Adam Childhood Cancer Society

حول سرطان الطفولة حول أنواع الأورام معالجات السرطان العناية الداعمة الرئيسية

 


 

مقـدمـة

 

        القلق و التوتر العصبي و الجزع و الخوف و الذعر و الرُهاب بأنواعه المختلفة، جميعها تعتبر أوجه مختلفة لما يمكن تسميته بشكل عام بعلل القلق الحاد ( Anxiety Disorder ) و التوتر النفسي و العصبي، فالقلق رد فعل طبيعي تجاه السرطان، و قد يُعاني المرء من القلق أثناء إجراء الاختبارات و التحاليل الأولية للسرطان، أو حين ينتظر نتائج الفحوص، و عند تلقى نبأ التشخيص و حين البدء بالمعالجات أو عند توقع عودة الورم، و سيجد مرضى السرطان أن مشاعرهم من القلق و التوتر تزيد و تنقص في أوقات مختلفة، فقد يصبح المريض قلقا و متوترا أكثر حين ينتشر السرطان أو ينتقل إلى موضع آخر، أو حين تصبح المعالجات أكثر كثافة و إجهادا، و بطبيعة الحال تتفاوت و تختلف مستويات القلق من مريض لآخر، و يتمكن معظم المرضى من تخفيض مستويات القلق بالإحاطة بكل المعلومات المتعلقة بالسرطان و المعالجات المزمعة و الأحداث المتوقعة أثناءها.

        و من جهة أخرى و بالنسبة لبعض الأشخاص، خصوصا ممن عانوا في حياتهم من فترات تخللتها أزمات التوتر الشديد قبل إصابتهم بالسرطان، قد تصبح مشاعر القلق غامرة و ساحقة و معرقلة للمعالجات و للتقدم نحو التعافي، فالقلق في هذه الحال قد يزيد من الشعور بالألم، و يتسبب في اختلال النوم، و يسبب الغثيان و التقيـؤ و يؤثر بعمق على أسلوب حياة المريض، و ليس غريبا القول أن القلق الحاد يمكنه حتى أن يقصر عمر المريض إن لم تتم معالجته.

        و قد يُعاني البعض من القلـق الحاد، و تزداد احتمالات نشوئه لديهم بالنمـط المرضي بسبب من عوامـل و ظروف مختلفة، و تفيد الدراسات الطبية أن معدلات القلق الحاد تزيد بين الأشخاص بالحالات التالية :

  • ذوي التاريخ المرضي من علل القلق لأسباب مختلفة، أو من لديهم ماض من الصدمات النفسية أو العاطفية.

  • الذين عانوا من القلق الحاد أثناء التشخيص.

  • الأشخاص فاقدي الدعم الاجتماعي، و ذوي القليل من الأصدقاء أو أفراد العائلة ممن سيهتمون لأمرهم.

  • المرضى ممن يعانون من ألم حاد، و المعاقين جسديا.

  • المرضى بأورام لا تستجيب للمعالجات القياسية.

و من جهة أخرى ثمة العديد من الأدوية المستخدمة في معالجة السرطان بإمكانها أن تفاقم من مشاعر القلق بدورها، و على النقيض مما قد يظنّه المرء، يُعاني المرضى بمراحل ورمية متقدمة من القلق ليس خوفا من الموت بحد ذاته، و إنما من عوامل أخرى، تتضمن غالبا الخوف من الألم غير القابل للسيطرة، أو الخوف من تركهم وحيدين دون دعم، أو من شعورهم بالحاجة و الاضطرار للاعتماد على الغير.


 

 

 

 

الوصـف و المسببـات

        قد يُعاني بعض الأشخاص من القلق الحاد في ظروف سابقة لا تتعلق بالسرطـان، و قد تظهر ثانية آثار هذه المعـاناة السابقة و تنبعث و قد تتفاقم عقب التشخيص بالسرطان، و قد يُعانى المرضى من الذعر و الخوف الشديد، و يصبحون غير قادرين على استيعاب المعلومات المتعلقة بمرضهم و إرشادات الفريق الطبي، و لا يستطيعون المتابعة و الفهم خلال مراحل المعالجة.

في مجموعة الأسئلة التالية نموذج لاستخلاص المعطيات من المريض حول القلق كي يتسنى تحديد أعراضه و مستوياته و بالتالي وضع خطة المعالجة :

  • أي من الأعراض التالية شعرت بها منذ تشخيص السرطان و متى تحدث ( قبل العلاج أم أثناءه، ليلا أم نهارا ) و فترة استمرارها ؟

  • هل تشعر بالارتعاش و الوهن، و انك غير قادر على الوقوف أو تشعر بنرفزة شديدة و حدة الأعصاب ؟

  • هل شعرت بالتوتر و أعصاب مشدودة، أو شعرت بالخوف أو الترقب للسوء ؟

  • هل ترى انه يتوجب عليك تجنب التواجد في أماكن معينة، أو القيام بأعمال معينة بسبب خوفك منها ؟

  • هل شعرت مرة أن قلبك يدق بعنف أو تتسارع نبضاته ؟

  • هل تشعر بصعوبة في التنفس حين تكون عصبيا ؟

  • هل حدث معك تعرق غزير أو رعدة بدون مبرر ؟

  • هل شعرت مرة بعقدة في المعدة ؟

  • هل شعرت مرة و كأن هناك شيء متكوم في الحلق ؟

  • هل تجد نفسك تسير بسرعة أو تذرع الأماكن جيئة و ذهابا ؟

  • هل تشعر بالخوف من إغماض عينيك في الليل خوفا من أنك قد تموت و أنت نائم ؟

  • هل تشعر بالقلق من إجراء التحليل التالي، أو من نتيجته الممكنة قبل موعده بوقت طويل ؟

  • هل جاءك شعور فجائي بالخوف من فقدان السيطرة أو الإصابة بالجنون أو الموت ؟

  • هل تشعر غالبا بالقلق حول متى سيعود الألم و كم سيكون سيئا ؟

  • هل تمضي وقتا بالسرير أكثر من اللازم مخافة الشعور بالألم إن نهضت أو ذهبت إلى أي مكان ؟

  • هل شعرت بالتشوش و الارتباك مؤخرا أو فقدت التوازن ؟

        و تستهدف هذه الأسئلة عموما تحديد أي من علل القلق يُعاني المريض و التي تشمل :

مشكلة عدم التكيف و التأقلم ـ  علّـة الذعر ـ  الرُهاب بأنواعه ـ  الوسواس الاستحواذي القسري ـ  علّـة الكرب عقب الصدمة ـ  علّـة عموم القلق ـ و علل القلق الناتجة عن مشاكل صحية عامة أخرى، و بالفقرات التالية لمحة عن كل منها.

 


 

 

 

 

علّـة عدم التكيف و التأقلم مع الحدث

       

     و تتضمن هذه العلّـة وجود سلوكيات أو نوبات مزاجية أكثر تطرفا من المتوقع، كتفاعل و رد فعل تجاه تشخيص المريض بالسرطان، و تشمل أعراضها:

  • عصبية و نرفزة حادة و شديدة.

  • قلق و تبرم و ضيق مستمر.

  • عدم القدرة على أداء أي عمل مثل الذهاب للوظيفة أو المدرسة.

  • العزلة و فقد القابلية للتواجد مع الآخرين.

و تظهر هذه العلّـة بشكل أكثر وضوحا في الأوقات الحرجة عند مرضى السرطان، مثل أوقات إجراء التحاليل و الفحوصات الخاصة بالمرض، و عند الإعلام بالتشخيص، و عند المعالجات المكثفة، و عند حدوث انتكاسات و عودة الورم.

و يمكن التخفيف بشكل كبير من مشاكل هذه العلة بعدة طرق نذكر منها :

  • تنمية الثـقة بين المريض و الفريق الطبي الذي يقدم بدوره التطمينات و يشرح الحقائق و جدوى المعـالجات و خياراتها، و يرفع همّة المريض على مواجهة الوضع و إتباع التعليمات الطبية بدقة.

  • تقوية النواحي الإيمانية لدى المريض و حثه على الصلاة و قراءة القرآن الكريم و الإكثار من الدعاء و شد أزره بتذكيره بمدى الأجر و الثواب عند المرض.

  • تعلم تقنيات تمارين الاسترخاء و التفكير الإيجابي.

  • تناول الأدوية الخاصة بمعالجة هذه العلّـة تحت توصيات الفريق المعالج.

  • الانخراط في برامج الدعم و المساندة و البرامج التعليمية لمرضى السرطان، إضافة إلى القراءة حول السير التاريخية.

 

علّـة الذعر

        يُعاني المرضى بعلّـة الذعر ( Panic Disorder ) من القلق الحاد و المتوتر، و تظهر عليهم أعراض عديدة تشمل : قصر النفس و اللهاث ـ سرعة النبض ـ التعرق الغزير ـ الغثيان ـ الارتعاد و الرعشة ـ الإحساس بالوخز و التنميل ـ شعور قوي بالخوف من فقدان العقل و الجنون.

و تأتي النوبات سريعة و قد تستمر لدقائق أو ساعات، و من المعتاد معالجتها ببعض الأدوية الخاصة، و يلاحظ أن الأعراض المذكورة قد تتشابه مع أعراضٍ لعلل أخرى.

 

الرُهاب

        يمكن تعريف الرُهـاب ( Phobia ) بأنه معـاناة مخاوف مستمرة و دائمة من شيء معين أو مكان أو موقـف أو حـال، و يُعاني الأشخاص المصابون بالرُهاب عادة من قلق و توتر حاد يدفعهم إلى تجنب ما يرهبون، مثل التواجد بأماكن يرهبونها، كالمصاعد و الأماكن الضيقة أو الارتفاعات الشاهقة، أو معايشة أي موقف يخيفهم و يربكهم.

    و قد يرهب مرضى السرطان الحقن و الإبر، أو بعض المعـالجات، أو عمليات استكشاف و سفط النخاع العـظمي، أو يخـافون و يتجنبون إجراء الاختبارات في الأماكن الضيقة، مثل التصوير بالمرنان المغناطيسي، الذي يرفض المريض المصاب بالرُهاب عادة أن يستلقي داخل مثل هذا الجهاز.

 

علّـة الوسواس الاستحواذي القسري

        تتحكم في تصرفات الشخص المصاب بعلّـة الوسواس القسري ( Obsessive-Compulsive Disorder )، و تسمى أيضا بعلّـة الهوس القهري، بشكل مستمر و متواصل و مسيطر، أفكار أو تخمينات أو ظنون أو صور متخيلة تستحوذ عليه ( كهوس أو وسواس ) و تكون مصحوبة بسلوكيات معينة ( كدوافع لا تقاوم و قسرية )، و قد يُعاني المصابون بهذه العلّـة اشد المعاناة من فقدهم المقدرة على المتابعة خلال معالجة السرطان، إذ أنهم معاقون بسبب الهواجس و السلوكيات المستحوذة عليهم و التي تعرقل قدرتهم على الأداء الطبيعي.

و بطبيعة الحال ثمة أدوية مختلفة لمعالجة هذه العلّـة إضافة إلى العلاج النفسي، و يجدر بالذكر  أن هذه العلّـة  تُعد نادرة عند مرضى السرطان ممن لم يعانوا منها مسبقا قبل التشخيص.

 

 

 

  

علّـة الكرب عقب الصدمة

         و تُعرف أيضا بعلّـة الإضطراب عقب الصدمة أو الإصابة ( post-traumatic stress )، فالأشخاص ممن عايشوا و مروا بتجارب أو حوادث مهددة للحياة في سابق حياتهم و تم تشخيص السرطان لديهم، قد تثار لديهم مجددا الضغوطات و الإجهادات التي عانوها عقب تلك الحوادث.

و قد يُعاني مرضى السرطان ممن لديهم هذه العلّـة مسبقا من القلق الحاد و المفرط قبل البدء بالعلاجات، مثل الجراحة أو العلاج الكيماوي أو الإجراءات الطبية التي تصاحبها آلام معينة، أو حتى مجرد تغيير الضمادات، و تُعالج هذه العلّـة عادة بالمعالجة النفسية.

 

علّـة عموم القلـق

        يُعاني المرضى المصابون بهذه العلّـة من قلق شديد و مستمر لأسباب غير واقعية، كمثال من يكون ذا عـائلة و أصدقاء محيطون به و مع ذلك يخشى أن يبقى وحيدا و لا يجد أحدا يهتم به، أو أن يخشى المريض من العجز عن تغطية مصاريف علاجه مع انه قادر ماديا و لديه تأمين أو ضمان اجتماعي كاف، أو أن يتحاشى لمس أبنائه مخافة انتقال السرطان إليهم.

و قد تنشأ هذه العلّـة أيضا عقب مرور المريض بمرحلة اكتئاب أو إحباط حادة، و عادة تظهر بعض الأعراض عند وجود هذه العلّـة، نذكر منها :
النزق و سرعة الغضب و الاهتياج ـ التململ و عدم الاستكانة و الهدوء أو الراحة ـ الشد العضلي ـ قصر النفس ـ سرعة وجيب القلب ـ التعرق ـ الدوار و سهولة الشعور بالإعياء.

 

القلق الناتج عن مشاكل صحية عامة أخرى

        قد يُعاني مرضى السرطان من القلق الحاد لأسباب صحية أخرى، فمثلا المرضى ممن يعانون من الآم حادة يشعرون بالقلق الذي يزيد بدوره من الألم، و قد يكون الظهور الفجائي للقلق أحد أعراض عدوى ما، أو مؤشرا على حدوث التهاب رئوي، أو وجود اختلال في كيميائية الجسم، كما انه يظهر قبل نشوء النوبات القلبية، أو نشوء خثرات دموية بالرئة و يكون مصحوبا بالآم بالصدر و صعوبة بالتنفس، كما أن نقص كمية الأكسجين التي يحملها الدم تجعل المريض يشعر و كأنه على وشك الاختناق مما يقلقه بشدة.

        و بالنسبة للأدوية و مضاعفاتها، قد ينتج القلـق كعارض جانبي مباشر أو غير مباشر، فمن الأدوية ما يسبب القلـق، و منها ما قد يسبب أعراضا أخرى مثل النـزق و الضجر و عدم الاستقرار و الاستكانة، أو حدّة المـزاج و الاهتياج أو الإكتئاب، أو الرعـدة و الارتعاش، و تجدر الإشارة إلى أن بعض الأورام قد تسبب القلق أو تحدث أعراضا تثير القلق الحاد أو الذعر بالتسبب في اختلال التوازن الكيميائي بالجسم أو قصر النفس.


 

 

 

 

حول المعالجـــة

      

    يصعب في كثير من الأحوال التمييز بين المخاوف العادية المقترنة بالسرطان، و المخاوف الحادة و الشديدة على نحـو متطرف، و التي يمكن تصنيفها ضمن علل القلـق الحاد، و تعتمد المعـالجة على مدى تأثير هذا القلق على نشاطات الحيـاة اليومية للمريض و تداخله مع الخطط العلاجية.

و بمعالجة المسبب الأساسي يتم عادة ضبط القلق الحاد الناتج عن الألـم، أو وضع صحي آخر، أو نوع معين من الأورام، أو التأثيرات الجانبية للعقاقير المستخدمة في معالجة السرطان، و تكون المعالجة بداية، و بصفة عامة،  بتزويد المريض بكل المعلومات الوافية المتعلقة بالسرطان، و خيارات المعالجات حتى يتمكن من الفهم التام و الرؤية الواضحة للمرض، و لا يتأثر بالمعلومات غير الصحيحة طبيا، ثم تقديم الدعم و المساندة المعنوية، و الإفادة من المصادر الطبية المتوفرة، و الهيئات الدينية و الإجتماعية الداعمة، إضافة إلى إيجاد الأساليب الملائمة لكل مريض لإثارة همّته، و رفع مقدرته الذاتية على التعامل مع مرضه، مثل حثه على النظر للمرض من زاوية انه مشكلة يتوجب حلها مثلا، أو من زاوية الصبر و الشكر، و مدى الأجر و الثواب عند المرض.

   و من خيارات المعالجة أيضا إجراء العلاج النفسي المختص، و العلاج الجماعي بالانضمام إلى مجموعة من المرضى الآخرين، و التحاور الجماعي لنفي العزلة، و تبادل الخبرات و الآراء، و كذلك العلاج العائلي باستخدام الروابط العائلية لدعم المريض، أو تمارين الاسترخاء التي تتضمن التخيل الموجه ( بالتركيز على صور متخيلة ذهنيا للمساعدة على تخفيف الضغط النفسي ).

        و من جهة أخرى  ثمة بعض الأدوية الخاصة و المستخدمة في معالجة القلق الحاد، و ينبغي أن لا يتجنب المريض تعاطي مثل هذه الأدوية مخـافة الإدمان عليها، لأنه و بطبيعة الحال سيقـوم الفريق المعالج بوصف المقدار الكـافي منها لتخفيف و تسكين الأعراض، و يخفض جرعاتها أو يوقفها حسب مقتضيات الحال.

 


 

  آخر مراجعة : 17-02-2016 - بدون تعديل

 

 

 

 

  


 

الرئيسية حول سرطان الطفولة أنواع الأورام التعامل مع السرطان معالجات السرطان العناية الداعمة

 

مقالات الموقع متاحة للطبع أو النشر بدون تقييد 

Adam Childhood Cancer Society