جمعية آدم لسرطان الطـفولة

Adam Childhood Cancer Society

حول سرطان الطفولة حول أنواع الأورام معالجات السرطان العناية الداعمة الرئيسية
 

 


 

مقـدمـة

 

        الأورام اللحمية للعظام ( Osteosarcomas ) أو الأورام الغرنية العظمية، هي أورام سرطانية من النوع الغرني تنشأ بالعظام، و يمكن تعريف الأورام اللحمية الغرنية ( sarcoma ) بأنها أورام تنشا بشكل رئيسي في العظام و الأنسجة الرخوة، ( مثل العضلات، و الأنسجة الضامة كالأوتار التي تربط العضلات بالعظام، و الأنسجة الليفية و الغضاريف، و الأنسجة الزلالية المحيطة بالمفاصل )، إضافة إلى الشحوم، و الأوعية الدموية، و الأنسجة العصبية، و يُعد الورم الغرني للعظام من أكثر أنواع سرطان العظام شيوعا، و أكثرها انتشاراً لدى الأطفال، و يظهر عادة قبيل سن العاشرة و عند المراهقين و اليافعين، و يزيد معدله بنسبة الضعف عند الذكور عنه لدى الإناث، و من المعتاد أن ينشأ بالعظام المحيطة بالركبة على وجه الخصوص، و في عظام العضد و الفخذ بنسبة اقل دون أن ينبث إلى المفاصل المجاورة، و عند نسبة تقترب من 20 % من الحالات يكون الورم منتقلا من موضع النشأة عند التشخيص، و من المعتاد انتقاله إلى الرئتين ( حوالي 80 % من حالات انتقال الورم تكون بالرئتين )، و بنسبة اقل ينبث إلى عظام أخرى.

 

 

 

      و قد تبدو العظام جامدة و ثابتة دون تغير، إلا أنها نسيج حي و معقد و متفاعل على الدوام، و يتكون من خلايا حية شأن كل أنسجة الجسم، و ثمة بجميع العظام طبقة خارجية من عظم مصمت و كثيف تُعرف بالقشرة، تغطيها محفظة ليفية تعمل كنسيج ضـامّ و تُعرف بالسمحاق ( periosteum ) تشدّ إليها أوتار العضلات و أربطة المفاصل، و تنتشر عبرها الأوعية الدموية ممتدة إلى عظم القشرة، التي يليها إلى الداخل نسيج شبكي يُعرف بالعظم الإسفنجي يتخلله النخاع العظمي، و هو نسيج ضام يقوم النوع الأحمر منه بإنتاج خلايا كريات الدم المختلفة.

      و ثمة نوعين من الخلايا العظمية إضافة إلى خلايا النخاع العظمي :

  • الأوليّات العظمية ( osteoblasts ) : أو البانية للعظم، و هي المولدة للخلايا العظمية و المكونة لبُنية العظم، حيث تفرز مادة بين الخلايا العظمية تسمى العظمين يتم فيها ترسيب الكالسيوم و الفوسفور و الكربون مما يؤدي إلى تصلبها و إحاطة كل خلية بمحفظة عظمية.

  • الناقضات العظمية ( osteoclasts ) : و هي المسؤولة عن تحلل المعادن بالعظام، و منع تراكم إنتاج العظمين، كما أنها تساعد في المحافظة على نسب اعتيادية من هذه المعادن بالدم.

 

 

 

و عند أطراف كل عظمة تتواجد الغضاريف ( Cartilage )، و هي أنسجة ضامّة تجمع بين الصلابة و المرونة، و تعمل كمهاد فيما بين العظام، و تكون مع الأربطة و بعض الأنسجة الأخرى مفاصل العظام، كما أنها و على خلاف العظام لا تحتوي على الكالسيوم، و تفرز الخلايا الغضروفية مادة بينية تسمى الغضروفين.

و تجدر الإشارة إلى وجود ثلاثة أنواع من العظام بالجسم :

  • العظام المسطحة ( flat bones )، و هي تعمل على حماية الدمـاغ و الأعضاء الحيوية بمنطقة الصدر و التجويف البطنـي و الحوض، مثل عظام الجمجمة و الكتف.

  • العظام الطـويلة و هي التي تدعم الأطراف، مثل عظام الفخذ و العضد و الساق.

  • العظـام القصيرة مثل عظام المعصم و الفقرات.

تشريح العظام الطويلة

  

      و كما سبقت الإشارة، يُعد ورم العظام الغرني و يسمى أحيانا الورم عظمي المنشأ ( osteogenic ) من أكثر أنواع سرطان العظام شيوعا، و من المعتاد أن ينشأ بمواضع كردوس العظم ( بأطراف العظام الطويلة ) حول الركبتين، حيث عند حوالي 80 % من حالات الأطفال و المراهقين ينشأ بالعظام المكونة للركبتين، و بطرف عظم الفخذ و طرف عظم الساق المتصلين بالركبة، و ينشأ بنسبة اقل بطرف عظم العضد المتصل بالأكتاف، كما قد ينشأ بأي نوع من العظام بما في ذلك عظام الفكّين و الحوض و الكتفين.

و يمكن لخلاياه الانتقال من العظام إلى الأنسجة المجاورة مثل العضلات و الأوتار و الشحوم، و قد تنتقل عبر الدورة الدموية إلى الرئتين أو عظام أخرى أو أعضاء حيوية داخلية، كما أن لخلايا هذا الورم القدرة على تكوين مادة العظمين مثلما تفعل الخلايا العظمية الأولية، إلا أن النسيج الناتج بطبيعة الحال يكون هشا و ضعيفا و مشوها.

      و نُشير إلى وجود أنواع أخرى من الأورام تصيب العظام لدى الأطفال، منها أورام يوينغ ( Ewing’s tumors ) التي تأتي بالمرتبة الثانية ضمن أورام العظام عند الأطفال، كما توجد أنواع أخرى تنشأ غالبا لدى البالغين و تُعد نادرة جدا لدى الأطفـال، مثـل أورام الخـلايا النسجية الليفـية بالعظام ( malignant fibrous histiocytoma of bone )، و  أورام الغضـاريف الغـرنية
(
chondrosarcoma )، و من جهة أخرى ثمة العديد من الأورام الحميدة التي تظهر بالعظام أو الغضاريف، منها الورم الحُبيبي الحَمَضي بالعظام ( eosinophilic granuloma of bone )، و الأورام الصفراء ( xanthomas  )، و الأورام الوعـائية الليمفـاوية ( lymphangiomas ).

 


 

 

 

 

أنـواع الأورام اللحمية بالعـظام

 

      تُصنف أورام العـظام الغرنية إلى ثلاث درجات تبعا لنسق نمـو خـلاياها و تمظهـرها تحت المجهر، أورام بدرجـة عليـا ( high grade )،  و متوسطة ( intermediate ) و دنيا ( low grade )، حيث يُعد الورم من الدرجة العليا عند وجود الكثير من الخلايا الورمية النشطة و التي تتكاثر بوفرة، إضافة إلى عدم نضج و اكتمال العظمين الذي تنتجه، بينما يُعد الورم من الدرجة الدنيا عند وجود القليل من الخلايا الورمية النشطة و يبدو العظمين ناضجا و مكتملا.

      و ثمة العديد من الأنواع الفرعية حسب هذا التصنيف، من أهمها :

  • الورم الاعتيادي المركزي ( Conventional central )، و الورم ضئيل الخلايا ( Small cell
     و الورم السطحي من الدرجة العليا (
    High grade surface )، و الورم متسع الأوعية الشعـرية
    (
    Telangiectatic )  و تصنف جميعها بالدرجة العليا.

  • الورم السمحاقي ( Periosteal ) و يصنف بالدرجة المتوسطة.

  • المجاور للسمحاق ( Parosteal )، و داخل العظم من الدرجة الدنيا ( Intraosseous )، و يُصنف هذين النوعين بالدرجة الدنيا.

      و يجدر بالذكر أن العظمين يظهر عند النوع الاعتيادي قاصر النضج و يسمى بشبيه العظم ( osteoid ) أو الخُلبي، بينما يحتوي النوع متسع الأوعية الشعرية على فراغات بينية مليئة بالدم، و يحتوي النوع الضئيل الخلايا على القليل جدا من العظمين.

 


 

 

 

حـول عوامل الخطورة لنشوء الأورام اللحمية للعـظام

 

      يُشير تعبير عوامل الخطورة ( Risk factors ) إلى العوامل و الظروف المؤهبة التي تزيد من احتمال العرضة لأي مرض، مثل السرطان، عند أي شخص، و ثمة عوامل خطورة لكل نوع من الأورام، و قد تتضمن عوامل خطورة وراثية أي ترتبط بخصائص المورثات، إضافة إلى عوامل ترتبط بالبيئة أو نمط المعيشة و الظروف الحياتية، و رغم أن العوامل المتعلقة بنمط المعيشة مثل التدخين و التغذية السيئة أو تعاطي المسكرات تعد من العوامل المهمة لدى العديد من أورام البالغين، إلا أن تأثيرها معدوم أو ضعيف عند التطرق لأورام الأطفال، و فيما يتعلق بعوامل الخطورة المتعلقة بالبيئة، لم يتبين للباحثين أي رابط بين نشوء الأورام اللحمية للعظام و بين العوامل البيئية سواء قبل الولادة أو بعدها، مثل التعرض للكيماويات السامة أو تلوث المياه و الهواء، كما لم يتبين وجود أي رابط بظروف أخرى مثل استخدام الأشعة السينية أثناء الحمل أو خلال فترة الطفولة، أو تناول أنواع العقاقير المختلفة، عدا أن بعض الدراسات تفيد بأن تعرض العظام المتكرر للكسور أو الرضوض بنفس الموضع تحمل نسبة خطورة ضئيلة جدا لنشوء مثل هذه الأورام لدى الأطفال.

العـمر

      تزداد نسبة الخطورة خلال فترة المراهقة و فورة النمو البدني، و لوحظ أن الأطفال المصابين بهذا الورم هم عادة أطول من أقرانهم، مما يشير إلى وجود علاقة بين نمو العظام و خطر تكوّن الورم، و مما يدعم هذه النظرية الدراسات التي أجريت على حالات هذا الورم عند الكلاب، حيث تزيد نسبة الخطر لنشوئه بثمانين مرة عند الكلاب كبيرة الحجم ( أكثر من 10 كيلوغرامات ) عنها لدي صغيرة الحجم.

عـوامل الخطورة المتعـلقة بعـلاجات الأورام

      تفيد العديد من الدراسات الطبية عن وجود علاقة مباشرة، و بنسبة خطورة صغيرة، بين معالجة مرضى السرطان سواء البالغين أو الأطفال بالعلاج الإشعاعي، و بين ظهور أورام ثانوية غير الورم الأصلي المُعالج خلال فترات لاحقة من الحياة، و منها نشوء أورام العظام الغرنية الثانوية بالعظام الواقعة ضمن حقل المعالجة الإشعاعية، و التي تزداد نسبة الخطورة لتطورها عند تلقي المعالجات في فترات مبكرة من العمر إضافة إلى تلقي جرعات عالية ( تزيد عادة عن 60 جراي )، و تُعد مثل هذه الأورام الثانوية أكثر شيوعا لدى البالغين حيث تظهر عقب عدة سنوات من انتهاء المعالجات الإشعاعية.

عـوامل الخطورة الوراثية و عـلل المورثات

      تبين للعلماء منذ عقود أن الإنسان قد يرث بعض التبدلات و الاختلالات بالشفرات الوراثية بالحمض النووي للخلايا، و التي بدورها تسبب أمراضا تنتشر في عائلات بعينها، و ثمة نسبة خطورة عالية للعديد من الأمراض عند ولادة الأطفال مع وجود بعض أنواع العيوب الخلقية، و من العوامل الوراثية التي تزيد من نسبة الخطورة لنشوء الأورام الغرنية للعظام:

  • متلازمة لي فراومني (  Li-Fraumeni ) : و التي إضافة إلى أنها تزيد من نسبة الخطر لنشـوء أورام ابيضـاض الـدم
    و أورام الأنسجة الرخوة و سرطان الثدي و الأورام الدماغية، تحمل نسبة خطورة أيضا لنشوء أورام العظام الغرنية.

  • أورام أوليّات الشبكية ( Retinoblastoma ) : و هي أورام تنشا بالخلايا الأوليّة المكونة لأنسجة شبكية العين، و ينتج بعض أنواعها عن اختلالات وراثية ( حوالي 40 % تقريبا من حالات هذا الورم ناتجة عن الاستعداد الوراثي )، و تزيد نسبة الخطورة لنشوء الورم الغرني للعظام عند الأطفال المرضى بالنوع الوراثي، كما أن تلقيهم لمعالجات إشعاعية تزيد من احتمالات نشوء هذا الورم بعظم الجمجمة.

وجود عـلل أخرى بالعـظام

      ترتفع نسبة الخطورة لنشوء هذا الورم لدى الأطفال و المراهقين المصابين ببعض الأمراض غير السرطانية، و ذلك خلال فترات لاحقة من الحياة، من أهمها :

  • داء باجيت العظمي ( Paget's disease of bone ) أو التهاب العظم المشوه :
    و هي علّة غير خطرة و حميدة إلا أنها ممهدة للتسرطن (
    precancerous )، و تظهر عادة بالسـن ما فـوق الخمسين سنة و قد تنشأ بالعظام بمواضع متعددة و ينتج عنها تشوه بالتكوين العظمي، بحيث تبدو العظام أكثر ثقلا و سمكا من العظام الطبيعية إلا أنها بالمقابل ضعيفة و هشة سهلة الكسر، و ينشأ الورم الغرني عند نسبة تتراوح بين 5 إلى 10 % من الحالات الحادة لهذه العلة و غالبا عند تعدد العظام المصابة.

  • الورم العظمي الغضروفي المتعدد ذو الأصل الوراثي ( Multiple hereditary osteochondromas ) :
    و هو ورم حميد يتكون بالعظام و الغضاريف و من المعتاد إزالته بالجراحة دون مخاطر، إلا أنه قد يظهر بعدة مواضع في آن واحد، و ثمة نسبة خطورة قليلة لأن يتحول أي منها إلى ورم غرني، و تزداد نسبة الخطورة عند الأشخاص ذوي الاستعداد الوراثي لنشوء هذه الأورام، و خصوصا عند الإصابة بالعديد منها بنفس الوقت بحيث قد تتعذر إزالتها جميعا.

  


 

 

 

 

حول نشوء الأورام اللحمية للعـظام

 

     يلزمنا لفهـم كيفية نشوء الخلايا السرطانية، الإلمام ببعض المعـلومات الأولية و الأساسية عن المـورثات ( genes )، و الخصائص الوراثية، فالمورث عبارة عن جزء من الحمض الريبونووي ( deoxyribonucleic acid DNA ) يحمل خصائص وراثية معينة و لديه وظيفة حيوية محددة، و كمثال تحدد المورثات لون العينين و البشرة، أو فئة الدم، و هذا الحمض هو المادة الكيميائية التي تحمل التعليمات الموجهة لنظام و دورة حياة الخلايا، و يقوم بالتحكم في كل نشاطاتها، و يُعد نوع التغيرات الشاذة في الحمض النووي للمورثات العامل المؤثر في تحديد نوع المرض الذي قد يصيب الإنسان، و المورثات هي أجزاء من الصبغـيات
(
chromosomes )، التي من الممكن تشبيهها بشريط خيطي مظفـور من الحمض النووي فائق الطول، يحتوي على الآلاف من المورثات تصطف على امتداده، و ينتظم الحمض النووي بدقة في 23 زوجا من الصبغيات، يرث الإنسان النصف من كل زوج عن أحد الوالدين.

      و ثمة أنواع متعددة و كثيرة جدا من المورثات، و لكل منها وظائف حيوية و خصائص وراثية محددة، و يحتوي بعضُ من أنواعها على التعليمات و الشفرات الوراثية التي تتحكم في آلية النمو و الانقسام، و بالتالي التضاعف و التكـاثر لإنتاج خلايا جديدة، و من هذه مورثات معينة تحث و تُعدل عمليات انقسام الخلية، و تسمى اصطلاحًا بالمورثات الورمية ( oncogenes )، و مورثات أخرى تُبطيء و تكبح الانقسام و التكاثر، أو تُعطي التعليمات للإفناء الذاتي للخلية عند الحاجة، و تسمى بالمورثات الكابـحة للتـورم
(
Tumor suppressor genes ).

      و بمعنى آخر، تقوم الخلايا بالتكاثر و الانقسام و النمو بتوجيه من برنامج مشفّر بحمضها النووي، و تتلقى إشارة بالتوقف عند حدّ معين حيث يتوفر الكمّ المطلوب من الخلايا، فيتوقف الانقسام و التكاثر، و يتم تشغيل برامج تالية توجه الخلايا لإنتاج البروتينات اللازمة لتصبح خلايا بالغة و متخصصة قادرة على القيام بالمهام المنوطة بها، أي أن نظام الانقسام و النمو و العمل، يتوقف و يبـدأ و ينشط حسب نظام متسلسل تعاقبي، و خالٍ من الأخطاء لينتج خلايا طبيعية سليمة، و ثمة عدة أوجه لعرقلة و مقاطعة تقدم هذا النظام المنهجي، فمثلا إذا حدث قصور في إشارة التوقف و لم تعمل لسبب ما، تستمر الخلايا في الانقسام و التكاثر دون ضوابط و تكون كتلة شاذة متضخمة، أو عند حدوث قصور في عمل المورثات الكابحة للتورم، التي تنتج بروتينا معينا يكون مسؤولا عن توقيف الخلية عند وجود عطب بالحمض النووي، سواء لإصلاح الخلل أو لإفنائها ذاتيا عند تعذر الإصلاح، فحين لا يعمل هذا البروتين لسبب ما، تستمر الخلايا ذات الحمض النووي المعطوب في الانقسام، و إنتاج خلايا جديدة، مسببة المزيد من العطب في المورثات الأخرى، التي تتحكم في نمو و تطور الخلايا و ينتهي الأمر بنشوء السرطان.

      و من جهة أخرى قد يرث المرء بعضا من التغيرات الشاذة ( أو الأعطاب ) بالحمض النووي عن والديه، الأمر الذي يفسر ظهور بعض العلل بشكل شائع لدى بعض العائلات، و تسمى هذه التغيرات بالتحورات أو التبدلات الجذرية للبُنية ( mutations
و التي تنشا أيضا لأسباب غير مفهومة و غير مبررة أسوة بصور الإختلال الأخرى التي تصيب هذا الحمض، و التي يمكن تلخيصها في النقاط التالية :

  • شرود للصبغيات و تبادل المواقع ( Translocation ) بين جزأين من الحمض النووي، أي أن مقطعا من الحمض النووي بصبغي معين يشرد ملتحقا بصبغي مختلف و غير متماثل معه، مما يؤدي إلى إعادة ترتيب البرامج المشفرة بالحمض النووي للخلية مع ثبات الخطأ و تعطل النظام و السياق الموجه لأطوارها المختلفة، و هذا الاختلال على وجه الخصوص يُعد مسؤولا عن نشوء بعض الأنواع من أورام الأطفال، مثل مجموعة أورام يوينغ و بعض أنواع اللوكيميا.

  • الانعكاس أو الانقلاب ( inversion ) مما يعني أن جزءا من صبغي ما تراكب بشكل مقلوب و ظل منعكسا إلا انه لا يزال مرتبطا بنفس الصبغي.

  • الإضافة ( addition ) أي أن جزءا من صبغي ما ( أو الصبغي بكامله ) قد تضاعف و تتواجد نسخ كثيرة منه بالخلية.

  • الفقدان أو المحو ( deletion ) لبعض من مقاطع حمض نووي بصبغي معين.

و من هنا يمكن أن تتسرطن الخلايا الطبيعية عند حدوث أي من أنواع الاختلال المذكورة ببُنية الحمض النووي،  ( أي التحورات الشاذة بالبُنية أو شرود الصبغيات أو المحو أو الانعكاس أو الإضافة ) و التي تدفع بدورها ( بشكل مباشر أو غير مباشر ) إلى تشغيل المورث الورمي دون ضوابط ( مما يفقده القدرة على التحكم في نمو الخلية و تكاثرها )، أو يُبطل عمل المورثات الكابحة للتورم، و ينتهي الأمر بنشوء ورم سرطاني، و من المهم معرفة أنه و عدا عن الإختلالات الوراثية التي تزيد من نسبة الخطر لنشوء بعض الأورام، لا يعرف العلماء الأسباب الحقيقية و المؤكدة التي تؤدي إلى حدوث أنواع الاختلال بالحمض النووي، ( أو التي تقدح الزناد ) و التي تؤدي إلى تسرطن الخلايا الطبيعية و نشوء الأورام.

      و في كثير من الأحيان لا يوجد سبب واضح و ظاهري للكثير من اختلالات الحمض النووي، إلا أنها قد تعود إلى أخطاء عشوائية تحدث عند تكاثر الخلايا، ففي كل مرة تتهيأ فيها الخلية للانقسام إلى خليتين جديدتين، تقوم بصنع نسخة عن حمضها النووي، و هذه العملية أحيانا لا تكون مُتقنة و تحدث أخطاء بالنسخ، و لا يعرف العلماء لماذا أو كيف تحدث مثل هذه الأخطاء عند بعض الأشخاص دون غيرهم، و رغم وجود عدة إنزيمات بالخلايا تختص بالمراجعة و التدقيق و من ثم التصحيح، إلا أن بعض الأخطاء تمر أحيانا خصوصا عند النمو السريع للخلايا، حيث و قبل أن تتمكن الخلية من إصلاح اختلال الحمض، يمكن أن تتكوّن خلايا جديدة و تأخذ بالانقسام بدورها مع وجود الخلل و يكون أوان الإصلاح قد فات، و تكون التعليمات المتحكمة في النمو و الانقسام قد تغيرت بشكل نهائي، مما يؤدي إلى تطور نمو سرطاني مثل أورام العظام، و لهذا السبب تزداد نسبة الخطورة لنشوء الورم الغرني للعظام عند فترات النمو السريع للخلايا، سواء في الظروف العادية بمرحلة المراهقة و فورة النمو البدني، أو عند الإصابة بداء باجيت الذي يزيد من سرعة نمو الخلايا العظمية.

      و قد تبين للباحثين بعض الدلائل على كيفية نشوء الأورام الغرنية للعظام من أهمها :

  • تأثيرات متلازمة لي فراومني ( Li-Fraumeni  ) و التي تنشأ عن وراثة اختلال بالحمض النووي يؤدي إلى إحباط المورث الكابح للتورم المسمى بي 53 ( p53 tumor suppressor gene )، بحيث لا تعمل بروتينات هذا المورث المسؤولة عن توقيف الخلية لإصلاح أعطاب الحمض النووي، الأمر الذي يزيد من نسب الخطورة لنشوء العديد من الأورام و منها الأورام الغرنية للعظام.

  • وجـود اختلالات وراثية بالمورث الكابح للتورم المسمى آر بي (  Rb tumor suppressor gene  ) و التي إضافة إلى أنها تزيد من نسبة الخطر لنشوء أورام أوليّات الشبكية ( retinoblastoma )، تزيد أيضا من احتمالات نشوء الورم الغرني بالعظام.

      و نشير إلى أن التغيرات الشاذة ببُنية الحمض النووي و المرتبطة بنشوء الأورام الغرنية للعظام عند أغلب الحالات هي أعطاب مكتسبة و عارضة عقب الولادة و خلال فترة الحياة و ليس قبلها بالوراثة، و من المهم تذكر أنه لا توجد أية عوامل خطورة معروفة و مؤكدة عند معظم المرضى بهذه الأورام، و لا أحد يعرف أسباب نشوئها لديهم، و لم يكن ثمة ما يمكن فعله لتجنبها.

 


 

 

 

حول أعـراض الأورام الغـرنية للعـظام

 

  تظهر الأعراض المبكرة بشكل معتاد على هيئة ألم بالموضع، يكون متقطعا في البداية و قد يزيد بالليل، كما انه يتفاقم عند مزاولة نشاطات بدنية و قد ينتج عنه عرج إن كان بالرجلين، مع ظهور تضخم عقب مرور أسابيع، أو كتلة رخوة و متماسكة و منحصرة ضمن العظم، و يمكن ملاحظتها و الشعور بالألـم عند الضغط عليها و ملامستها، و قد يسبب الـورم مصاعب بالحركة و هشاشة و ضعف بالعظم بما يؤدي أحيانا إلى كسره أو تشققه، خصوصا عند نشوء النوع متوسع الأوعية الشعرية ( Telangiectatic )، الذي يُضعف العظام بصفة خاصة، و يتسبب في إحداث كسور عظمية عند حوالي 30 % من الحالات، و من المعتاد أن يصف المرضى الوضع عند وجود كسور بموضع الورم أو بمواضع مجاورة، بالقول أنهم عانوا من ألم خفيف لعدة اشهر ثم أصبح حادا بشكل مفاجيء، و من جهة أخرى تظهر عند حالات قليلة أعراض بدنية شاملة، مثل الحمى أو فقدان الوزن و الإعياء أو فقر الدم.

    و عند ظهور الأعراض التي يمكن أن تُعزى إلى أي من الأورام العظمية، و الارتياب بوجود الورم الغرني بالعظام، يقوم الطبيب بإجراء سلسلة من الفحوصات و التحاليل المخبرية، و التقاط صور إشعاعية مختلفة من أشعات سينية، و التصوير الإشعاعي الطبقي ( Computed tomography scan )، إضافة إلى التصوير بالرنين المغناطيسي ( Magnetic resonance imaging باستخدام الموجات المغناطيسية لوضع صور متعددة للجسم )، لتحديد مختلف جوانب الورم بدقة، و من المعتاد إجراء الخزع الجراحي ( biopsy )، بهدف استخلاص خزعة من أنسجة الورم جراحيا ليتم فحصها تحت المجهر، لتحديد نوعه و خواصه الحيوية.

( يُرجى الانتقال لصفحة الفحوصات و التحاليل المخبرية لمزيد من التفاصيل ).

  


 

 

 

 

التصنيف المرحلي لأورام العظام اللحمية عند الأطفال

 

      عند تشخيص الحالة على أنها ضمن الأورام اللحمية للعظام، يتم إجراء المزيد من التحاليل و الفحوصات لتحـديد حجم الـورم و خواصه الحيوية، و التحقق من مدى انتقاله من موضع نشوئه إلى الأنسجة المحيطة أو إلى أية مواضع أخرى، و من خلال جميع المعطيات يتم وضع التصنيف المرحلي للورم ( Staging )، و من الضروري بطبيعة الحال تحديد هذا التصنيف ليتسنى ترتيب خطة المعالجة المناسبة و للتكهن بالمردود العلاجي المتوقع، و لا يوجـد في الوقت الحاضر نظام تصنيف محدد لهذه الأورام، و عوضا عن ذلك يتم تصنيف الحالات حسب مدى الانتشار.

      و يتضمن هذا التصنيف :  الورم الموضعي المنحصر، و الورم المنتشر أو المنبث، و الورم الراجع.

الورم الموضعـي المنحصر ( Localized )

      مما يعني أن الورم منحصر بموضع نشوئه بالعظام أو بالأنسجة الملاصقة، و لم ينتشر إلى مواضع أخرى بالجسم، و بطبيعة الحال تنقسم هذه الفئة إلى نوعين، الأورام الموضعية القابلة للاستئصال ( localized resectable )، و الموضعية متعذرة الاستئصال ( localized nonresectable ).

الورم المنتقل أو المنبث ( Metastatic )

      مما يعني أن الورم قد إنتقل من موضع نشوئه و تكونه بالعظام إلى مواضع أخرى بالجسم، و من المعتاد انتقاله إلى الرئتين،
و قد ينبث إلى عظام أخري.

الورم الراجع ( Recurrent  )

        و هذه المرحلة تعني أن الورم قد عاد و ظهر بعد أن تمت معالجته، و قد يعود بنفس موضع المنشأ الأصلي حيث بدأ، أو بالأنسجة المحيطة، أو يعود بجزء آخر من الجسم.

 


 

 

 

 

حول معـالجة الأورام اللحمية للعـظام

 

      ثمة علاجات لكل حالات هذا النوع من الأورام لدى الأطفال و اغلبها قابلة للشفاء، و تعتمد خطة المعالجة على عدة عوامل، أهمها موضع الورم و حجمه و حيويته و مدى تركزه، و درجته و مدى انتقاله خارج موضعه، و تمظهر خلاياه تحت المجهر، و الكمّ الممكن إزالته جراحيا من أنسجته، و الفترة الزمنية منذ ظهور الأعراض، إضافة إلى عمر الطفل و حالته الصحية العامة، و عادة يُعالج الطفل مبدئيا بإتباع المعالجات القياسية الذي أثبتت فعاليتها.

و تُعد الجراحة خط المعالجة الأوليّ و الأساسي، مقترنة بالعلاج الكيماوي مع العلاج الإشعاعي أو بدونه، و قد تختلف الخطط العلاجية بطبيعة الحال حسب الحالة و تبعا للعوامل المذكورة آنفا.

 

الجراحـة

 

        يتضمن العمل الجراحي إجراء الخزعات لأغراض التشخيص و المعالجة الجراحية، و من المهم أن يتم التخطيط لكليهما بنفس الوقت و على يد نفس الجراح، و تستهدف المعالجة بطبيعة الحال استئصال أكثر كمّ ممكن من نسيج الورم و بعض الأنسجة السليمة المحيطة بالموضع، و قد يتم اللجوء إلى عمليات البتر بإزالة الورم و كل العضو المصاب مثل الذراع أو القدم أو جزء منها، أو بجراحة استبدالية، إذ أن البتر في العقود الماضية كان يُعد العلاج الوحيد الممكن لكثير من الحالات، أما في الوقت الحاضر فقد تقدمت المعالجات الجراحية حيث يمكن إزالة أجزاء كبيرة من العظام و استبدالها بتطعيمات عظمية أو صفائح و قضبان معدنية أو بدائل صناعية ( prosthesis ) مثل العظام و المفاصل المصنوعة من اللدائن و المعادن، لتعوض جزء العظام الذي يتم استئصاله مع الورم، فيما يُعرف بجراحة استنقاذ الأعضاء ( Limb-salvage surgery ) بإزالة الورم دون بتر، و بالتالي يمكن المحافظة على وظيفة الموضع أو العضو المصاب، و من البديهي دراسة كلا الخيارين بين الأطباء و الأهل و التشاور حول أفضل الوسائل لاستئصال الورم، و بنفس الوقت المحافظة على أكبر قدر ممكن من فاعلية الطرف المصاب.

و في أغلب الأحوال لا يتم البدء بالعمل الجراحي قبل فترة من الوقت يتم خلالها تلقي جرعات من العلاج الكيماوي أو الإشعاعي أو كليهما، في مسعى لإستبقاء أكثر كمّ ممكن من أنسجة الموضع المصاب، و عند الورم الموضعي يتم عادة البدء بالعلاج الكيماوي عقب الجراحة مباشرة للقضاء على أية خلايا ورمية قد تكون متبقية.

        و تُعد جراحة الاستنقاذ أو الجراحة الاستبدالية، و التي تُجرى خصوصا عند عدم وجود مؤشرات على إمكانية انتشار الخلايا الورمية، جراحة معقدة و متعددة الجوانب، إذ يتوجب استئصال كامل الورم و بنفس الوقت المحافظة على الأنسجة المجاورة من عضلات و أوتار و أعصاب و أوعية دموية، و استبدال العظم المستأصل بتطعيمات عظمية أو صفائح و قضبان معدنية، مع ما يستتبع ذلك من تعقيدات كحدوث العدوى أو ارتخاء التطعيمات و البدائل المزروعة، و بطبيعة الحال تستدعي المعالجة إجراء عدة عمليـات و عدة أشهر من العلاج الطبيعي حتى يتمكن الطفل من استخدام العضو المصاب بفاعلية، و تتماثل معدلات الشفاء لدى المرضى المعالجين بهذه الطريقة مع معدلات عمليات البتر التي حالياً لا يتم اللجوء إليها إلا في حالات نادرة و محددة.

        أما جراحة البتر فقد تكون الخيار الوحيد عند بعض الحالات، فإن كان الورم يتموضع بعظم يصعب استبداله أو يمتد إلى الأنسجة العصبية أو الأوعية الدموية أو كليهما، فقد يتعذر إنقاذ الطرف المصاب، و يتم غالبا الاستعانة بتخطيط الرنيـن المغناطيسي و فحوصات الأنسجة أثناء الجراحة، لمساعدة الجراح على اتخاذ القرار حول موضع و مقدار البتر للذراع أو القدم، و يتم تخطيط الجراحة بحيث تتمكن العضلات و الجلد من الالتئام، و تكوين ثنية حول العظم المبتور بشكل يساعد على تثبيت طرف صناعي يمكن تركيبه لتعويض العضو المبتور.

( يُرجى الانتقال إلى صفحة الجراحة لمزيد من التفاصيل حول جوانب العمل الجراحي ).

  


 

 

 

العـلاج الكيمـاوي

       

      العلاج الكيماوي هو علاج باستخدام أدوية خاصة تُعرف بالعقاقير الكيماوية المضادة للسرطان، تقوم بالقضاء على الخلايا السرطانية و تدميرها، و ذلك بعرقلة و تقويض نسق العمليات الحيوية داخلها، و تأتي الميزة الرئيسية لهذا العلاج في مقدرته على معالجة الأورام المتنقلة و المنتشرة، بينما يقتصر العلاج الإشعاعي أو العمل الجراحي على معالجة الأورام المنحصرة بمواضع محدّدة، و تعود فاعليته المتميّزة إلى حقيقة أن الخلايا السرطانية، بطريقة ما، هي أكثر حساسية و أشد تأثراً بالكيماويات من الخلايا الطبيعية. و قد يتم استخدامه كعلاج وحيد في بعض الحالات، أو جزء من برنامج علاجي متكامل يتضمن عدة عـلاجات مشـتركة، و يتم اتخاذ القرار باستخدام هذا العلاج، بالموازنة ما بين فعّاليته و تأثيراته الجانبية و مضاعفاته المستقبلية، و بين خطورة السرطـان، و بطبيعة الحال فمضاعفاته و آثاره مقبولة مقارنة بالمرض نفسه، إضافة إلى المردود العلاجي الإيجابي بدرجة كبيرة.

    و قد يُسمى العلاج الكيماوي علاجا جهازياً ( systemic )؛ نظراً لانتقال العقاقير الكيماوية عبر الدورة الدموية إلى كل أجزاء الجسم، و مقدرتها على تدمير الخلايا السرطانية حيثما تبلُغ، و قد يتم استخدامه قبل المباشرة بالجراحات عند الأورام الصلبة تحضيراً لها و بُغية تسهيلها؛ بحصره و تقليصه للورم، بما يُعرف بالعلاج الكيماوي المبدئي المساعد ( Neoadjuvant )، كما قد يُستخدم عقب الجراحة و استئصال الورم؛ بهدف القضاء على أية خلايا ورمية غير ممّيزة قد تكون متبقية، و المساعدة في تجنّب عودة السرطان، بما يُعرف بالعلاج الكيماوي المُضاف ( adjuvant ).

و يتم تناول أدوية العلاج الكيماوي بطرق و قنوات مختلفة، فمنها ما يؤخذ عن ‏طريق الفم على هيئة أقراص أو كبسولات أو سوائل، و أغلبها تُحقن بالجسم، بطرق الحقن المختلفة: الحقن في الوريد، الحقن في العضل، ‏الحقن في شريان رئيسي أو الحقن موضعيا مباشرة تحت الجلد، و إن كان الحقن الوريدي هو أكثر الطرق استخداماً، و قد تُستخدم وسائل أخرى للمساعدة على الحقن مثل ‏ القسطرات ( catheters )، التي يتم زرعها عادة بالصدر و يمكن استخدامها لفترات طويلة، كما يتم حقن الأدوية مباشرة إلى السائل الشوكي المُخّي المُحيط بالحبل الشوكي و الدماغ، فيما يُعرف بالحقن الغِمدي، سواء للقضاء على الخلايا الورمية، أو لحماية الجهاز العصبي المركزي و الدماغ، و يتم ذلك عادة بالحقن عبر الفقرات القَطَنية أسفل العمود الفقري، أو عبر أداة قسطرة خاصة تُزرع تحت فروة الرأس تُعرف بمحفظة أومـايا ( Ommaya reservoir ).

      و عادة تتكون البرامج العلاجية من عدة دورات متكررة تفصل بينها فترات نقاهة، و قد يتلقى المريض خلال كل دورة توليفة مشتركة من عدة أدوية كيماوية، أو يتم الاقتصار على عقار واحد، حسب نوع الورم و المخطط العلاجي المتبع عند كل حالة، و بصفة عامة يتم استخدام العلاج الكيماوي خلال فترات زمنية متطاولة لتخفيض كمّ الخلايا السرطانية بالتدريج، إلى الحدّ الذي يتمكن فيه نظام المناعة بالجسم من السيطرة على أي نمو ورمي، إضافة إلى أن الفسحة الزمنية ما بين الجرعات توضع بُغية تحقيق أكبر تأثير على الخلايا السرطانية، و بنفس الوقت إعطاء فترة كافية للسماح للخلايا و الأنسجة العادية كي تتعافى من مفعول العقاقير الكيماوية، إذ أن لأنواع العقاقير المختلفة تأثيرات بدرجات متفاوتة على الخلايا و الأعضاء الطبيعية السليمة، خصوصا الخلايا و الأنسجة سريعة النمو و غزيرة التكاثر و دائمة الاستبدال، مثل خلايا النخاع العظمي، و خلايا الدم، و خلايا و أنسجة الجهاز الهضمي، إضافة إلى بعض الأعضاء الحيوية مثل الكبد و الكليتين، مما يؤدي بدوره إلى حدوث المضاعفات الجانبية المُصاحبة، و التي تتفاوت في الشـدّة و النوعية من عقار لآخر، و من شخص لآخر، و من دورة عـلاجية لأخرى حتى بالنسبة لنفس الشخص، و تعتمد أساساً على نـوع و جرعة العقار المُستخدم و تفاعل الجسم حياله، و هذه التأثيرات متعددة؛ و تشمل إحباط النخاع العظمي ( و بالتالي إنخفاض تعداد خلايا الـدم )‏، و مضاعفات الفـم و اللثة ( مثل الالتهابات و التقرح و الجفاف )، و تساقط الشعر المؤقت، و الإمسـاك و الإسهال، و الإعياء و الغثيان و التقيؤ و فقدان الشهية، و تحسس الجلد و البشرة، و يتم عادة تناول أدوية مُساعدة و اتخاذ بعض التدابير الوقائية و المساندة؛ لتجنب مثل هذه التأثيرات و للوقاية منها و للتخفيف من حدّتها، قبل الدورات العلاجية و أثناءها و عقب انتهائها.

( يُرجى الانتقال إلى صفحة العلاج الكيماوي، للإطلاع على تفاصيل أكثر حول هذا العلاج و أساليب إدارته و مضاعفاته ).

 


 

 

 

 

العـلاج الإشعـاعي

 

     العلاج الإشعاعي هو علاج باستخدام التطبيقات المختلفة للإشعاع المؤين ( ionizing radiation )، لتدمير الخلايا السرطانية و تقليص الأورام، سواء باستخدام العناصر و النظائر المُشعّة، أو باستخدام دفق إشعاعي، مُؤجّج و عالي الطاقة، من الأشعة السينية، أو أشعّة أخرى مثل أشعة جاما، أو دفق النيوترونات أو البروتونات، و تتركز فاعلية الإشعاع في مقدرته على تقويض و تفتيت الحمض النووي للخلايا الورمية، و هو المادة الحيوية و الأساسية لمختلف الوظائف الخلوية، مما يؤدي إلى القضاء عليها.

     يُعد العلاج الإشعاعي علاجا موضعياً، و هو ينقسم إلى نوعين؛ داخلي ( Internal )، حيث تُزرع العناصر المشعّة مباشرة داخل أنسجة الورم، أو قريبا منها، سواء بشكل مؤقت أو بصفة دائمة، و خارجي ( external )، حيث يُبث الإشعاع من آلة تُسلط الأشعّة على مواضع الأورام، و قد يتم استخدام كلا النوعين لدى بعض أنواع الأورام، و بطبيعة الحال و تلافيا لآثار الإشعاع، يتم اتخاذ تدابير وقائية أثناء المعالجة الإشعاعية، لحماية الأنسجة و الأعضاء الطبيعية السليمة بحقل المعالجة.

      و قد يتم استخدام العلاج الإشعاعي منفرداً، كعلاج وحيد، أو بصفة مشتركة مع علاجات الأورام الأخرى، و قد يُستخدم بديلاً عن الجراحة كعلاج أوليّ، عند بعض الأورام الصلبة، كما قد يُستخدم قبل المباشرة بالعمل الجراحي فيما يُعرف بالعلاج المبدئي المساعِد ( neoadjuvant therapy )، بُغية تقليص حجم الورم؛ لتسهيل استئصاله، أو يتم استخدامه عقب جراحات الاستئصال كعلاج مُضاف ( adjuvant therapy )؛ بُغية القضاء على أية خلايا ورمية غير مميّزة قد تكون متبقية.

      و بطبيعة الحال، للعلاج الإشعاعي مضاعفات و آثار جانبية مُصاحِبة، ترتبط إجمالا بموضع المعالجة، و تنجم بشكل عام عن تأثر الخلايا و الأنسجة سريعة النمو و الاستبدال، و من هذه التأثيرات: مضاعفات الجلد و البشرة، و الإعياء، و التهابات و جفاف الفم، و تساقط الشعر، و الغثيان، و المشاكل المعوية، و إحباط النخاع العظمي، و يتم اتخاذ بعض التدابير الوقائية و المُسانِدة، و تناول أدوية مُساعدة؛ لتجنب مثل هذه الآثار و للتخفيف من حدّتها.

 و تفيد العديد من الدراسات الطبية بأن الخلايا السرطانية بأورام العظام الغرنية تُعد مقاومة للإشعاع، أي أنها لا تموت بسهولة عند تعرضها للإشعاع المؤين، و لذلك لا يُعد العلاج الإشعاعي ضمن العلاجات الأساسية لهذا الورم، و قد أظهرت الدراسات أن المعالجات الإشعاعية لا تقدم الكثير أيضا عند استخدامها بالاشتراك مع الجراحة لدى الحالات التي تُعاني من انتقال الورم إلى الرئتين، كما أنها غير مفيدة في تخفيف الأعراض الموضعية مثل الألم أو التضخم، إلا أنها قد تستخدم لدى بعض الحالات عند تعذر الاستئصال الجراحي التام لأنسجة الورم.

( يُرجى الانتقال إلى صفحة العلاج الإشعاعي، للإطلاع على المزيد من التفاصيل حول هذا العلاج و طرق إدارته ).

  


 

 

 

 

حول المعـالجات حسب التصنيف المرحلي

 

الورم الموضعـي المنحصر

      تتكون الخطة العلاجية غالبا عند حالات الورم المنحصر و القابل للاستئصال ( دون وجود انتقال للخلايا الورمية عند التشخيص )، من العلاج الكيماوي المبدئي المساعد لتقليص حجم الورم، عادة لفترة عشرة أسابيع، يعقب ذلك إجراء جراحة استئصالية، و من ثم البدء بالعلاج الكيماوي المضاف بعدها مباشرة، و لفترات قد تصل إلى السنة، و قد يتم استخدام العلاج الإشعاعي في بعض الأحيان، و نشير إلى أنه عند بعض حالات الأورام من الدرجة الدنيا و القابلة للاستئصال يتم الاكتفاء بالجراحة دون استخدام العلاج الكيماوي، و من جهة أخرى يتم الاكتفاء بالعلاج الكيماوي فحسب عند حالات الأورام المنحصرة و متعذرة الاستئصال و لفترات تمتد إلى حوالي السنة.

و من المعتاد استخدام توليفات من عدة عقاقير كيماوية تشمل عقار ميتوتريكسات ( methotrexate ) بجرعات عالية، و عقار سيسبلاتين ( Cisplatin ) و آيفـوسفامايد ( ifosfamide ) و ايتوبـوسايد ( etoposide ) و كاربـوبلاتين ( Carboplatin )
و سايكلوفوسفامايد (
Cyclophosphamide ) و توبوتكان ( topotecan ).

الورم المنبث و المنتقـل

      من المعتاد أن يتلقى الأطفال ممن يعانون من أورام منبثة علاجات مشتركة تتكون من الجراحة، و كل من العلاجين الكيماوي أو الإشعاعي، و التي تتضمن استئصال الورم المنبث إلى الرئتين عند أغلب الحالات، و غالبا تبدأ الخطط العلاجية بالعلاج الكيماوي المبدئي المساعد لفترة 10 أسابيع ( و تزداد الفترات و كثافة الجرعات عند وجود انتقال و نشوء ورم ثانوي غير قابل للاستئصال )، يعقب ذلك إجراء جراحة لإزالة الورم الأصلي و كل أنسجة الورم الثانوي إن أمكن،  و من ثم البدء بالعلاج الكيماوي المُضاف بعدها مباشرة و لفترة قد تصل إلى السنة.

معـالجة الورم الراجـع

            عودة الورم أو الانتكاس قد يحدث في فترات قصيرة أو خلال سنوات من العلاج الأولي، و عند الرجوع يتم إجراء تقييم شامل للحالة، لتحديد مدى تركز الورم و رقعة تواجده و درجته، و تعتمد الخطة العلاجية على عدة عوامل أهمها، موضع الورم و ما إن عاد بنفس موضع نشأته الأولى أم بموضع آخر، إضافة إلى العلاجات التي تم إتباعها في السابق، فإن عاد الورم و ظهر بالرئتين فيتم غالبا إجراء جراحة لإزالته، و إن ظهر بمواضع أخرى إلى جانب الرئتين، فعادة يتم استخدام العلاج الكيماوي.

 


 

 

 

 

حول العـوائد العـلاجية

 

      فيما يتعلق بالعوائد العلاجية، تبلغ معدلات الشفاء للخمس سنوات القياسية لدى الأطفال بصفة عامة أكثر من 70 % عند عدم وجود انتقال للورم عند التشخيص، ( يشير معدل الخمس سنوات شفاء القياسية إلى نسبة المرضى الذين يعيشون خمس سنوات على الأقل منذ تشخيصهم بسرطان معين، و بالطبع يشفى الكثيرون تماما و يعيشون أكثر من ذلك بكثير، و هذا المعدل يستخدم عادة كدلالة إحصائية عند حالات السرطان )،  و ترتفع النسبة حتى 90 % لدى الحالات حيث تستجيب الخلايا السرطانية للعقاقير الكيماوية بشكل جيد، بينما تصل النسبة عند حالات الأورام من الدرجة الدنيا القابلة للاستئصال الكلي حوالي 85 %، تنخفض إلى 75 % لدى الحالات بأورام من الدرجة العليا عند الاستئصال التام لأنسجة الورم و تلقي جرعات مكثفة من العلاج الكيماوي، و نشير إلى أن اغلب حالات الورم الغرني بالعظام لدى الأطفال هي من الدرجة العليا، و من جهة أخرى تنخفض المعدلات إلى حوالي 50 % عند وجود انتقال للخلايا الورمية من موضع النشأة عند التشخيص، و تتحسن عند اقتصار الانتقال إلى رئة واحدة، و عند التمكن من استئصال كامل النسيج الورمي الثانوي، و عند استخدام العلاج الكيماوي.

 


 

عقـب انتهاء المعـالجة

      من الضروري إجراء فحوصات دورية شاملة تستمر لعدة سنوات عقب انتهاء المعالجات، بُغية تقصي أية علامات على عودة أورام العظام الغرنية، إضافة إلى مراقبة المضاعفات و التأثيرات الجانبية المختلفة للعلاجات المتلقاة، سواء الآنية أو المتأخرة و التي قد تظهر بعد سنوات ( يُرجى الانتقال لصفحة المضاعفات المتأخرة لعلاجات الأورام للإطلاع على المزيد من التفاصيل )، و تشمل هذه الفحوصات إضافة إلى الفحص السريري الدقيق، التحاليل المخبرية و الفحوصات التصويرية و الأشعات المختلفة، خصوصا لموضع الورم و للرئتين، و يتم إجراؤها بجدولة زمنية معينة، عادة خلال كل شهرين بالسنة الأولي عند الحالات العادية، و من المهم جدا بطبيعة الحال إخطار الفريق الطبي المعالج في الحال عن أية أعراض أو مضاعفات قد تظهر، ليتم اتخاذ الإجراءات الطبـية اللازمة و تحقيق المعالجة الفعالة دون تأخير، سواء للمضاعفات العلاجية أو الانتكاس.

 


 

 

 

 

( اللهم ربّ الناس، أذهب البأس، أشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاءاً لا يغادر سقماً )

 


 

الرئيسية حول سرطان الطفولة أنواع الأورام معالجات السرطان العناية الداعمة

 

مقالات الموقع متاحة للطبع أو النشر بدون تقييد

Adam Childhood Cancer Society