جمعية آدم لسرطان الطفولة

Adam Childhood Cancer Society

حول سرطان الطفولة حول أنواع الأورام معالجات السرطان العناية الداعمة الرئيسية

 


 

مقـدمـة

 

      الأورام الغرنية بالعضلات المخططة ( Rhabdomyosarcoma ) أو أورام العضلات المخططة اللحمية، هي أحدى أنواع الأورام اللحمية الغرنية ( sarcoma )، التي تنشأ بشكل رئيسي في العظام و الأنسجة الرخوة، ( مثل العضلات، و الأنسجة الضامة كالأوتار التي تربط العضلات بالعظام، و الأنسجة الليفية و الغضاريف، و الأنسجة الزلالية المحيطة بالمفاصل )، إضافة إلى الشـحوم و الأنسجة العصبية.

و تنشأ هذه الأورام عادة بالنسيج الرخو لنوع العضلات الإرادية المعروف بالعضلات المخططة ( striated muscles ) أو المحززة و التي تسمى أيضا بالهيكلية، و تنتج عن تسرطن الخلايا الأوليّة المكونة لهذه العضلات ( rhabdomyoblasts  )، و يتماثل مظهر الخلايا الورمية المجهري مع المظهر الجنيني لهذه الخلايا، و تُعد هذه الأورام الأكثر شيوعا ضمن أنواع الأورام التي تصيب الأنسجة الرخوة لدى الأطفال.

( يُرجى مراجعة صفحة أورام الأنسجة الرخوة و صفحة أورام يوينغ لمزيد من التفاصيل حول هذه الأورام ).

و تجدر الإشارة إلى أن العضلات بالجسم البشري تنقسم إلى ثلاثة أنواع :

  • العضلات الهيكلية : و تسمى بالإرادية أي التي يتم تحريكها طوعيا و تخضع لمراكز التحكم بالحركة بالدماغ و تقوم بسحب العظام و تحريك الجسم، كما تسمى بالمخططة أو المحززة إذ تتخذ خلاياها شكل الخطوط الليفية تحت المجهر.

  • العضلات الملساء : و هي مرتبطة بحـركة الأعضـاء الداخلية، مثل المعدة و الشرايين، و خـلاياها طويلة و ملساء و تتخذ شكل صفائح حول الأعضاء، و تنقبض تلقائيا لإعطاء حركة عضلية بطيئة منتظمة. 

  • العضلات القلبية : و تتواجد على جدران القلب فحسب و ذات انقباض تلقائي لضخ الدم.

        كما يجدر بالذكر أن العضلات الهيكلية تبدأ في النشـوء بالأجنّة عقب مرور سبعة أسـابيع فحسب من إخصاب البويضات، و خلال هذه المرحلة تبدأ الخلايا المخططة الأولية ( rhabdomyoblasts ( أو الأرومية التي ستنمو و تنضج لتكون العضلات المخططة ) في إنتاج نوعي البروتينات العضلية الخاصة، بروتين الأكتين ( actin ) و بروتين الميوسين ( myosin ) الأساسيين في حركة العضلات الهيكلية انقباضا و انبساطا.

      و تشير الإحصاءات الطبية إلى أن نسبة تزيد عن 85 % من حالات الأورام اللحمية للعضلات المخططة تظهر لدى الأطفال بأعمار دون سن المراهقة، و تزيد نسبتها عند الذكور بحوالي الضعف عنها لدى الإناث، و تنشأ غالبا بمواضع تواجد العضلات الهيكلية خصوصا بمنطقة الرأس و الرقبة ( حوالي 40 % )، و بأعضاء الجهاز البولي التناسلي ( حوالي 30 % )، و بالأطراف  ( حوالي 20 % )، و بمنطقة الجذع و البدن ( حوالي 10 % )، كما يمكن أن تظهر بمواضع أخرى حيث لا تتواجد العضلات الهيكلية، مثل أعلى الجمجمة، و البروستاتة و القنوات الصفراوية.

 


 

 

 

 

أنواع الأورام الغرنية بالعـضلات المخططة

 

      ثمة ثلاثة أنواع رئيسية من هذه الأورام :

الورم الجنيني أو المُضغـي ( embryonal rhabdomyosarcoma )

      و يُعد الأكثر شيوعا، و من المعتاد أن ينشأ بمواضع بالرأس و الرقبة و بالمسالك البولية التناسلية، و بالمثانة، و حول البروستاتة و الخصيتين أو بداخلهما، و يظهر عادة لدى الرُضّع و الأطفال الصغار، و تتماثل خلاياه مع مظهر خلايا العضلات الطبيعية بالجنين بعمر ستة إلى ثمانية أسابيع.

الورم السنـخي ( alveolar rhabdomyosarcoma )

      و من المعتاد أن ينشأ بعضلات الجذع و الذراعين و الرجلين، و يظهر عادة لدى الأطفال بعد سن الخامسة و المراهقين، و قد سُمي بالسنخي لأن الخلايا الورمية تكوّن فراغات مجوفة صغيرة الحجم، و تتماثل خلاياه مع مظهر خلايا العضلات الطبيعية بجنين بعمر عشرة أسابيع.

الورم متعـدد التشكـل ( Pleomorphic rhabdomyosarcoma )

      و يظهر هذا النوع بشكل رئيسي عند البالغين بالعمر ما بين الثلاثين و الخمسين، و في الواقع لم تسجل حالات لهذا النوع عند الأطفال.

 


 

 

 

حول عوامل الخطورة لنشوء الأورام اللحمية للعـضلات المخططة

 

      يُشير تعبير عوامل الخطورة ( Risk factors ) إلى العوامل و الظروف المؤهبة التي تزيد من احتمال العرضة لأي مرض، مثل السرطان، عند أي شخص، و ثمة عوامل خطورة لكل نوع من الأورام، و قد تتضمن عوامل خطورة وراثية أي ترتبط بخصائص المورثات، إضافة إلى عوامل ترتبط بالبيئة أو نمط المعيشة و الظروف الحياتية، و رغم أن العوامل المتعلقة بنمط المعيشة مثل التدخين و التغذية السيئة أو تعاطي المسكرات تُعد من العوامل المهمة لدى العديد من أورام البالغين، إلا أن تأثيرها معدوم أو ضعيف عند التطرق لأورام الأطفال، و فيما يتعلق بعوامل الخطورة المتعلقة بالبيئة، لم يتبين للباحثين أي رابط بين نشوء الأورام اللحمية بالعضلات المخططة و بين العوامل البيئية سواء قبل الولادة أو بعدها، مثل التعرض للكيماويات السامة أو تلوث المياه و الهواء، كما لم يتبين وجود أي رابط بظروف أخرى مثل استخدام الأشعة السينية أثناء الحمل، أو تناول أنواع العقاقير المختلفة، أو إصابة الأطفال برضوض أو جروح.

عـوامل الخطورة الوراثية و عـلل المورثات

      تبين للعلماء منذ عقود أن الإنسان قد يرث عن أبويه بعض التبدلات و الاختلالات بالشفرات الوراثية بالحمض النووي للخلايا، و التي بدورها تسبب أمراضا تنتشر في عائلات بعينها، و ثمة نسبة خطورة عالية للعديد من الأمراض عند ولادة الأطفال مع وجود بعض أنواع العيوب الخلقية و التي تُعرف بالمتلازمات ( syndromes  و يمكن تعريف المتلازمة بأنها مجموعة متزامنة من الأعراض و التشوهات أو الإعاقات أو الظواهر الشاذة الأخرى، و التي تظهر في اغلب الأحوال مجتمعة بنفس المريض )، و من المتلازمات التي تم الربط بينها و بين زيادة نسبة الخطورة لنشوء الأورام اللحمية بالعضلات المخططة : 

  • متلازمة بيكويث ويدمان ( Beckwith-Wiedemann syndrome ) : حيث تنمو الأعضاء الداخلية، مثل الكبد و الطحال، لدى الأطفال المصابين بهذه المتلازمة بأحجام متضخمة و غير اعتيادية، و يظهر ذلك باللسان بشكل شائع، و من المعتاد أيضا أن تظهر بينهم علة فرط الضخامة النصفية ( hemihypertrophy )، بتضخم ذراع أو رجل أو كليهما بجانب واحد من الجسم، إضافة إلى عدم التماثل في النمو الجسدي، و رغم أن الأطفال المصابين بهذه المتلازمة عرضة بشكل كبير لنشوء ورم ويلمز الكلوي بشكل خاص، إلا أنهم يحملون نسبة خطورة بدرجة اقل لنشوء الأورام اللحمية للعضلات المخططة.

  • متلازمة لي فراومني (Li-Fraumeni  ) : و التي إضافة إلى أنها تزيد من نسبة الخطر لنشوء أورام ابيضاض الدم و أورام العظام الغرنية و سرطان الثدي و الأورام الدماغية، تحمل نسبة خطورة أيضا لنشوء أورام الأنسجة الرخوة و خصوصا أورام العضلات المخططة.

      و من ناحية أخرى، تُعد علّة الأورام الليفية العصبية ( Neurofibromatosis )، و التي تُعرف أيضا بعـلّة ريكلينقهاوزن    
(
Recklinghausen’s disease  ) من عوامل الخطورة بنفس الدرجة، و هي علّة وراثية من خواصها نشوء أورام ليفية بالأعصاب الطرفية، و ظهور بقع بنيّة اللون على البشرة و تشوهات بالأنسجة تحت الجلد و بالعظام، و من المعتاد أن تتسبب هذه العلّة في نشوء أورام عصبية متعددة، إلا أنها تزيد أيضا من نسبة الخطورة لنشوء أورام العضلات المخططة الغرنية.

      و تجدر الإشارة إلى أن هذه العلل و المتلازمات تُعد نادرة و تمثل نسبة ضئيلة من حالات الأورام اللحمية للعضلات المخططة، إلا أن دراستها تلقي الضوء على النمط الذي تتبعه هذه الأورام في المراحل المبكرة لنشوئها.

 


 

 

 

 

حول نشوء الأورام الغرنية للعضلات المخططة

 

يلزمنا لفهم كيفية نشوء الخلايا السرطانية، الإلمام ببعض المعلومات الأساسية عن الخصائص الوراثية و المورثات ( genes )، فالمورث عبارة عن جزء من الحمض الريبونووي ( deoxyribonucleic acid DNA ) يحمل خصائص وراثية معينة و لديه وظيفة حيوية محددة، و كمثال تحدد المورثات لون العينين و البشرة، أو فئة الدم، و هذا الحمض هو المادة الكيميائية التي تحمل التعليمات الموجهة لنظام و دورة حياة الخلايا، و يقوم بالتحكم في كل نشاطاتها، و يُعد نوع التغيرات الشاذة في الحمض النووي للمورثات العامل المؤثر في تحديد نوع المرض الذي قد يصيب الإنسان، و المورثات هي أجزاء من الصبغيات ( chromosomes )، التي من الممكن تشبيهها بشريط خيطي مظفـور من الحمض النـووي فائق الطول، يحتوي على الآلاف من المـورثات تصطف على امتـداده، و ينتظم الحمض النووي بدقة في 23 زوجا من الصبغيات، يرث الإنسان النصف من كل زوج عن أحد الوالدين.

      و ثمة أنواع متعددة و كثيرة جدا من المورثات، و لكل منها وظائف حيوية و خصائص وراثية محددة، و يحتوي بعضُ من أنواعها على التعليمات و الشفرات الوراثية التي تتحكم في آلية النمو و الانقسام، و بالتالي التضاعف و التكاثر لإنتاج خـلايا جديدة، و من هذه مورثات معينة تحث و تُعدل عمليات انقسام الخلية، و تسمى اصطلاحًا بالمورثات الورمية ( oncogenes )، و مورثات أخرى تُبطيء و تكبح الانقسام و التكاثر، أو تُعطي التعليمات للإفناء الذاتي للخلية عند الحاجة، و تسمى بالمـورثات الكـابحة للتورم ( Tumor suppressor genes ).

      و بمعنى آخر، تقوم الخلايا بالتكاثر و الانقسام و النمو بتوجيه من برنامج مشفّر بحمضها النووي، و تتلقى إشارة بالتوقف عند حدّ معين حيث يتوفر الكمّ المطلوب من الخلايا، فيتوقف الانقسام و التكاثر، و يتم تشغيل برامج تالية توجه الخلايا لإنتاج البروتينات اللازمة لتصبح خلايا بالغة قادرة على القيام بالمهام المنوطة بها، فمثلا، ، تتوقف الخلايا العضلية عن الانقسام حين تتلقى إشارة التوقف، و تبدأ في إنتاج بروتين الأكتين و بروتين الميوسين المذكورين آنفا، أي أن نظام الانقسام و النمو و العمل، يتوقف و يبدأ و ينشط حسب نظام متسلسل تعاقبي، و خالٍ من الأخطاء لينتج خلايا طبيعية سليمة، و ثمة عدة أوجه لعرقلة و مقاطعة تقدم هذا النظام المنهجي، فمثلا إذا حدث قصور في إشارة التوقف و لم تعمل لسبب ما، تستمر الخلايا في الانقسام و التكاثر دون ضوابط و تكون كتلة شاذة متضخمة، أو عند حدوث قصور في عمل المورثات الكابحة للتورم، التي تنتج بروتينا معينا يكون مسؤولا عن توقيف الخلية عند وجود عطب بالحمض النووي، سواء لإصلاح الخلل أو لإفنائها ذاتيا عند تعذر الإصلاح، فحين لا يعمل هذا البروتين لسبب ما، تستمر الخلايا ذات الحمض النووي المعطوب في الانقسام، و إنتاج خلايا جديدة، مسببة المزيد من العطب في المورثات الأخرى، التي تتحكم في نمو و تطور الخلايا و ينتهي الأمر بنشوء السرطان.

      و من جهة أخرى قد يرث المرء بعضا من التغيرات الشاذة ( أو الأعطاب ) بالحمض النووي عن والديه، الأمر الذي يفسر ظهور بعض العلل بشكل شائع لدى بعض العائلات، و تسمى هذه التغيرات بالتحورات أو التبدلات الجذرية للبنية ( mutations )، و التي تنشا أيضا لأسباب غير مفهومة و غير مبررة أسوة بصور الإختلال الأخرى التي تصيب هذا الحمض، و التي يمكن تلخيصها في النقاط التالية :

  • شرود للصبغيات و تبادل المواقع ( Translocation ) بين جزأين من الحمض النووي، أي أن مقطعا من الحمض النووي بصبغي معين يشرد ملتحقا بصبغي مختلف و غير متماثل معه، مما يؤدي إلى إعادة ترتيب البرامج المشفرة بالحمض النووي للخلية مع ثبات الخطأ و تعطل النظام و السياق الموجه لأطوارها المختلفة، و هذا الاختلال على وجه الخصوص يُعد مسؤولا عن نشوء الورم السنخي، إضافة إلى أنواع أخرى من أورام الأطفال منها مجموعة أورام يوينغ و بعض أنواع اللوكيميا.

  • الانعكاس أو الانقلاب ( inversion ) مما يعني أن جزءا من صبغي ما تراكب بشكل مقلوب و ظل منعكسا إلا انه لا يزال مرتبطا بنفس الصبغي.

  • الإضافة ( addition ) أي أن جزءا من صبغي ما ( أو الصبغي بكامله ) قد تضاعف و تتواجد نسخ كثيرة منه بالخلية، و يُشار إليه برقم الصبغي مع إشارة موجبة ( + 7 مثلا ).

  • الفقدان أو المحو ( deletion ) لبعض من مقاطع حمض نووي بصبغي معين، و يُشار إليه برقم الصبغي مع إشارة سالبة، فمثلا -7 تعني أنه ثمة جزء مفقود من الصبغي السابع.

      و من هنا يمكن أن تتسرطن الخـلايا الطبيعية عند حدوث أي من أنواع الاختلال المذكورة آنفا ببُـنية الحمض النـووي، ( أي التحورات الشاذة بالبُنية أو شرود الصبغيات أو المحو أو الانعكاس أو الإضافة )، و التي تدفع بدورها ( بشكل مباشر أو غير مباشر ) إلى تشغيل المورث الورمي دون ضوابط ( مما يفقده القدرة على التحكم في نمو الخلية و تكاثرها )، أو يُبطل عمل المورثات الكابحة للتورم، و ينتهي الأمر بنشوء ورم سرطاني، و من المهم معرفة أنه و عدا عن الإختلالات الوراثية التي تزيد من نسبة الخطر لنشوء بعض الأورام، لا يعرف العلماء الأسباب الحقيقية و المؤكدة التي تؤدي إلى نشوء أنواع الاختلال بالحمض النووي، ( أو التي تقدح الزناد ) و التي تؤدي إلى تسرطن الخلايا الطبيعية و نشوء الأورام.

و فيما يتعلق بالأورام اللحمية للعضلات المخططة تبين للباحثين بعض الدلائل على كيفية نشوء هذه الأورام من أهمها :

  • وجود شرود و تبادل بالمواقع بين الصبغيات عند اغلب حالات الورم السنخي، و يظهر ذلك بحدوث تبادل بين الصبغيين الثاني و الثالث عشر، و قد تبين أن المورث المسمى باكس 3 ( PAX 3 ) قد انتقل من الصبغي الثاني ( و هو احد المورثات المهمة في عمليات تحولات الأنسجة العضلية الجنينية، كما أن هذه الفئة من المورثات قادرة على العمل كمورثات ورمية )، كما تبين أن هذا المورث حين يلتحق بالصبغي الثالث عشر يصطف مباشرة و يلتصق عقب مورث يسمى ( اف كاي اتش آر  FKHR )، و تتمثل الوظيفة العادية لهذا الأخير في تفعيل نشاط مورثات أخرى، و من المعتقد أن هذا التبادل و الالتحاق يؤدي إلى نشوء الورم السرطاني.

  • وجود فقدان لبعض من مقاطع الحمض النووي بالصبغي الحادي عشر عند حالات الورم الجنيني، و تحتوي المقاطع المفقودة على مورثين مختلفين كابحين للتورم، و من المعتقد أن هذا الفقد يساهم في نشوء الورم، حيث أنه من المعروف أن كل الخلايا الطبيعية تحتوي على نسختين من الصبغي الحادي عشر، و عند فقدان خلية ما لإحدى النسخ فغالبا ما يتم صنع نسخة مطابقة عن النسخة الموجودة، و يمكن لهذه العملية أن تزيد من إنتاج الخلية للمواد المحفزة للنمو بداخلها، و قد تبين أن مثل هذا الشذوذ بالصبغي الحادي عشر يتواجد فحسب بخـلايا الورم الجنيني ضمن الأورام اللحمية للعـضلات المخططة، و تجدر الإشارة إلى أنه يتواجد كذلك لدى العـديد من أورام الأطفـال، تشمل ورم ويلمز الكـلوي ( Wilmstumor )، و أورام الأوليّـات العـصبية
    (
    neuroblastoma ) و أورام الأوليّات الكبدية ( hepatoblastoma ).

      و الجدير بالذكر أن العلماء قد تمكنوا خلال العقود الماضية من تحديد العديد من المورثات المسؤولة عن توجيه التحولات المتعاقبة للخـلايا الأوليّـة في أطوار نموها لتكوين العضلات، و من أهمها مجموعة من المـورثات تسمى المجموعة العـضلية د ( Myo D family ) التي عند فقدان أجزاء منها يتوقف نمو العضلات الهيكلية أو تنمو ضعيفة و صغيرة الحجم، و من المؤمل بدراسة هذه المورثات أن يتم استنباط وسائل لوقف النمو السريع لخلايا ورم العضلات المخططة الغرني.

  


 

 

 

حـول الأعـراض و التشخيـص

 

      يعتمد نوع الأعراض الظاهرة عند التشخيص على موضع الورم بطبيعة الحال، و أحيانا قد تبدو بعض الأعراض محيرة خصوصا عند نشوء الورم بمواضع حساسة دون أن يكون واضحا، مثل تموضعه بمنطقة محجر العين أو حولها حيث يؤدي إلى جحوظها أو قد تبدو حولاء، أو تواجده بالأذن أو بالجيوب الأنفية حيث تظهر أعراض تشبه ألآم الأذن العادية أو التهابات الجيوب الأنفية، بينما تظهر الأعراض المبكرة عادة على هيئة تورم أو كتلة متضخمة بموضع الورم دون أن يصاحبها ألم أو مشاكل جـانبية، و خصوصا إن تمركز الورم في منطقة الجذع أو الأطراف، و قد تظهر الآم أو تقرحات عند نمو و تضخم الورم و ضغطه على الأعصاب المجاورة، و قد يظهر نزف دموي كعارض مبكر عند نشوء الورم بالمثانة أو بالمهبل، و قد تنمو و تتضخم الأورام بدرجة تجعل التبول أو التبرز مؤلما و صعبا، و من المعتاد الشعور بآلام معوية عند نشوء الورم بالتجويف البطني أو بالحوض إضافة إلى حدوث التقيؤ أو الإمساك، و في حالات نادرة قد تنشا هذه الأورام بالقنوات الصفراوية مما يتسبب في نشوء اصفرار الجلد أو العينين.

و من غير المعتاد أن تظهر مع اغلب أورام الأنسجة الرخوة أعراض بدنية عامة، مثل الحمّى و فقدان الوزن و التعرق، سوى عند وجود انتقال للورم من موضع نشأته، و في هذه الحال قد تظهر أعراض شبيهة بأعراض اللوكيميا، مثل تضخم الغدد الليمفاوية أو آلام العظام أو الإعياء أو فقدان الوزن، مما يعطي مؤشرا على انتقال الخلايا الورمية للغدد الليمفاوية أو العظام، و من جهة أخرى قد يُعاني المريض من سعال مزمن نتيجة انتقال الورم إلى الرئتين.

        عند ظهور الأعراض على الطفل و التي يمكن أن تعزى إلى أي من أورام الأنسجة الرخوة، و الارتياب بوجود هذا الورم، يقوم الطبيب بإجراء سلسلة من الفحوصات و التحاليل المخبرية، و التقاط صور إشعاعية مختلفة من أشعات سينية، و التصوير الإشعاعي الطبقي ( Computed tomography scan )، إضافة إلى التصوير بالمرنان المغناطيسي ( Magnetic resonance imaging باستخدام الموجات المغناطيسية لوضع صور متعددة للجسم )، لتحديد مختلف جوانب الورم بدقة، و يتم عادة إجراء الخزع الجراحي ( biopsy )، بهدف استخلاص خزعة من أنسجة الورم جراحيا ليتم فحصها تحت المجهر، لتحديد نوعه و خواصه الحيوية.

( يُرجى الانتقال لصفحة الفحوصات و التحاليل المخبرية لمزيد من التفاصيل ).

 


 

 

 

 

التصنيف المرحلي لأورام العضلات المخططة اللحمية

 

      عند تشخيص الحالة على أنها ضمن الأورام اللحمية الغرنية للعضلات المخططة، يتم إجراء المزيد من التحاليل و الفحوصات لتحديد حجم الورم و خواصه الحيوية، و التحقق من مدى انتقاله من موضع نشوئه إلى الأنسجة المحيطة أو إلى أية مواضـع أخرى، و من خلال جميع المعطيات يتم التصنيف المرحلي للورم ( Staging )، و من الضروري بطبيعة الحال تحديد هذا التصنيف ليتسنى ترتيب خطة المعالجة المناسبة، و للتكهن بالمردود العلاجي المتوقع، و على الرغم من وجود عدة أنظمة تصنيف، إلا أن المتداول هو التصنيف حسب حجم الورم و موضع نشوئه، و مدى انتقاله و مواضع هذا الإنتقـال.

        و على ذلك يتم تصنيف هذا الورم إلى أربع درجات مرحلية، إضافة إلى مرحلة الورم الراجع.

درجة 1

    تُدرج ضمن هذا التصنيف الأورام الجنينية المنحصرة بمنطقة محجر العين، أو بالرأس و الرقبة ( دون أن تتواجد بالأغشية السحائية بالدماغ )، أو بمسالك الجهاز البولي التناسلي، فيما عدا المثانة و البروستاتة.

درجة 2

    و تُدرج ضمن هذا التصنيف الأورام المنحصرة بموضع واحد ( و ليست ضمن المواضع المحددة للدرجة 1 )، أو الأورام السنخية، بحيث يقلّ حجمها عن خمسة سنتمترات، و دون وجود انتقال إلى أيٍ من الغدد الليمفاوية.

درجة 3

    و تُدرج ضمن هذا التصنيف الأورام المنحصرة بموضع واحد ( و ليست ضمن المواضع المحددة للدرجة 1 )، و يزيد حجمها عن خمسة سنتمترات، أو انتقلت إلى الغدد الليمفاوية المجاورة لموضع نشوئها.

درجة 4

    تُدرج بهذا التصنيف الأورام التي عند التشخيص تكون منتقلة و منبثة من مواضع نشوئها إلى مواضع بعيدة، و يتم رصدها في أكثر من موضع.

 

مرحلة الورم الراجع ( Recurrent )

        و هذه المرحلة تعني أن الورم قد عاد و ظهر، أو تمادى و أصبح مقاوما، عقب أن تمت معالجته، و قد يعود بنفس موضع المنشأ الأصلي حيث بدأ، أو بالأنسجة المحيطة، أو يعود بموضع آخر بالجسم.

  


 

 

 

حول معـالجة الأورام اللحمية للعـضلات المخططة

 

       ثمة علاجات لكل حالات هذا النوع من الأورام لدى الأطفال و اغلبها قابلة للشفاء، و تعتمد خطة المعالجة على عدة عوامل، أهمها موضع الورم و حيويته و مدى تركزه، و درجته و مدى انتشاره خارج موضعه، و تمظهر خلاياه تحت المجهر، و الكمّ الممكن إزالته جراحيا من أنسجته، إضافة إلى عمر الطفل و حالته الصحية العامة، و عادة يُعالج الطفل مبدئيا بالمعالجات القياسية الذي أثبتت فعاليتها.

 و يُعد العمل الجراحي خط المعالجة الأوليّ و الأساسي، يتبعه العلاج الكيماوي مع العلاج الإشعاعي أو بدونه، و قد تختلف الخطط العلاجية بطبيعة الحال تبعا لنوع الورم و موضعه و تصنيفه، كما قد تُجرى عمليات زراعة نُقى النخاع العظمي عند بعض الحالات.

 

الجراحـة

        يستهدف العمل الجراحي عند هذه الأورام الوصول إلى موضع الورم من أقصر الطرق و أقلّها تأثيراً على أنسجة الجسم السليمة، و من ثم التحقق من تسرطن الورم، عبر استخلاص خزعة من أنسجته و تحليلها، تمهيداً لاستئصال أكثر كمّ ممكن من النسيج السرطاني مع مراعاة تأثير ذلك على الأعضاء الحيوية المجاورة، إضافة إلى إزالة مساحة معينة من الأنسجة المحيطة بالورم تحسبا لانتشاره عبرها، و تقصي مدى انتقاله إلى الأنسجة و الأعضاء القريبة، خصوصا الغدد الليمفاوية، و في حالة وجود الورم في موضع يمنع من إجراء الجراحة و تعذر الاستئصال، فيقتصر العمل الجراحي على استخلاص خزعات الأنسجة للفحص.

      و من الضروري البدء بالعلاج الكيماوي مع العلاج الإشعاعي أو بدونه عقب انتهاء الجراحة، و تفيد العديد من الدراسات انه عند تعذر الاستئصال التام يمكن في اغلب الأحوال القضاء على خلايا الورم الجنيني المجهرية غير الظاهرة للعيان و المتبقية باستخدام العلاج الكيماوي، بينما تتطلب معالجة خلايا الورم السنخي المجهرية المتبقية ( أو الخلايا الورمية الظاهرة و المتبقية من أي نوع ) استخدام العلاج الإشعاعي إضافة إلى الكيماوي، و أحيانا يمكن إزالة الخلايا المتبقية بإجراء جراحة تالية دون الحاجة للإشعاع.

( و يُرجى الإنتقال إلى صفحة الجراحة للإطلاع على تفاصيل أكثر حول جوانب العمل الجراحي ).


 

 

 

 

العـلاج الكيمـاوي

       

      العلاج الكيماوي هو علاج باستخدام أدوية خاصة تُعرف بالعقاقير الكيماوية المضادة للسرطان، تقوم بالقضاء على الخلايا السرطانية و تدميرها، و ذلك بعرقلة و تقويض نسق العمليات الحيوية داخلها، و تأتي الميزة الرئيسية لهذا العلاج في مقدرته على معالجة الأورام المتنقلة و المنتشرة، بينما يقتصر العلاج الإشعاعي أو العمل الجراحي على معالجة الأورام المنحصرة بمواضع محدّدة، و تعود فاعليته المتميّزة إلى حقيقة أن الخلايا السرطانية، بطريقة ما، هي أكثر حساسية و أشد تأثراً بالكيماويات من الخلايا الطبيعية. و قد يتم استخدامه كعلاج وحيد في بعض الحالات، أو جزء من برنامج علاجي متكـامل يتضمن عدة عـلاجات مشتركة، و يتم اتخاذ القرار باستخدام هذا العلاج، بالموازنة ما بين فاعليته و تأثيراته الجانبية و مضاعفاته المستقبلية، و بين خطورة السرطان، و بطبيعة الحال فمضاعفاته و آثاره مقبولة مقارنة بالمرض نفسه، إضافة إلى المردود العلاجي الإيجابي بدرجة كبيرة.

    و قد يُسمى العلاج الكيماوي علاجا جهازياً ( systemic )؛ نظراً لانتقال العقاقير الكيماوية عبر الدورة الدموية إلى كل أجزاء الجسم، و مقدرتها على تدمير الخلايا السرطانية حيثما تبلُغ، و قد يتم استخدامه قبل المباشرة بالجراحات عند الأورام الصلبة تحضيراً لها و بُغية تسهيلها؛ بحصره و تقليصه للورم، بما يُعرف بالعلاج الكيماوي المبدئي المساعد ( Neoadjuvant )، كما قد يُستخدم عقب الجراحة و استئصال الورم؛ بهدف القضاء على أية خلايا ورمية غير ممّيزة قد تكون متبقية، و المساعدة في تجنّب عودة السرطان، بما يُعرف بالعلاج الكيماوي المُضاف ( adjuvant ).

و يتم تناول أدوية العلاج الكيماوي بطرق و قنوات مختلفة، فمنها ما يؤخذ عن ‏طريق الفم على هيئة أقراص أو كبسولات أو سوائل، و أغلبها تُحقن بالجسم، بطرق الحقن المختلفة: الحقن في الوريد، الحقن في العضل، ‏الحقن في شريان رئيسي أو الحقن موضعيا مباشرة تحت الجلد، و إن كان الحقن الوريدي هو أكثر الطرق استخداماً، و قد تُستخدم وسائل أخرى للمساعدة على الحقن مثل ‏ القسطرات ( catheters )، التي يتم زرعها عادة بالصدر و يمكن استخدامها لفترات طويلة، كما يتم حقن الأدوية مباشرة إلى السائل الشوكي المُخي المُحيط بالحبل الشوكي و الدماغ، فيما يُعرف بالحقن الغِمدي، سواء للقضاء على الخلايا الورمية، أو لحماية الجهاز العصبي المركزي و الدماغ، و يتم ذلك عادة بالحقن عبر الفقرات القَطَنية أسفل العمود الفقري، أو عبر أداة قسطرة خاصة تُزرع تحت فروة الرأس تُعرف بمحفظة أومايا ( Ommaya reservoir ).

      و عادة تتكون البرامج العلاجية من عدة دورات متكررة تفصل بينها فترات نقاهة، و قد يتلقى المريض خلال كل دورة توليفة مشتركة من عدة أدوية كيماوية، أو يتم الاقتصار على عقار واحد، حسب نوع الورم و المخطط العلاجي المتبع عند كل حالة، و بصفة عامة يتم استخدام العلاج الكيماوي خلال فترات زمنية متطاولة لتخفيض كمّ الخلايا السرطانية بالتدريج، إلى الحدّ الذي يتمكن فيه نظام المناعة بالجسم من السيطرة على أي نمو ورمي، إضافة إلى أن الفسحة الزمنية ما بين الجرعات توضع بُغية تحقيق أكبر تأثير على الخلايا السرطانية، و بنفس الوقت إعطاء فترة كافية للسماح للخلايا و الأنسجة العادية كي تتعافى من مفعول العقاقير الكيماوية، إذ أن لأنواع العقاقير المختلفة تأثيرات بدرجات متفاوتة على الخلايا و الأعضاء الطبيعية السليمة، خصوصا الخلايا و الأنسجة سريعة النمو و غزيرة التكاثر و دائمة الاستبدال، مثل خلايا النخاع العظمي، و خلايا الدم، و خلايا و أنسجة الجهاز الهضمي، إضافة إلى بعض الأعضاء الحيوية مثل الكبد و الكليتين، مما يؤدي بدوره إلى حدوث المضاعفات الجانبية المُصاحبة، والتي تتفاوت في الشـدّة و النوعية من عقار لآخر، و من شخص لآخر، و من دورة علاجية لأخرى حتى بالنسبة لنفس الشخص، و تعتمد أساساً على نـوع و جرعة العقار المُستخدم و تفاعل الجسم حياله، وهذه التأثيرات متعددة؛ و تشمل إحباط النخاع العظمي ( و بالتالي إنخفاض تعداد خلايا الدم )‏، و مضاعفات الفـم و اللثة ( مثل الالتهابات و التقرح و الجفاف )، و تساقط الشعر المؤقت، و الإمسـاك و الإسهال، و الإعيـاء و الغثيان و التقيؤ و فقدان الشهية، و تحسس الجلد و البشرة، و يتم عادة تناول أدوية مُساعدة و اتخاذ بعض التدابير الوقائية و المساندة؛ لتجنب مثل هذه التأثيرات و للوقاية منها و للتخفيف من حدّتها، قبل الدورات العلاجية و أثناءها و عقب انتهائها.

      و تجدر الإشارة إلى أنه يتم استخدام العلاج الكيماوي عند معالجة جميع الأطفال المرضى بورم العضلات المخططة اللحمي، حيث تفيد الدراسات الطبية أن الورم يعود لدى حوالي 80 % من الحالات عقب جراحة الاستئصال الكلّي للورم و المعالجة الإشعاعية للأنسجة المحيطة.

( يُرجى الانتقال إلى صفحة العلاج الكيماوي، للإطلاع على تفاصيل أكثر حول هذا العلاج و أساليب إدارته و مضاعفاته ).

 


 

 

 

العـلاج الإشعـاعي

 

      العلاج الإشعاعي هو علاج باستخدام التطبيقات المختلفة للإشعاع المؤين ( ionizing radiation )، لتدمير الخلايا السرطانية و تقليص الأورام، سواء باستخدام العناصر و النظائر المُشعّة، أو باستخدام دفق إشعاعي، مُؤجّج و عالي الطاقة، من الأشعة السينية، أو أشعّة أخرى مثل أشعة جاما، أو دفق النيوترونات أو البروتونات، و تتركز فاعلية الإشعاع في مقدرته على تقويض و تفتيت الحمض النووي للخلايا الورمية، و هو المادة الحيوية و الأساسية لمختلف الوظائف الخلوية، مما يؤدي إلى القضاء عليها.

     يُعد العلاج الإشعاعي علاجا موضعياً، و هو ينقسم إلى نوعين؛ داخلي ( Internal )، حيث تُزرع العناصر المشعّة مباشرة داخل أنسجة الورم، أو قريبا منها، سواء بشكل مؤقت أو بصفة دائمة، و خارجي ( external )، حيث يُبث الإشعاع من آلة تُسلط الأشعّة على مواضع الأورام، و قد يتم استخدام كلا النوعين لدى بعض أنواع الأورام، و بطبيعة الحال و تلافيا لآثار الإشعاع، يتم اتخاذ تدابير وقائية أثناء المعالجة الإشعاعية، لحماية الأنسجة و الأعضاء الطبيعية السليمة بحقل المعالجة.

      و قد يتم استخدام العلاج الإشعاعي منفرداً، كعلاج وحيد، أو بصفة مشتركة مع علاجات الأورام الأخرى، و قد يُستخدم بديلاً عن الجراحة كعلاج أوليّ، عند بعض الأورام الصلبة، كما قد يُستخدم قبل المباشرة بالعمل الجراحي فيما يُعرف بالعلاج المبدئي المساعِد ( neoadjuvant therapy )، بُغية تقليص حجم الورم؛ لتسهيل استئصاله، أو يتم استخدامه عقب جراحات الاستئصال كعلاج مُضاف ( adjuvant therapy )؛ بُغية القضاء على أية خلايا ورمية غير مميّزة قد تكون متبقية.

      و بطبيعة الحال، للعلاج الإشعاعي مضاعفات و آثار جانبية مُصاحِبة، ترتبط إجمالا بموضع المعالجة، و تنجم بشكل عام عن تأثر الخلايا و الأنسجة سريعة النمو و الاستبدال، و من هذه التأثيرات : مضاعفات الجلد و البشرة، و الإعياء، و التهابات و جفاف الفم، و تساقط الشعر، و الغثيان، و المشاكل المعوية، و إحباط النخاع العظمي، و يتم اتخاذ بعض التدابير الوقائية و المُسانِدة، و تناول أدوية مُساعدة؛ لتجنب مثل هذه الآثار و للتخفيف من حدّتها.

( يُرجى الانتقال إلى صفحة العلاج الإشعاعي، للإطلاع على المزيد من التفاصيل حول هذا العلاج و طرق إدارته ).

  


 

 

 

 

زرع نُـقى النخاع العـظمي أو خلايا المنشأ

 

      تعتبر زراعة نقى النخاع العظمي ( Bone marrow transplant ) أحدث طرق العلاج، و خصوصا لمعالجة الورم الراجع، ففي بعض الأحيان، تبدي أورام العضلات الغرنية مقاومة للعلاجات، الأمر الذي يدعو إلى ضرورة استخدام جرعات علاجية مكثفة، مما يؤثر بدوره على النخاع العظمي و يدمره، فيتم اللجوء إلى عمليات الزرع، بالتوازي مع العلاجات المتلقاة.

      و بالفقرات التالية لمحة عن عمليات زرع النخاع و أنواعها :

      حيث النخاع العظمي هو النسيج الإسفنجي اللين، المعروف بالنخاع الأحمر و المتواجد داخل جزء العظام المسمى بالعظم الإسفنجي، و تتمثل وظيفته الأساسية في إنتاج خلايا الدم، و هو يتكون من خلايا متحولة ( تتحول إلى خلايا دموية )، و خـلايا دهنية، و أنسجة تساعد على نمو خلايا الدم، و يوجد النخاع العظمي في كل العظام تقريبا عند الأطفال الرُضّع، بينما و قبيل سن البلوغ، يتركز غالبا في العظام المسطحة، مثل عظم الجمجمة، و الأكتاف، و الضلوع، و عظام الحوض، و مفاصل الذراعين و الرجلين.

و الخلايا في بداية التكوين ( الأولية ) تسمى خلايا أرومية أو خلايا المنشأ (  Stem cells)، و هي تقوم بالانقسام الذاتي لتتكاثر، منتجة لخلايا منشأ جديدة، أو تقوم عبر سلسلة من الانقسامات التراكمية، و أطوار النمو المتعاقبة بإنتاج خلايا الدم المختلفة ( كريات الدم البيضاء و الحمراء و الصفيحات الدموية )، التي تواصل مراحل النمو و النضج داخل النخاع.

      و تأتي الحاجة إلى إجراء عمليات زرع نُقى النخاع العظمي ( Bone marrow transplant )، أو عمليات زرع خلايا المنشـأ ( Stem cells transplant )، حين يعجز النخاع عن أداء وظائفه، و ينجم هذا العجز إما عن تأثيرات السرطان نفسه، الذي يجعله إما منتجا لخلايا ورمية شاذة، أو منتجا لأعداد ضئيلة من خلايا الدم،  أو ينجم عن تأثيرات العقاقير الكيماوية و العلاج الإشعاعي الشديدة، فقد يستلزم الأمر للقضاء على الخلايا السرطانية، ( خصوصا عند أورام الدم و الأورام الليمفاوية، و بعض أنواع الأورام الصلبة )، إتباع برامج علاجية قوية، بجرعات مكثفة تؤدي إلى إحباط و تدمير خلايا النخاع نفسه، و من هنا تستهدف عمليات الزرع، استبدال خلايا المنشأ بالنخاع المُصاب بالسرطان، أو المٌحبط بالعلاجات، بخلايا سليمة و معافاة، قادرة على النمـو و التكاثر و إنتاج خلايا الدم.

و المصادر الممكنة لاستخلاص خلايا المنشأ و استخدامها للزرع تشمل، النخاع العظمي و الدورة الدموية، سواء من المريض نفسه أو من متبرع، و تجرى الدراسات حديثاً لاستخلاصها من الحبل السُري للمواليد.

      و تنقسم عمليات الزرع إلى نوعين حسب مصدر خلايا المنشأ، الزرع الذاتي ( Autologous ) حيث تُستخلص هذه الخلايا من دم أو نخاع المريض نفسه، و الزرع المُثلي أو السُلالي ( Allogeneic ) حيث تُجمع من دم أو نخاع متبرع، و يتم اختيار المتبرع المناسب، بعد إجراء تحليل نسيجي خاص للدم، يُعرف بتحليل مستضدات الكريات البيضاء ( human leukocyte antigens HLA )، و يستهدف هذا التحليل، مطابقة الشفرات الوراثية لبروتينات مولدات المضادات، التي تنتجها كريات الدم البيضاء، و هي بروتينات خاصة بتمييز الخلايا الذاتية عن الغريبة، مثل البكتيريا أو الفيروسات، و يعتمد نجاح الزراعة على مدى تطابق الأنسجة بين المتبرع و المتلقي، و التطابق المثالي هو الذي يجمع ستة فئات من هذه البروتينات، و المتبرع المثالي هو الشقيق التوأم المتماثل، يليه الأخوة الأشقاء، ثم أحد الوالدين، أو متبرع غير ذي قربى للمريض.

      يعتبر النخاع المصدر الرئيسي لخلايا المنشأ، و عند استخدام الزرع الذاتي، يتم استخلاص كمية من نخاع الطفل، و تتم معالجتها للقضاء على أية خلايا سرطانية، ثم تحفظ تحت التجميد، و عقب الانتهاء من تلقي العلاجات المكثفة، و التي من شأنها تدمير النخاع، يتم زرع النخاع المُعالج.

و عند استخدام الزرع المُثلي، يتم استخلاص كمية من نخاع المتبرع، بعد إجراء الفحوصات و التحاليل المختلفة؛ للتأكد من صحته العامة و خلوّه من الأمراض المُعدية، و يتم انتقاء و جمع خلايا المنشأ على حدة، و عقب انتهاء مراحل تهيئة المريض للزرع، بإعطائه جرعات عالية من العقاقير الكيماوية مع العلاج الإشعاعي أو بدونه، بُغية القضاء على الخلايا السرطانية، و إحباط الجهاز المناعي إلى أدنى درجة، يتم زرع خلايا المنشأ المنتقاة.

      و يتم استخلاص خلايا المنشأ من الدورة الدموية، و تُعرف في هذه الحال بخلايا المنشأ المُحيطية أو الدورية ( peripheral stem cells )، و كمياتها عادة غير كافية للجمع، و استخدامها للزرع الذاتي يصبح عملياً، عند توفر إمكانية حث النخاع العظمي لدى المريض، على إفرازها داخل الدورة الدموية بكميات كافية للزرع، أما عند الزرع المُثلي، فيتم جمعها من الدورة الدموية للمتبرع؛ بتمرير الدم عبر آلة للتصفية، تقوم بفصل هذه الخلايا على حدة.

     و من جهة أخرى تنطوي عمليات الزرع على تعقيدات و مضاعفات مختلفة بطبيعة الحال، مثل صعوبة إيجاد المتبرع المطابق، و المضاعفات المصاحبة للعملية، و تأثيرات العلاجين الكيماوي و الإشعاعي، و مخاطر رفض الزرع، و فشل الخلايا المستزرعة في الاستقرار و التكاثر.

( يُرجى الانتقال لصفحة زرع نقى النخاع العظمي للإطلاع على المزيد من التفاصيل حول عمليات الزرع ).

 


 

 

 

حول المعـالجات حسب تصنيف الورم

 

المراحل من 1 إلى 4 من الورم غير المُعـالج

        بصفة عامة يتم إجراء الجراحة إن كان الورم قابلا للاستئصال يتبعها العلاج الكيماوي، و يستخدم العلاج الإشعاعي إن تبقى شيء من أنسجة الورم لم يتم استئصاله، و في حال تعذر الاستئصال الجراحي، يتم عادة استخدام توليفة مشتركة من العلاجين الكيماوي و الإشعاعي، يتبع ذلك بالجراحة عند الحاجة، و لبعض الحالات عند وجود انتقال للورم، قد تستخدم جرعات عالية من العلاج الكيماوي، يتبعها الزرع الذاتي لنقى النخاع العظمي.

و تعتمد المخططات العلاجية القياسية على استخدام عقار فينكريستين ( vincristine ) و عقار  داكتينومايسين  ( dactinomycin ) عند حالات الورم الجنيني و الذي يتم استئصاله كليا، يُضاف إليها تقليديا عقار السايكلوفوسفامايد  ( Cyclophosphamide ) عند حالات الورم السنخي أو عند تعذر الاستئصال التام لأنسجة الورم، بينما يتم استخدام عقاقير أخرى عند وجود انتقال للخلايا الورمية مثل عقار آيفوسفامايد ( ifosfamide ) و ايتوبوسايد ( etoposide ) و توبوتكان ( topotecan ).

      و من ناحية أخرى يُعد العلاج الإشعاعي فعالا في القضاء على الخلايا السرطانية متعذرة الاستئصال، أو المتبقية عقب الجراحات الإستئصالية للأورام الأوليّة، و من المعتاد استخدامه بشكل تقليدي عند تواجد الورم بمواضع حساسة بحيث قد يؤدي استئصال النسيج الورمي إلى خسارة أعضاء حيوية، مثل العيون أو المثانة، أو يؤدي إلى إحداث تغيرات كبيرة في مظهر المريض.

كما أنه من المعتاد البدء بتلقي الجرعات الإشعاعية بمواضع الأنسجة الورمية المتبقية عقب مرور فترات تتراوح بين ستة إلى تسعة أسابيع من تلقي العلاج الكيماوي، بينما يتم البدء في الحال بالعلاج الإشعاعي عند تموضع الورم حول الجمجمة مخافة أن يخترقها بحيث يطال الأغشية السحائية بالدماغ أو يطال الدماغ نفسه، و كذلك الحال عند امتداد الورم ليطال الحبل الشوكي.

      و فيما يتعلق بالعوائد العلاجية، تبلغ معدلات الشفاء القياسية للأطفال بصفة عامة أكثر من 70 %، و ثمة العديد من العوامل التي تساعد على التكهن بالمردود العلاجي من أهمها، موضع الورم الأصلي، و درجته و مدى انتشاره خارج موضعه، و مظهر خلاياه المجهري، و الكمّ من أنسجته الممكن إزالته جراحيا.

      و تشير الإحصاءات الطبية إلى أن نسبة 90 % من حالات الورم القابل للاستئصال التام تشفى بشكل نهائي دون حدوث انتكاس و عودة للورم، بينما نسبة 80 % من الحالات بوجود بقايا مجهرية من خلايا الورم، و نسبة 70 % من الحالات بوجود بقايا ظاهرة، تشفى لسنوات طويلة، و إن حدث انتكاس و عودة للورم يشفى حوالي النصف من هذه النسب بمجرد تلقي جولة أخرى من العلاجات القياسية، و تنخفض النسب عند الحالات بوجود انتقال للخلايا الورمية إلى مواضع بعيدة عن موضع النشأة عند التشخيص، حيث يبلغ معدل الشفاء للخمس سنوات القياسية 30 %، يرتفع إلى 50 % عند الأطفال ما دون العشر سنوات و بورم جنيني منتقل، ( يشير معدل الخمس سنوات شفاء القياسية إلى نسبة المرضى ممن يعيشون خمس سنوات على الأقل منذ تشخيصهم بسرطـان معين، و بالطبع يشفى الكثيرون تماما و يعيشون أكثر من ذلك بكثير، و هذا المعدل يستخدم عادة كدلالة إحصائية عند حالات السرطان )، بينما تكون الفرص أفضل عند الأطفال حين تتموضع الأورام الأصلية قرب العيون، أو بمنطقة الرأس و الرقبة ( و ليست قرب الدماغ مباشرة )، أو بالمهبل، أو بمواضع قرب الخصيتين، و من ناحية أخرى تفيد هذه الدراسات أن الفرص بصفة عامة أفضل عند حالات الورم الجنيني العادية منها عند حالات الورم السنخي، الأمر الذي يستلزم استخدام علاجات أكثر كثافة عند الأخيرة.

      و من هنا نرى كيف أن فاعلية المعالجات عند الأورام اللحمية للعضلات المخططة تعتمد و بشكل أساسي على العمل الجراحي الدقيق و الملائم لاستئصال النسيج الورمي، إضافة إلى التحديد الدقيق لنوع الورم و خواصه الحيوية منذ البداية. 

معـالجة الورم الراجـع

        قد يحدث الانتكاس و عودة الورم في فترات قصيرة أو خلال سنوات من العلاج الأوليّ، و عند الرجوع يتم إجراء تقييم شامل للحالة، لتحديد مدى تركز الورم و رقعة تواجده و درجته، و تعتمد الخطة العلاجية على عدة عوامل، أهمها موضع الورم، و ما إن عاد بنفس موضع نشأته الأولى أو بموضع آخر، و الكمّ المُمكن إزالته جراحيا، إضافة إلى المعالجات التي تم إتباعها في السابق، فقد يتم إجراء جراحة إضافية لاستئصال أكثر كمّ ممكن من أنسجة الورم، و إن تعذر ذلك لأي سبب، فقد يتم استخدام العلاج الكيماوي بنفس الأدوية السابقة أو أدوية كيماوية أخرى، أو بجرعات عالية تتبعها عمليات الزرع الذاتي لنقى النخاع العظمي.

 


 

 

 

 

عقب انتهاء المعـالجات

 

      من الضروري إجراء فحوصات دورية شاملة تستمر لعدة سنوات عقب انتهاء المعالجات، بُغية تقصي أية علامات على عودة أورام العضلات المخططة، إضافة إلى مراقبة المضاعفات و التأثيرات الجانبية المختلفة للعلاجات المتلقاة، سواء الآنية أو المتأخـرة و التي قد تظهر بعد سنوات ( يُرجى الانتقال لصفحة المضاعفات المتأخرة لعلاجات الأورام للإطلاع على تفاصيل أكثر )، و تشمل هذه الفحوصات إضافة إلى الفحص السريري الدقيق، التحاليل المخبرية و الفحوصات التصويرية و الأشعات المختلفة،  و يتم إجراؤها بجدولة زمنية معينة، و من المهم جدا بطبيعة الحال إخطار الفريق الطبي المعالج في الحال عن أية أعراض أو مضاعفات قد تظهر، ليتم اتخاذ الإجراءات الطبية اللازمة و تحقيق المعالجة الفعالة دون تأخير، سواء للمضاعفات العلاجية أو الانتكاس.

  


 المراجع :

  • PDQ database. Childhood Rhabdomyosarcoma. Bethesda, Md: National Cancer Institute; 2004. http://www.cancer.gov/cancertopics/treatment/childhoodcancers

  • Ebb DH, Green DM, Shamberger RC, Tarbell NJ. Solid Tumors of Childhood. In: VT DeVita, S Heilman, SA Rosenberg, eds. Cancer: Principles and Practice of Oncology. 6th Edition. Philadelphia, Pa: Lippincott- Williams & Wilkins; 2001.

  • Meyer WH. Soft Tissue Sarcomas. In: Kufe DW, Pollock RF, Weischselbaum RW, Bast RC Jr, Gansler TS, Holland JF, Frei E III, eds. Cancer Medicine. 6th ed. Hamilton, Ontario: BC Decker; 2003.

  • Wexler LH, Crist WM, Helman LJ. Rhabdomyosarcoma and the undifferentiated sarcomas. In: Pizzo PA, Poplack DG, eds. Principles and Practice of Pediatric Oncology. 4th ed. Philadelphia PA: Lippincott-Raven; 2002.

 

آخر مراجعة : 17-02-2016 - دون تعديل

 

 

 

 

( اللهم ربّ الناس، أذهب البأس، أشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاءاً لا يغادر سقماً )

 


 

الرئيسية حول سرطان الطفولة أنواع الأورام معالجات السرطان العناية الداعمة

 

مقالات الموقع متاحة للطبع أو النشر بدون تقييد

Adam Childhood Cancer Society