغي.

  • الإضافة ( addition ) أي أن جزءا من صبغي ما ( أو الصبغي بكامله ) قد تضاعف و تتواجد نسخ كثيرة منه بالخلية، و يشار إليه برقم الصبغي مع إشارة موجبة ( + 7 مثلا ).

  • الفقدان أو المحو ( deletion ) لبعض من مقاطع حمض نووي بصبغي معين، و يشار إليه برقم الصبغي مع إشارة سالبة، فمثلا -7 تعني أنه ثمة جزء مفقود من الصبغي السابع.

      و من هنا يمكن أن تتسرطن الخـلايا الطبيعية عند حدوث أي من أنواع الاختلال المذكورة آنفـا ببُنية الحمـض النووي، ( أي التحورات الشاذة بالبنية أو شرود الصبغيات أو المحو أو الانعكاس أو الإضافة )، و التي تدفع بدورها ( بشكل مباشر أو غير مباشر ) إلى تشغيل المورث الورمي دون ضوابط ( مما يفقده القدرة على التحكم في نمو الخلية و تكاثرها )، أو يُبطل عمل المورثات الكابحة للتورم، و ينتهي الأمر بنشوء ورم سرطاني، و من المهم معرفة أنه و عدا عن الإختلالات الوراثية التي تزيد من نسبة الخطر لنشوء بعض الأورام، ( و لا تُعد أورام يوينغ ضمن هذه الفئة ) لا يعرف العلماء الأسباب الحقيقية و المؤكدة التي تؤدي إلى حدوث أنواع الاختلال بالحمض النووي، ( أو التي تقدح الزناد ) و التي تؤدي إلى تسرطن الخلايا الطبيعية و نشوء الأورام.

      و فيما يتعلق بمجموعة أورام يوينغ تفيد الدراسات الطبية عن وجود بعض أنواع الاختلال التي تُعد مسؤولة بشكل مباشر عن نشوء هذه الأورام، من أهمها وجود شرود و تبادل بالمواقع بين الصبغيين الحادي عشر و الثاني و العشرين بالخلايا الورمية في اغلب الأحوال، بينما و لدى نسبة قليلة من الحالات ثمة تبادل بين الصبغيين الحادي و العشرين و الثاني و العشرين، و من جهة أخرى تؤكد الأبحاث على أن هذه التبادلات الشاذة و المرتبطة بنشوء أورام يوينغ هي أعطاب مكتسبة و عارضة عقب الولادة و خلال مراحل حياة الأطفال، و ليست منتقلة بالوراثة، كما تشير إلى عدم وجود مسببات واضحة أو عوامل خطورة معروفة و مؤكدة تؤدي إلى حدوثها، و بالتالي لم يكن ثمة ما يمكن فعله لتجنب نشوء السرطان.

 


 

 

 

 

حول الأعراض و التشخيص

 

      تظهر الأعراض المبكرة عادة على هيئة تـورم أو كتلة متضخمة بموضع الورم تبدو رخوة و متماسـكة و سريعة النمو، دون أن يصاحبها ألم أو مشاكل جانبية، و خصوصا إن تمركز الورم في منطقة الجذع أو الأطراف، و قد يشعر الطفل بالألم عند الضغط عليها أو ملامستها بعد فترة من ظهورها بشكل واضح، و قد يبدو موضعها أكثر حرارة عند لمسه من سائر الجسم، بينما تظهر الآم أو تقرحات عند نمو و تضخم الورم و ضغطه على الأعصاب المجاورة، و تظهر مثل هذه الكتلة أو التضخم لدى نسبة تزيد عن 60 % من حالات أورام يوينغ بالعظام و تقريبا كل أورام يوينغ خارج العـظام، و من جهة أخرى يُعد ألم العظام من أكثر الأعراض شيوعا و يظهر لدى نسبة تزيد عن 85 % من الحالات، و الذي قد ينتج سواء عن انتقال الورم تحت سمحاق العظم أو عن تكسر و تهتك العظم عقب نمو الورم.

و في اغلب الأحيان يبدو الورم بالعظام رخوا و أكثر حرارة عند لمسه و قد تظهر الحمى لدى الطفل بشكل متواصل، بينما من غير المعتاد أن تظهر مع اغلب أورام الأنسجة الرخوة أعراض بدنية عامة، مثل الحُمى و فقدان الوزن أو التعرق، سوى عند وجود انتقال للورم من موضع نشأته، و في هذه الحال قد تظهر أعراض متعددة حسب موضع الانتقال، مثل تضخم الغدد الليمفاوية أو الإعياء أو فقدان الوزن، مما يعطي مؤشرا على انتقال الخلايا الورمية للغدد الليمفاوية أو النخاع العظمي، بينما و في حالات نادرة عند نشوء الورم قرب الحبل الشوكي قد تظهر أعراض مثل الضعف الحركي أو الشلل.

      و عند ظهور الأعراض على الطفل و التي يمكن أن تشير إلى وجود أي من أورام يوينغ، يقوم الأطباء بإجراء سلسلة من الفحوصات و التحاليل المخبرية لتحديد مختلف جوانب النمو الورمي بدقة، و إجراء الفحوصات التصويرية المختلفة، مثل التصوير الشعاعي الطبقي ( Computed tomography scan )، و التخطيط بالمرنان المغناطيسي ( Magnetic resonance imaging باستخدام المـوجات المغناطيسية لوضع صور متعددة للجسم )، إضافة إلى تخطيط العظام و التقاط صـور الأشـعة السينية المختلفة و التي تشمل الصدر لتقصي مدى انتقال الورم إلى الرئتين على وجه الخصوص، كما يتم إجراء تحاليل مختلفة للدم، من أهمها تحليل يتقصى معدلات أنزيمات الخمائر النازعة للهيدروجين بأملاح حمض اللبن ( lactate dehydrogenase LDH و التي يُعد ارتفاع معدلاتها عند التشخيص مؤشرا على وجود انتقال للورم، إضافة إلى تعداد الدم الكامل الذي سيوضح مدى انتقال الخلايا الورمية للنخاع العظمي، و بطبيعة الحال يتم إجراء تحاليل الدم و البول التي تتقصى وظائف الكبد و الكليتين و قياس نسب الأملاح بالجسم.

      و من ناحية أخرى و على الرغم من أن الأعراض و الاختبارات التصويرية بأنواعها المختلفة قد تؤكد بوضوح على وجود أورام يوينغ، إلا أن الوسيلة الوحيدة للتأكد تماما، و من ثم تمييز هذه الأورام عن غيرها من الأورام الشبيهة، و تحديد خواصها الحيوية على وجه الدقة، تتم بإجراء الخزع الجراحي ( biopsy )،  الذي يستهدف استخلاص خزعة من أنسجة الورم لفحصها مجهريا، و يجدر بالذكر أنه و في كل الأحوال يتم إجراء خزع للنخاع العظمي ( Bone marrow biopsy ) لتقصي مدى انتقال الخلايا الورمية إليه.

( يُرجى الانتقال لصفحة الفحوصات و التحاليل المخبرية للإطلاع على المزيد من التفاصيل حول مختلف هذه الفحوصات ).

  


 

 

تصنيف أورام يوينغ

 

     كما هو المعتاد لدى مختلف أنواع الأورام، يتم تصنيف أورام يوينغ حسب أنظمة التصنيف المرحـلي للأورام   ( staging )، و ذلك عبر استخلاص المعطيات من الفحوصات و التحاليل المخبرية و التصويرية، إضافة إلى الفحوصات المباشرة لأنسجة الـورم، و أية أنسجة مستخلصة عقب إجراء الجراحات، بُغية تحديد حجم الورم و خواصه الحيوية، و التحقق من مدى انتقاله من موضع نشوئه إلى الأنسجة المحيطة أو إلى أية مواضع أخرى، و تحديد الكمّ السرطاني الموجود بالجسم و مواضع تركزه و رقعة انتشاره، إذ من الضروري معرفة هذه المعطيات و تحديد التصنيف لتخطيط المعالجات و لاستشراف الدلائل حول المردود العلاجي الممكن.

و المتداول بالنسبة لأورام يوينغ تصنيفها حسب مواضعها و مدى انتقالها إلى فئتين :

الأورام الموضعية المنحصرة، و الأورام المنتقلة و المنبثة، إضافة بطبيعة الحال إلى الأورام الراجعة عقب المعالجات، بينما تصنف بعض المدارس الطبية أورام يوينغ خارج العظم ( Extraosseous Ewing's ) حسب التصنيف الخاص بالأورام الغرنية للعضلات المخططة ( Rhabdomyosarcoma ). ( يُرجى مراجعة صفحة الأورام الغرنية للعضلات المخططة لمزيد من التفاصيل ).

الورم الموضعـي المنحصر ( Localized )

     و تُدرج بهذا التصنيف الأورام المنحصرة بمواضع نشوئها الأصلية دون أن تنتقل إلى مواضع أخرى، إضافة إلى الأورام المنتقلة موضعيا إلى أنسجة متاخمة لموضع نشوء الورم، مثل العضلات أو الأوتار، غير أنها منحصرة بهذه المواضع و غير منتقلة لأعضاء و مواضع بعيدة، و بطبيعة الحال لا يمكن اعتبار الورم منحصرا دون إجراء مختلف الفحوصات التصويرية الدقيقة و دون إجراء خزع النخاع العظمي، بما يؤكد عدم وجود أي انتقال للخلايا الورمية إلى مواضع أو أعضاء بعيدة أو إلى النخاع العظمي، و يجدر بالذكر أنه و في كل الأحوال تتم معاملة هذا التصنيف بالخطط العلاجية بافتراض وجود خلايا ورمية مجهرية منتقلة بموضع ما لدى اغلب الحالات، دون أن تظهر بالفحوصات التصويرية و لا يمكن كشفها سوى بالفحص المجهري لمختلف الأنسجة.

الورم المنتقل أو المنبث (  Metastatic   )

      و تُدرج بهذا التصنيف الأورام المنتقلة من مواضع نشوئها الأصلية إلى مواضع أخرى بالجسم، مثل الرئتين أو إلى عظام أخرى غير موصولة بموضع النشأة الأصلي أو النخاع العظمي، أو الغدد الليمفاوية أو الكبد، و كما سلفت الإشارة من النادر أن تنتقل أورام يوينغ إلى الدماغ أو الحبل الشوكي.

الورم الراجع ( Recurrent  )

      و تُدرج بهذا التصنيف الأورام التي تعود للنمو و تظهر عقب انتهاء المعالجات، و قد تعود بنفس موضع النشأة الأصلي حيث بدأت، أو بالأنسجة المجاورة، أو تعود بموضع آخر من الجسم، و قد يحدث ذلك خلال فترات قصيرة أو عقب مرور سنوات من انتهاء المعالجات الأولية.

 


 

 

 

 

حـول المعـالجات

 

      ثمة معالجات لكل حالات هذا النوع من الأورام لدى الأطفال، و اغلبها قابلة للشفاء بنسب متفاوتة، و تعتمد فرص الطفل في الشفاء و خيارات المعالجة على عدة عوامل مجتمعة، أهمها موضع الورم و مدى تركزه، و حيوية خلاياه، و تصنيفه و مدى انتقاله خارج موضع النشأة الأصلي، و تفاعله مع العلاجات، إضافة إلى عمر الطفل و حالته الصحية العامة، و عادة يتم إتباع المعالجات القياسية التي أثبتت فعاليتها.

و تستهدف المعالجات بطبيعة الحال تحقيق الشفاء مع بذل الجهد في المحافظة على وظائف الأجزاء المصابة كلما أمكن ذلك، إضافة إلى التقليل من مضاعفات المعالجات المختلفة إلى الحد الأدنى الممكن، الأمر الذي يستدعي ضرورة أن تتم المعالجات بمركز مختص بأورام الأطفال و باشتراك فريق من الأخصائيين لإدارة الخطط العلاجية، بدءا من الجراحين و أخصائيي أورام الأطفال و العلاج الإشعاعي و علوم الأمراض و مختصون في المعالجات الطبيعية و إعادة التأهيل، إضافة إلى أخصائيون اجتماعيون و طاقم تمريض مختص في معالجة الأطفال المرضى بالسرطان.

      و كما هو الحال لدى الأورام الصلبة، تُعد الجراحة خط المعالجة الأوليّ و الأساسي لأورام يوينغ، مقترنة بالعلاج الكيماوي   و العلاج الإشعاعي ، غير أن الخطط العلاجية قد تختلف بطبيعة الحال حسب الحالة و تبعا للعوامل المذكورة آنفـا، و قد تُجرى عمليات زرع خلايا المنشأ المولدة لخلايا الدم ( stem cell transplant )، أو زرع نقى النخاع العظمي ( Bone marrow transplant )، عقب تلقي العلاجات المكثفة لبعض الحالات.

      و يجدر بالذكر أن خلايا أورام يوينغ تُعد حساسة بصفة خاصة تجاه العقاقير الكيماوية و الإشعاع، كما أنه و لدى حالات قليلة جدا يمكن استئصال جزء كبير من النسيج الورمي أثناء إجراء الخزع الجراحي للتشخيص ( و عند التأكد من تسرطن الورم في الحال )، و بشرط التأكد من عدم حدوث إعاقات أو أضرار كبيرة بموضع الورم، غير أن ذلك يتعذر في اغلب الأحوال.

بينما و تقليديا لدى اغلب الحالات يتم تلقي عدة دورات من العلاج الكيماوي باستخدام توليفة من عدة عقاقير و لفترات تتراوح بين ستة إلى تسعة أسابيع، و من ثم يُعاد تقييم الحالة و يتم إجراء الجراحات الإستئصالية إن كان ذلك متاحا و ملائما، بينما عند تعذر العمل الجراحي أو عند تبقي بعض الأنسجة الورمية الظاهرة للعيان بمهد الورم و غير القابلة للاستئصال، يتم البدء مباشرة بالمعالجات الإشعاعية كبديل فعال، يعقب ذلك البدء مجددا بتلقي دورات متطاولة من العلاج الكيماوي و لفترات تتراوح بين ستة إلى تسعة اشهر، و نشير إلى أن العلاج الكيماوي يُعد أساسيا للسيطرة على الخلايا السرطانية المنتقلة و التي تكون موجودة في اغلب الأحوال حتى و إن لم تظهر بالفحوصات التصويرية المختلفة.

و من ناحية أخرى، و لدى وجود انتقال مؤكد لهذه الأورام عند التشخيص، يتم تلقي جرعات أكثر كثـافة من العقاقير الكيمـاوية، و يمكن في بعض الأحيان استئصال الورم الأصلي مع الأورام المنتقلة إن كانت قليلة و تم تحديد مواضعها بدقة، و ذلك عقب تلقي العلاج الكيماوي لفترات تتراوح بين ستة إلى تسعة أسابيع، و قد يتم استخدام العلاج الإشعاعي مع الجراحة أو منفردا لكل مواضع الانتقال المحددة، و من ثم البدء مجددا بجرعات العقاقير الكيماوية لفترات تتراوح بين ستة إلى ثمانية أسابيع.

      و فيما يتعلق بالعوائد العلاجية تفيد بعض الدراسات الطبية أن معدلات الشفاء للخمس سنوات القياسية لدى حالات الأورام المنحصرة ( حيث يتركز الورم بموضع واحد و لا يتجاوز حجمه ثمانية سنتمترات و يمكن إزالته كليا بالجراحة مع استخدام العلاجين الكيماوي و الإشعاعي ) تبلغ نسبة تزيد عن 80 %، ( يشير معدل الخمس سنوات شفاء القياسية إلى نسبة المرضى الذين يعيشون خمس سنوات على الأقل منذ تشخيصهم بسرطان معين، و بالطبع يشفى الكثيرون تماما و يعيشون أكثر من ذلك بكثير، و هذا المعدل يستخدم عادة كدلالة إحصائية عند حالات السرطان )، بينما تنخفض هذه النسبة إلى حوالي 70 % عند تعذر الاستئصال الكلي للورم ( و لا يزال صغير الحجم )، و تنخفض إلى حوالي 60 % لدى الأورام كبيرة الحجم و التي يتعذر استئصالها كليا بالجراحة، و من جهة أخرى و لدى وجود انتقال للورم عند التشخيص قد تنخفض النسب إلى حوالي 30 % تبعا لمواضع الانتقال و تعددها، و تفيد هذه الدراسات بان المعدلات قد تحسنت كثيرا منذ البدء باستخدام العلاج الكيماوي لأورام يوينغ، كما أن النسب تُعد أفضل بكثير لدى الأطفال بسن تقل عن العاشرة عنها لدى الأكبر سنا و المراهقين.

  


 

 

 

الجراحـة

  

      و ذلك بإجراء عملية جراحية حيثما أمكن لاستئصال أكبر كمّ ممكن من أنسجة الورم، و بعض الأنسجة السليمة المحيطة بالموضع، يتبع ذلك تلقي جرعات من العلاج الكيماوي أو الإشعاعي،  و قد يتم تأجيل العمل الجراحي لحين انتهاء دورات تمهيدية من العلاج الكيماوي و من ثم إزالة أنسجة الورم،  بينما في حال وجود الورم بموضع يمنع من إجراء الجراحة و يتعذر الاستئصال، فيقتصر العمل الجراحي على استخلاص خزعات الأنسجة للفحص.

       و بطبيعة الحال ستعتمد خيارات الجراحة على موضع الورم، و نوعه ضمن أورام يوينغ، و الكيفية التي سيؤثر بها العمل الجراحي على وظيفة و فاعلية الجزء المصاب من الجسم، حيث يمكن إزالة العديد من الأورام التي تتواجد بالأنسجة الرخوة، و بعض أنواع العظام، و التي تتموضع بأجزاء غير أساسية بالجسم، دون التسبب بإعاقة أو عاهات، بينما لدى بعضها الآخر مثل التي تظهر بأغلب عظام الذراعين و الأرجل، يتعذر استئصالها كليا دون التأثير على فاعلية العضو المصاب، و خلال العقود الماضية اعتمدت المعالجات لمثل هذه الأورام على عمليات البتر، بينما في الوقت الحاضر فقد تقدمت المعالجات الجراحية، و تقدمت جراحات استنقاذ الأعضاء ( Limb-salvage surgery )، بحيث يمكن إزالة أجزاء كبيرة من العظام، و استبدالها بتطعيمات عظمية، أو صفائح و قضبان معدنية، أو بدائل صناعية ( prosthesis )، مثل العظام و المفاصل المصنوعة من اللدائن أو المعادن، لتعوض جزء العظام الذي تم استئصاله مع الورم، و في كثير من الأحيان يمكن استبدال عظم بكامله ببديل صناعي، و بطبيعة الحال فمثل هذه الجراحات معقدة، و تستلزم إجراء عدة عمليات، و عدة اشهر من العلاج الطبيعي، إلى أن يتمكن الطفل من استخدام العضو المصاب بفاعلية.

و يجدر بالذكر أنه من الممكن إزالة عظام الفخذ بما في ذلك الركبة و زرع بديل صناعي، و ربطها بالجزء السفلي من الرجل، بينما الأكثر صعوبة هو إزالة الجزء السفلي من الرجل و إعادة بنائه مجددا، أما عظام العضد فتُعد أكثر ملائمة للجراحة الاستبدالية، حيث أنها لا تتحمل ثقل الجسم، كما نشير إلى أن الأساليب الجراحية قد تطورت بشكل كبير، بحيث يمكن استبدال اغلب عظام الحوض و التي كانت متعذرة الاستبدال في الماضي.

و من جهة أخرى و عند تموضع الورم بمنطقة جدار الصدر، يقوم الجراح عادة بإزالة الموضع المصاب، إضافة إلى إحدى الضلوع أو أكثر ( من ضلع إلى ثلاثة ضلوع )، و يتم استبدالها ببدائل صناعية لإغلاق جدار الصدر، أما عند وجود انتقال للورم إلى الرئة، فيتم فتح الصدر و إزالة الورم الرئوي بعملية شق الصدر ( thoracotomy )، و من المعتاد استخدام العلاج الإشعاعي لمثل هذه الحالات.

بينما قد يتعذر إجراء الجراحة الاستبدالية عند بعض الحالات لعدة أسباب، مثل وجود الورم بعظم يصعب استبداله، أو يمتد الورم إلى أنسجة عصبية أساسية، أو أوعية دموية من المتعذر إزالتها دون التسبب بأعطاب جوهرية بالعضو المصاب، و هنا تتم معالجة مثل هذه الحالات بالعلاج الإشعاعي فحسب عوضا عن الجراحة.

      و تجدر الإشارة إلى مضاعفات العمل الجراحي، سواء على المدى القريب أو البعيد، مثل حدوث العدوى المختلفة و بطء التئام الجروح، و بطبيعة الحال تزداد خطورة مثل هذه التعقيدات مع وجود التأثيرات الجانبية للعلاجين الإشعاعي و الكيماوي، سواء قبل الجراحات أو عقب انتهائها، مما قد يتداخل مع القدرة الطبيعية لالتئام و تعافي الجروح.

( يُرجى الانتقال إلى صفحة الجراحة، للإطلاع على المزيد من التفاصيل حول جوانب العمل الجراحي ).


 

 

 

 

العـلاج الإشعـاعي

 

      العلاج الإشعاعي هو علاج باستخدام التطبيقات المختلفة للإشعاع المؤين ( ionizing radiation )، لتدمير الخلايا السرطانية و تقليص الأورام، سواء باستخدام العناصر و النظائر المُشعّة، أو باستخدام دفق إشعاعي، مُؤجّج و عالي الطاقة، من الأشعة السينية، أو أشعّة أخرى مثل أشعة جاما، أو دفق النيوترونات أو البروتونات، و تتركز فاعلية الإشعاع في مقدرته على تقويض و تفتيت الحمض النووي للخلايا الورمية، و هو المادة الحيوية و الأساسية لمختلف الوظائف الخلوية، مما يؤدي إلى القضاء عليها.

     يُعد العلاج الإشعاعي علاجا موضعياً، و هو ينقسم إلى نوعين؛ داخلي ( Internal )، حيث تُزرع العناصر المشعّة مباشرة داخل أنسجة الورم، أو قريبا منها، سواء بشكل مؤقت أو بصفة دائمة، و خارجي ( external )، حيث يُبث الإشعاع من آلة تُسلط الأشعّة على مواضع الأورام، و قد يتم استخدام كلا النوعين لدى بعض أنواع الأورام، بينما و غالبا يستخدم الإشعاع الخارجي لدى حالات أورام يوينغ، و بطبيعة الحال و تلافيا لآثار الإشعاع، يتم اتخاذ تدابير وقائية أثناء المعالجة الإشعاعية، لحماية الأنسجة و الأعضاء الطبيعية السليمة بحقل المعالجة.

      و قد يتم استخدام العلاج الإشعاعي منفرداً، كعلاج وحيد، أو بصفة مشتركة مع علاجات الأورام الأخرى، و قد يُستخدم بديلاً عن الجراحة كعلاج أوليّ، عند بعض الأورام الصلبة، كما قد يُستخدم قبل المباشرة بالعمل الجراحي فيما يُعرف بالعلاج المبدئي المساعِد ( neoadjuvant therapy )، بُغية تقليص حجم الورم؛ لتسهيل استئصاله، أو يتم استخدامه عقب جراحات الاستئصال كعلاج مُضاف ( adjuvant therapy )؛ بُغية القضاء على أية خلايا ورمية غير مميّزة قد تكون متبقية.

      و بطبيعة الحال، للعلاج الإشعاعي مضاعفات و آثار جانبية مُصاحِبة، ترتبط إجمالا بموضع المعالجة، و تنجم بشكل عام عن تأثر الخلايا و الأنسجة سريعة النمو و الاستبدال، و من هذه التأثيرات: مضاعفات الجلد و البشرة، و الإعياء، و التهابات و جفاف الفم، و تساقط الشعر، و الغثيان، و المشاكل المعوية، و إحباط النخاع العظمي، و يتم اتخاذ بعض التدابير الوقائية و المُسانِدة، و تناول أدوية مُساعدة؛ لتجنب مثل هذه الآثار و للتخفيف من حدّتها.

و من ناحية أخرى ثمة مضاعفات متأخرة تظهر على المدى الطويل، من أهمها مخاطر تطور أورام ثانوية بموضع الإشعاع ( و إن كانت بنسبة ضئيلة )، و تأخر النمو البدني الطبيعي بتأخر نمو العظام و العضلات بموضع المعالجة، و يظهر ذلك خصوصا لدى الأطفال الصغار حيث لا يزال الجسم قاصرا و غير مكتمل النمو، بينما تقل هذه المضاعفات إن كان الطفل يمر بمرحلة البلوغ أو قريبا منها حيث يكاد نمو العظام و العضلات أن يكتمل، و تلافيا لمثل هذه المضاعفات المتأخرة على الأطفال الصغار جدا تحرص الخطط العلاجية على استخدامه بجرعات منخفضة لدى أورام يوينغ و أورام الأدمة الأولية، و قد أظهرت الدراسات أنه يمكن تحقيق نفس الفوائد العلاجية عند استخدام جرعات منخفضة و اقل كثافة من الجرعات المستخدمة في الماضي لدى هذه الأورام.

( يُرجى الانتقال إلى صفحة العلاج الإشعاعي، للإطلاع على المزيد من التفاصيل حول هذا العلاج و طرق إدارته ).

  


 

 

 

 

العـلاج الكيمـاوي

       

      العلاج الكيماوي هو علاج باستخدام أدوية خاصة تُعرف بالعقاقير الكيماوية المضادة للسرطان، تقوم بالقضاء على الخلايا السرطانية و تدميرها، و ذلك بعرقلة و تقويض نسق العمليات الحيوية داخلها، و تأتي الميزة الرئيسية لهذا العلاج في مقدرته على معالجة الأورام المتنقلة و المنتشرة، بينما يقتصر العلاج الإشعاعي أو العمل الجراحي على معالجة الأورام المنحصرة بمواضع محدّدة، و فعّاليته المتميّزة تعود إلى حقيقة أن الخلايا السرطانية، بطريقة ما، هي أكثر حساسية و أشد تأثراً بالكيماويات من الخلايا الطبيعية. و قد يتم استخدامه كعلاج وحيد في بعض الحـالات، أو جزء من برنامج علاجي متكامل يتضمن عدة عـلاجات مشتركة، و اتخاذ القرار باستخدام هذا العلاج، يتم بالموازنة ما بين فعّاليته و تأثيراته الجانبية و مضاعفاته المستقبلية، و بين خطورة السرطان، و بطبيعة الحال فمضاعفاته و آثاره مقبولة مقارنة بالمرض نفسه، إضافة إلى المردود العلاجي الإيجابي بدرجة كبيرة.

    و قد يُسمى العلاج الكيماوي علاجا جهازياً ( systemic )؛ نظراً لانتقال العقاقير الكيماوية عبر الدورة الدموية إلى كل أجزاء الجسم، و مقدرتها على تدمير الخلايا السرطانية حيثما تبلُغ، و قد يتم استخدامه قبل المباشرة بالجراحات عند الأورام الصلبة تحضيراً لها و بُغية تسهيلها؛ بحصره و تقليصه للورم، بما يُعرف بالعلاج الكيماوي المبدئي المساعد ( Neoadjuvant )، كما قد يُستخدم عقب الجراحة و استئصال الورم؛ بهدف القضاء على أية خلايا ورمية غير ممّيزة قد تكون متبقية، و المساعدة في تجنّب عودة السرطان، بما يُعرف بالعلاج الكيماوي المُضاف ( adjuvant ).

و يتم تناول أدوية العلاج الكيماوي بطرق و قنوات مختلفة، فمنها ما يؤخذ عن ‏طريق الفم على هيئة أقراص أو كبسولات أو سوائل، و أغلبها تُحقن بالجسم، بطرق الحقن المختلفة: الحقن في الوريد، الحقن في العضل، ‏الحقن في شريان رئيسي أو الحقن موضعيا مباشرة تحت الجلد، و إن كان الحقن الوريدي هو أكثر الطرق استخداماً، و قد تُستخدم وسائل أخرى للمساعدة على الحقن مثل ‏ القسطرات ( catheters )، التي يتم زرعها عادة بالصدر و يمكن استخدامها لفترات طويلة، كما يتم حقن الأدوية مباشرة إلى السائل الشوكي المُخي المُحيط بالحبل الشوكي و الدماغ، فيما يُعرف بالحقن الغِمدي، سواء للقضاء على الخلايا الورمية، أو لحماية الجهاز العصبي المركزي و الدماغ، و يتم ذلك عادة بالحقن عبر الفقرات القَطَنية أسفل العمود الفقري، أو عبر أداة قسطرة خاصة تُزرع تحت فروة الرأس تُعرف بمحفظة أومايا ( Ommaya reservoir ).

      و عادة تتكون البرامج العلاجية من عدة دورات متكررة تفصل بينها فترات نقاهة، و قد يتلقى المريض خلال كل دورة توليفة مشتركة من عدة أدوية كيماوية، أو يتم الاقتصار على عقار واحد، حسب نوع الورم و المخطط العلاجي المتبع عند كل حالة، و بصفة عامة يتم استخدام العلاج الكيماوي خلال فترات زمنية متطاولة لتخفيض كمّ الخلايا السرطانية بالتدريج، إلى الحدّ الذي يتمكن فيه نظام المناعة بالجسم من السيطرة على أي نمو ورمي، إضافة إلى أن الفسحة الزمنية ما بين الجرعات توضع بُغية تحقيق أكبر تأثير على الخلايا السرطانية، و بنفس الوقت إعطاء فترة كافية للسماح للخلايا و الأنسجة العادية كي تتعافى من مفعول العقاقير الكيماوية، إذ أن لأنواع العقاقير المختلفة تأثيرات بدرجات متفاوتة على الخلايا و الأعضاء الطبيعية السليمة، خصوصا الخلايا و الأنسجة سريعة النمو و غزيرة التكاثر و دائمة الاستبدال، مثل خلايا النخاع العظمي، و خلايا الدم، و خلايا و أنسجة الجهاز الهضمي، إضافة إلى بعض الأعضاء الحيوية مثل الكبد و الكليتين، مما يؤدي بدوره إلى حدوث المضاعفات الجانبية المُصاحبة، والتي تتفاوت في الشـدّة و النوعية من عقار لآخر، و من شخص لآخر، و من دورة علاجية لأخرى حتى بالنسبة لنفس الشخص، و تعتمد أساساً على نـوع و جرعة العقار المُستخدم و تفاعل الجسم حياله، وهذه التأثيرات متعددة؛ و تشمل إحباط النخاع العظمي ( و بالتالي إنخفاض تعداد خلايا الدم )‏، و مضاعفات الفم و اللثة ( مثل الالتهابات و التقرح و الجفاف )، و تساقط الشعر المؤقت، و الإمساك و الإسهال، و الإعيـاء و الغثيان و التقيؤ و فقدان الشهية، و تحسس الجلد و البشرة، و يتم عادة تناول أدوية مُساعدة و اتخاذ بعض التدابير الوقائية و المساندة؛ لتجنب مثل هذه التأثيرات و للوقاية منها و للتخفيف من حدّتها، قبل الدورات العلاجية و أثناءها و عقب انتهائها.

      و بصفة عامة يتم استخدام العلاج الكيماوي لدى جميع أورام يوينغ سواء المنحصرة بمواضعها أو المنتقلة، حيث كما سلفت الإشارة يُعد الورم منحصرا عند عدم وجود انتقال واضح و ظاهر بالفحوصات التصويرية، غير أنه يتم الافتراض في جميع الأحوال بوجود خلايا مجهرية منتقلة و صغيرة جدا بحيث لا تظهر بهذه الفحوصات، و قد أكدت الأبحاث أنه إن لم يتم استخدام العلاج الكيماوي لدى حالات الأورام المنحصرة يمكن لهذه الخلايا المجهرية أن تنمو و تتطور إلى أورام جديدة في نهاية المطاف.

و من المعتاد لدى اغلب حالات أورام يوينغ و أورام الأدمة الأولية استخدام توليفة من مجموعتين من العقاقير الكيماوية يتم تلقيهما بالتبادل في دورات متعاقبة تستغرق كل منها فترات تتراوح ما بين ثلاثة إلى أربعة أسابيع، تشمل المجموعة الأولى عقار سايكلوفوسفامايد ( cyclophosphamide )، و فينكريستين ( vincristine )، و دوكسوروبايسين ( doxorubicin )، بينما تضم المجموعة الثانية عقاري ايفوسفامايد ( ifosfamide ) و ايتوبوسايد ( etoposide )، و يتم تلقي مثل هذه الدورات العلاجية من ثلاث إلى أربع مرات، و بطبيعة الحال يتم إعطاء هذه العقاقير بجرعات أكثر كثافة عند وجود انتقال للأورام من مواضع نشوئها.

( يُرجى الانتقال إلى صفحة العلاج الكيماوي، للإطلاع على تفاصيل أكثر حول هذا العلاج و أساليب إدارته و مضاعفاته ).

 


 

 

 

 

زرع نُـقى النخـاع العـظمي

 

      قد تستدعي الخطط العلاجية في بعض الأحيان لدى أورام يوينغ ضرورة استخدام جرعات علاجية مكثفة من العقاقير الكيماوية للقضاء عليها، مما يؤثر بدوره على خلايا النخاع العظمي و يدمرها، مما يستدعي بدوره ضرورة اللجوء إلى عمليات زرع النخاع العظمي أو خلايا المنشأ الدورية، بالتوازي مع العلاجات المتلقاة لهذه الأورام.

     و في الفقرات التالية لمحة عن مثل هذه العمليات و أنواعها :

    النخاع العظمي هو النسيج الإسفنجي اللين، المسمى بالنخاع الأحمر و المتواجد  داخل جزء العظام المعروف  بالعظم الإسفنجي، و تتمثل وظيفته الأساسية في إنتاج خلايا الدم، و هو يتكون من خلايا متحولة ( تتحول إلى خلايا دموية )، و خـلايا دهنية، و أنسجة تساعد على نمو خلايا الدم، و يوجد النخاع العظمي في كل العظام تقريبا عند الأطفال الرُضّع، بينما و قبيل سن البلوغ، يتركز غالبا في العظام المسطحة، مثل عظم الجمجمة، و الأكتاف، و الضلوع، و عظام الحوض، و مفاصل الذراعين و الرجلين.

و الخلايا في بداية التكوين ( الأولية ) تسمى خلايا أرومية أو خلايا المنشأ (  Stem cells)، و هي تقوم بالانقسام الذاتي لتتكاثر، منتجة لخلايا منشأ جديدة، أو تقوم عبر سلسلة من الانقسامات التراكمية، و أطوار النمو المتعاقبة بإنتاج خلايا الدم المختلفة ( كريات الدم البيضاء و الحمراء و الصفيحات الدموية )، التي تواصل مراحل النمو و النضج داخل النخاع.

      و تأتي الحـاجة إلى إجراء عمليات زرع نقى النخـاع العظمي ( Bone marrow transplant )، أو زرع خـلايا المنشـأ
(
Stem cells transplant ) حين يعجز النخاع عن أداء وظائفه، و ينجم هذا العجز إما عن تأثيرات السرطان نفسه، الذي يجعله إما منتجا لخلايا ورمية شاذة، أو منتجا لأعداد ضئيلة من خلايا الدم،  أو ينجم عن تأثيرات العقاقير الكيماوية و العلاج الإشعاعي الشديدة، فقد يستلزم الأمر للقضاء على الخلايا السرطانية، ( خصوصا عند أورام الدم و الأورام الليمفاوية، و بعض أنواع الأورام الصلبة )، إتباع برامج علاجية قوية، بجرعات مكثفة تؤدي إلى إحباط و تدمير خلايا النخاع نفسه، و من هنا تستهدف عمليات الزرع، استبدال خلايا المنشأ بالنخاع المُصاب بالسرطان، أو المٌحبط بالعلاجات، بخلايا سليمة و معافاة، قادرة على النمـو و التكاثر و إنتاج خلايا الدم، و المصادر الممكنة، لاستخلاص خلايا المنشأ و استخدامها للزرع، تشمل النخاع العظمي و الدورة الدموية، سواء من المريض نفسه أو من متبرع، و تجرى الدراسات حديثاً لاستخلاصها من الحبل السُري للمواليد الجدد.

      و تنقسم عمليات الزرع إلى نوعين حسب مصدر خلايا المنشأ، الزرع الذاتي ( Autologous ) حيث تُستخلص هذه الخلايا من دم أو نخاع المريض نفسه، و الزرع المُثلي أو السُلالي ( Allogeneic ) حيث تُجمع من دم أو نخاع متبرع، و يتم اختيار المتبرع المناسب، عقب إجراء تحليل نسيجي خاص للدم، يُعرف بتحليل مستضدات الكريات البيضاء ( human leukocyte antigens HLA )، و يستهدف هذا التحليل مطابقة الشفرات الوراثية لبروتينات مولدات المضادات، التي تنتجها كريات الدم البيضاء، و هي بروتينات خاصة بتمييز الخلايا الذاتية عن الغريبة، و يعتمد نجاح الزراعة على مدى تطابق الأنسجة بين المتبرع و المتلقي، و التطابق المثالي هو الذي يجمع ستة فئات من هذه البروتينات، و المتبرع المثالي هو الشقيق التوأم المتماثل، يليه الأخوة الأشقاء، ثم أحد الوالدين، أو متبرع غير ذي قربى للمريض.

      يعتبر النخاع المصدر الرئيسي لخلايا المنشأ، و عند استخدام الزرع الذاتي، يتم استخلاص كمية من نخاع الطفل، و تتم معالجتها للقضاء على أية خلايا سرطانية، ثم تحفظ تحت التجميد، و عقب الانتهاء من تلقي العلاجات المكثفة، و التي من شأنها تدمير النخاع، يتم زرع النخاع المُعالج.

بينما عند استخدام الزرع المُثلي، يتم استخلاص كمية من نخاع المتبرع، بعد إجراء الفحوصات و التحاليل المختلفة؛ للتأكد من صحته العامة و خلوّه من الأمراض المُعدية، و يتم انتقاء و جمع خلايا المنشأ على حدة، و عقب انتهاء مراحل تهيئة المريض للزرع، بإعطائه جرعات عالية من العقاقير الكيماوية مع العلاج الإشعاعي أو بدونه، بُغية القضاء على الخلايا السرطانية، و إحباط الجهاز المناعي إلى أدنى درجة، يتم زرع خلايا المنشأ المنتقاة بحقنها وريديا.

      و يتم استخلاص خلايا المنشأ من الدورة الدموية، و تُعرف في هذه الحال بخلايا المنشأ المُحيطية أو الدورية ( peripheral stem cells )، و كمياتها عادة غير كافية للجمع، و استخدامها للزرع الذاتي يصبح عملياً، عند توفر إمكانية حث النخاع العظمي لدى المريض، على إفرازها داخل الدورة الدموية بكميات كافية للزرع، أما عند الزرع المُثلي، فيتم جمعها من الدورة الدموية للمتبرع؛ بتمرير الدم عبر آلة للتصفية، تقوم بفصل هذه الخلايا على حدة، و تجدر الإشارة إلى أنه من المعتاد لدى أورام يوينغ استخدام الزرع الذاتي بجمع خلايا المنشأ الدورية من المريض.

و بطبيعة الحال تنطوي عمليات الزرع على تعقيدات و مضاعفات مختلفة، مثل صعوبة إيجاد المتبرع المطابق، و المضاعفات المصاحبة للعملية، و تأثيرات العلاجين الكيماوي و الإشعاعي، و مخاطر رفض الزرع، و فشل الخلايا المستزرعة في الاستقرار و التكاثر، غير أن مجمل هذه المخاطر تقل عند استخدام الزرع الذاتي.

( يُرجى الانتقال لصفحة زراعة نُقى النخاع العظمي للإطلاع على المزيد من التفاصيل حول عمليات الزرع ).

 


 

 

 

 

حول معـالجة الأورام الراجعـة

   

      قد يحدث الانتكاس و عودة الورم في فترات قصيرة أو خلال سنوات عقب انتهاء المعالجات الأوليّة، و عند الرجوع يتم إجراء تقييم شامل للحالة، لتحديد مدى تركز الورم و رقعة تواجده و درجته، و تعتمد الخطة العلاجية على عدة عوامل، أهمها موضع الورم، و ما إن عاد بنفس موضع نشأته الأولى أو بموضع آخر، و الكمّ المُمكن إزالته جراحيا، إضافة إلى العلاجات التي تم إتباعها في السابق، فقد يتم إجراء جراحة إضافية لاستئصال أكثر كمّ ممكن من أنسجة الورم، و إن تعذر ذلك لأي سبب، فقد يتم استخدام العلاج الكيماوي بنفس الأدوية السابقة أو أدوية كيماوية أخرى، أو بجرعات عالية تتبعها عمليات الزرع الذاتي لنقى النخاع العظمي، بينما إن عاد الورم و ظهر بالرئتين فمن المعتاد إجراء جراحة لإزالته، و إن ظهر بمواضع أخرى إلى جانب الرئتين، فيتم عادة استخدام العلاج الكيماوي، و الدراسات السريرية جارية لاختبار علاجات مستحدثة.

 


 

عقب انتهاء المعـالجات

 

      من الضروري إجراء فحوصات دورية شاملة تستمر لعدة سنوات عقب انتهاء المعالجات، بُغية تقصي أية علامات على عودة أورام يوينغ أو انتقالها أو نشوء أورام جديدة، إضافة إلى مراقبة المضاعفات و التأثيرات الجانبية المختلفة للعلاجات المتلقاة، سواء الآنية أو المتأخرة و التي قد تظهر بعد سنوات ( يُرجى الانتقال لصفحة المضاعفات المتأخرة لعلاجات الأورام للإطلاع على المزيد من التفاصيل )، و تشمل هذه الفحوصات إضافة إلى الفحص السريري الدقيق و قياس معدلات النمو، التحاليل المخبرية بأنواعها و الفحوصات التصويرية و الأشعات المختلفة، خصوصا لموضع الورم و للرئتين، و يتم إجراؤها بجدولة زمنية معينة تختلف حسب كل حالة على حدة، ( و من المعتاد في كل الأحوال إجراء بعض الفحوصات التصويرية شهريا خلال الستة اشهر الأولى و من ثم كل ثلاثة اشهر بالسنة الأولى و بمعدل اقل بالسنوات اللاحقة ).

و من المهم جدا بطبيعة الحال أن يتم إخطار الفريق الطبي في الحال عند ظهور أية أعراض أو مضاعفات جديدة، و التي قد تدل على حدوث انتكاس و عودة النمو الورمي، أو تشير إلى وجود مضاعفات و تأثيرات جانبية للعلاجات المتلقاة، كي يتسنى اتخاذ الإجراءات الطبية اللازمة بشكل مبكر.

 


 

 

 

 

 المراجع :

 

 

آخر مراجعة : 17-02-2016 - بدون تعديل

 


( اللهم ربّ الناس، أذهب البأس، أشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاءاً لا يغادر سقماً )

 

الرئيسية حول سرطان الطفولة أنواع الأورام معالجات السرطان العناية الداعمة

 

مقالات الموقع متاحة للطبع أو النشر بدون تقييد

Adam Childhood Cancer Society