جمعية آدم لسرطان الطفـولة

Adam Childhood Cancer Society

التعامل مع السرطان حول أنواع الأورام معالجات السرطان العناية الداعمة الجمعية الرئيسية
 

مقـدمة حول سرطان الطفـولة


 

 


 

 

حـول السرطان

مقـدمة

     يُشير تعبير السرطان إلى مجموعة من الأمراض الورمية المتشابهة في خواصها و المتماثلة في نمط سلوكها و التي تنشأ بخـلايا الجسم، الوحدة الأساسية في تركيبة البُـنية الجسدية، و التي بدورها تتكون من خـلايا متعددة مختلفة الأنواع و الوظائف، و طبيعياً تولد هذه الخلايا و تتكاثر، و تنمو و تصل أطوار البلـوغ و النضج و تـفـنى، حسب نظام ثابت و مستقر يتحدد نمطه وفقاً لحاجات الجسم، الأمر الذي يحفظ سلامته وعافيته، و من جهة أخرى تتكاثر مختلف الخلايا و تنمو بوتيرة سريعة خلال السنوات الأولى من العمر ( و تتفاوت تبعا لنوعها بطبيعة الحال )، و إلى أن يُصبح الشخص بالغاً، و عندها يتم إنتاج خلايا جديدة بأغلب أجزاء الجسم عند الحاجة و الضرورة فحسب، لاستبدال الخلايا المكتهلة و الميتة أو لإصلاح الجروح.

  و ينشأ التسرطن حين تنقلب خلايا نسيج ما بالجسم لتصبح شاذة، تنمو و تتكاثر دون تحكم و تخرج عن خط النمـو و التبدل الطبيعي، و بدلاً من أن تموت في طورها النهائي، تستمر في النمو و التكاثر منتجة لخلايا شاذة جديدة، و تتكدس الخلايا السرطانية و تكوّن كتلة أو تضخما يسمى بالورم، يقوم عند تقدم نموه بالضغط على الأنسجة المجاورة و إزاحتها، و يمكنه أن يغزو و يدمر الخلايا الطبيعية، يُسثتنى من ذلك بعض الأنواع، مثل خلايا سرطان ابيضاض الدم، التي لا تكوّن كتلاً ورمية، و إنما تنشأ في الأعضاء المنتجة للدم ( النخاع العظمي و الجهاز الليمفاوي )، و تنتقل عبره إلى بعض الأنسجة و الأعضاء الحيوية الأخرى.

و يمكن لبعض من الخلايا الورمـية أن تخرج من محيطها، و تنتقل إلى أعضاء أخري بالجسم لتواصل نمـوها الشاذ و غير الطبيعي و الخارج عن التحكم، حيث تستقر و تستنسخ نفسها، لتكوّن أوراما مثيلة في الموضع الجديد، و يسمى هذا الانتقال بالإنتشار أو الإنبثات ( metastasis )، و تُسمى الأورام الناتجة عقب الانتقال عادة بالأورام المنتقلة أو الثانوية تمييزا لها عن الأورام الأصلية.

    و ثمة فئتان من الأورام، الورم الحميد ( benign tumor )، الذي يتصف بأنه ينحصر بموضع نشوئه الأصلي و لا ينتقل إلى مواضع أخرى، و ذو نمو محدود، و يمكن استئصاله دون أن يعود للنمو ثانية في أغلب الأحوال، و الأهم من ذلك بطبيعة الحال انه نادراً جدا ما يُعد مهدداً للحياة، و الورم الخبيث ( Malignant tumor ) أو الضار، و الذي يُشار إليه بتعبير السرطان بصفة عامة،  و هو النوع الخطر، و الذي يتميز إضافة إلى البُنية و النمو الشاذين، بالمقدرة على غزو الأنسجة أو الأعضاء الحيوية سواء المجاورة لموضع نشوئه أو البعيدة و التأثير عليها و أحيانا تدميرها، و ذلك لمقدرة خلاياه على اختراق الأنسجة المتاخمة و الانتشار و الانتقال من مواضع نشوئها إلى مواضع أخرى بالجسم، و في اغلب الأحوال يتم انتقالها إلى المواضع البعيدة عبر الدورة الدموية و الجهاز الليمفاوي.

    و من جهة أخرى، ينتهج كل نوع من السرطـان سلوكه الخاص و المختلف، و على سبيل المثال، فسرطان العـظام و سرطـان الدم هما نوعان مختلفان من الأورام، ينموان بوتيرة و نمط مختلفين، و يختص كل منهما بمضاعفات و تأثيرات تميّـزه عن غيره، و يستجيبان لمعالجات مختلفة و بأنماط متباينة، و لذلك يحتاج مرضى السرطان للعلاج الذي يستهدف النوع الخاص بكل منهم، و لا يتم تلقي علاج موحد لكل الحالات.

و تتم تسمية أغلب أنواع السرطان حسب العضـو أو نوع الخلايا بموضع النشوء، و مع انتقال الورم أو انبثاته إلى مواضع أخرى و استقراره بها، يتكون الورم الجديد من نفس نوع الخلايا الشاذة و يظل يحمل تسمية المنشأ الأول، فمثلا إن انتقل سرطان الرئة إلى الدمـاغ، فالخلايا السرطانية الموجودة بالدماغ هي في الواقع خلايا سرطان الرئة، و يسمى في هذه الحال بسرطان الرئة المنتقل أو الثانوي و ليس بسرطان الدماغ.


 

 

حول نشوء السرطان

    تنشأ الخلايا السرطانية عند حدوث اختلال أو عطب بالحمض الريبونووي ( deoxyribonucleic acid ) المعروف اختصارا بالحمض النووي ( د . ن . أ DNA ) للخلايا الطبيعية، و هذا الحمض هو المادة الكيميائية التي تحمل التعليمات الموجهة لنظام و دورة حياة الخلايا، و يقوم بالتحكم في كل نشاطاتها بما في ذلك تكوين البروتينات و الأنزيمات اللازمة للعمليات الحيوية، مثل عمليات الأيض و التكاثر و النمو، كما يحتوي على جميع الشفرات الوراثية، و نحن نشبه والدينا لأنهما مصـدر الحمض النووي بأجسامنا، و إن كان دوره بالطبع يمتد إلى أبعد من المظهر الخارجي، و في معظم الأحوال يتمكن الجسم عند حدوث عطب ما بالحمض النـووي من تقويمه و إصلاحه بشكل طبيعي، غير أنه في حال نشوء التسرطن عجز الجسم عن إتمام مثل هذا التقـويم و الإصلاح لسبب أو لآخر، و على حد ما وصل إليه العلم الحديث، لا أحد يعرف على وجه الدقة و التحديد الأسباب الكامنة وراء حدوث مثل هذه الإختلالات و التي تدفع إلى نشوء السرطان، إلا أنه ثمة عوامل محددة قد تزيد من مخاطر العُرضة لنشوئه، مثل وراثة اختلال ما بالحمض النووي عن احد الوالدين كما في حالات الأورام ذات الأصول الوراثية، ( مع أنه و غالبا ما تحدث الإختلالات خلال فترة الحياة و ليس قبل الولادة عبر الوراثة )، أو التعرض لكميات كبيرة من الإشعاع، أو التعرض المستمر للكيماويات السـامة بما في ذلك البنزين، و من المرجح أن تفاعلات مركّبة و معقدة ما بين العـوامل الوراثية و العـوامل البيئـية و أسلوب المعيشة، و العوامل المناعية بالجسم، ( و كإحتمال عامل العدوى الفيروسية )، تؤدي إلى نشوء التسرطن.

    و ثمة أجزاء من الحمض النووي تُعرف بالمورثات أو الجينات ( genes )، و التي يحتوي بعضُ منها على التعليمات التي تتحكم في آلية النمو و الانقسام، و بالتالي التضاعف و التكاثر لإنتاج خلايا جديدة، و منها مورثات معينة تحث و تُعدل عمليات انقسام الخلية، و تسمى اصطلاحًا بطليعة المورثات الورمية ( Proto-oncogenes )، و مورثات أخرى تُبطيء و تكبح الانقسام و التكاثر، أو تُعطي التعليمات للإفناء الذاتي للخلية و تسمى بالمورثات الكابحة للتورم ( Tumor suppressor genes )، و قد يحدث التسرطن نتيجة اختلال أو عطب أو تغير جذري ( Mutation ) ببُـنية الحمض النووي، مما يدفع إلى تشغيل طليعة المورث الورمي دون ضوابط ( مما يفقده القدرة على التحكم في نمو الخلية و تكاثرها )، أو يُبطل عمل الجينات الكابحة للتورم.

    و بمعنى آخر، تقوم الخلايا بالتكاثر و الانقسام و النمو بتوجيه من برنامج مشفّر بحمضها النووي، و تتلقى إشارة بالتوقف عند حدّ معين حيث يتوفر الكمّ المطلوب من الخلايا، فيتوقف الانقسام و التكاثر، و يتم تشغيل برامج تالية توجه الخلايا لإنتاج البروتينات اللازمة لتصبح خلايا بالغة قادرة على القيام بالمهام المنوطة بها، أي أن نظام الانقسام و النمو و العمل، يتوقف و يبدأ و ينشط حسب نظام متسلسل تعاقبي، و خالٍ من الأخطاء لينتج خلايا طبيعية سليمة، و ثمة عدة أوجه لعرقلة و مقاطعة تقدم هذا النظام المنهجي، فمثلا إن حدث قصور في إشارة التوقف و لم تعمل لسبب ما، تستمر الخلايا في الانقسام و التكاثر دون ضوابط و تكون كتلة شاذة متضخمة، أو عند حدوث قصور في عمل المورثات الكابحة، التي تنتج بروتينا معينا يكون مسؤولا عن توقيف الخلية عند وجود عطب بالحمض النووي، سواء لإصلاح الخلل أو لإفنائها ذاتيا عند تعذر الإصلاح، فحين لا يعمل هذا البروتين لسبب ما، تستمر الخلايا ذات الحمض النووي المعطوب في الانقسام، و إنتاج خلايا جديدة، مسببة المزيد من العطب في المورثات الأخرى التي يأتي دورها تاليا في العمليات الحيوية و التي تتحكم في نمو و تطور الخلايا، و ينتهي الأمر بنشوء التسرطن.

    و فيما عدا عن بعض الإختلالات الوراثية بالحمض النووي، و التي تزيد من مخاطر نشوء بعض أنواع الأورام، لا يوجد سبب واضح و ظاهري للكثير من الإختلالات الأخرى، غير أنها قد تعود إلى أخطاء عشوائية تحدث عند تكاثر الخلايا، ففي كل مرة تتهيأ فيها الخلية للانقسام إلى خليتين جديدتين، تقوم بصنع نسخة عن حمضها النووي، الذي يتركب في ثلاث و عشرين زوجا من الصبغيات ( Chromosomes )،  و قد لا تتم هذه العملية بشكل متقن في بعض الأحيان، و تحدث أخطاء بالنسخ، و لا يعرف العلماء لماذا أو كيف تحدث مثل هذه الأخطاء في وقت بعينه و عند بعض الأشخاص دون غيرهم، و رغم وجود عدة إنزيمات بالخلايا تختص بالمراجعة و التدقيق و من ثم التصحيح، إلا أن بعض الأخطاء تمر أحيانا خصوصا عند مراحل النمو السريع للخلايا، حيث و قبل أن تتمكن الخلية من إصلاح اختلال الحمض، يمكن أن تتكوّن خلايا جديدة و تأخذ بالانقسام بدورها مع وجود الخلل و يكون أوان الإصلاح قد فات، و تكون التعليمات المتحكمة في النمو و الانقسام قد تغيرت بشكل نهائي، مما يؤدي إلى تطور نمو ورمي.

   و ثمة نوع آخر من الاختلال، ينجم عن شرود الصبغيات و انحرافها عن التساكن بمواقعها الصحيحة، أي حدوث التبادل بالمواقع بين عُرى الصبغيات ( Translocation )، و يعني التبادل حدوث تحول في المواقع ما بين جزئين من الحمض النووي، أي أن جزءاً من الحمض النووي بصبغي معين يتحول ليلتحق بصبغي مختلف غير الصبغي الصحيح، و بالتالي تتم إعادة ترتيب البرامج المشفرة بالحمض النووي للخلية مع ثبات الخطأ، و يتعطل النظام و السياق الموجه لأطوارها المختلفة، مما يؤدي بدوره إلى أن تصبح طليعة المورثات الورمية فعّالة دون تحكّم أو يتم إحباط عمل الجينات الكابحة للتورم، إضافة إلى حدوث ارتباك و تشتت في البرامج المنظمة للانقسام و التضاعف و النمو و التمايز نتيجة فقد أجزاء من شفرات التعليمات، و من ثم ينشأ النمو الشاذ الذي ينتج عنه نمو سرطاني، و تُعد آلية كهذه مسئولة عن نشوء أنواع متعددة من الأورام، مثل بعض أنواع اللوكيميا ( حيث يحدث التبادل في صبغيات مختلفة عند كل نوع )، أو مجموعة أورام يوينغ التي تنشأ بالأنسجة الرخوة و العظام أو أورام العضلات الهيكلية .

    و تجدر الإشارة من ناحية أخرى، إلى وجود أشكال أخرى من الاختلال الذي يصيب الحمض النووي، منها حدوث ما يُعرف بالانعكاس أو الانقلاب (  inversion ) مما يعني أن جزءا من صبغي ما تراكب بشكل مقلوب و ظل منعكسا عقب النسخ غير أنه لا يزال مرتبطا بنفس الصبغي، و منها أيضا حدوث الإضافات ( additions )، أي أن جزءا من صبغي ما ( أو الصبغي بكامله ) قد تضاعف و تتواجد نسخ كثيرة منه بالخلية، و كذلك حدوث الفقدان أو المحو ( deletion ) لبعض من مقاطع حمض نووي بصبغي معين، و يظهر الصبغي ناقصا و مبتورا، و تؤدي جميع هذه الأعطاب في اغلب الأحوال إلى نشوء بعض أنماط النمو السرطاني.


حول عوامل الخطورة لنشوء السرطان

    يُقصد بعوامل الخطورة ( Risk factors ) تلك العوامل التي تزيد من احتمال العُرضة لأي مرض مثل السرطان عند أي شخص، و بالنسبة لأورام الأطفال التي يظهر العديد منها في وقت مبكر جدا من حياة الطفل، و مع أن نشوء بعض هذه الأورام يُعد كنتيجة للتهيؤ و الاستعداد الوراثي أو العائلي، حيث السرطان ( يسرى في العائلة ) حسب التعبير الشائع، ( و إن كانت الإصابة ليست بالضرورة حتمية و إنما يزيد الاستعداد الوراثي من احتمال العُرضة لها )، إلا أن الأسباب وراء معظم أورام الأطفال تظل مجهولة تماما، و رغم أن التلوث الإشعاعي و التعرض للإشعاع سواء النووي أو غيره إضافة إلى حوادث التلوث بالنفايات السامة، جميعها تساهم في زيادة احتمالات و معدلات حدوثها، إلا انه و خلافا لأورام الكبار، لا يمكن إيجاد علاقة بينها و بين عوامل الخطورة الناجمة عن أسلوب الحياة و العادات الصحية السيئة، مثل التدخين أو تعاطي الكحوليات و المخدرات، أو التغذية غير الصحية أو الخمول و قلة النشاطات الجسدية، ناهيك عن عوامل الخطورة الناجمة عن ظروف العمل مثل التعرض المستمر للكيماويات السامة، أو العمل قرب المجالات الكهرومغناطيسية عالية التوتر أو غيرها.

و من عوامل الخطورة التي يُشار إليها عادة ضمن العوامل المساهمة في نشوء الأورام :

  • عوامل نمط المعيشة و العادات الحياتية، مثل التدخين أو التغذية غير الصحية أو العمل بصناعات تستخدم الكيماويات السامة، قد تكون جميعها عوامل خطورة لأورام البالغين، و لكن لا يمكن اعتبارها كذلك و بنفس القدر بالنسبة للأطفال المرضى بالسرطان، إذ أنهم صغار جدا حتى يتعرضوا لمثل هذه العوامل لمتسع من الوقت يمكن معه أن تشكل خطراً عليهم.

  • تاريخ العائلة و الوراثة و خصائص المورثات، تلعب جميعها دورا مهماً في بعض أنواع أورام الأطفال، و من الممكن لأورام بأنماط مختلفة أن تظهر أكثر من مرة في التسلسل الهرمي لعائلة واحدة، و لكن السبب وراء إطلاق نشوئها و حدوثها عند طفل محدد من العائلة دون غيره و في زمن ما، يظل مجهولا، سواء أكان بسبب اختلال المورثات أم التعرض لمواد كيميائية سامة أم التلوث الإشعاعي ، أم تفاعلات مركبة بين كل هذه العوامل أدت إلى تفعيل النمو الورمي الشاذ.

  • ثبت أن بعض العلل و الأعطاب بخصائص المورثات و التي تظهر ببعض المتلازمات و العلل الوراثية، مثل متلازمة ويسكوت الدريش ( Wiskott-Aldrich syndrome ) و متلازمة بيكويث ويدمان ( Beckwith-Wiedemann syndrome ) و متلازمة لي فراومـني ( Li-Fraumeni syndrome )، تُحدث تبدلات معينة بخـلايا الجهاز المنـاعي، و خصوصا خلايا المنشأ المولدة لخلايا الدم التي ينتجها النخاع العظمي، و التي يتطور بعضها بدوره و ينضج ليعمل كخلايا أساسية ضمن الجهاز المناعي، و تشير الدراسات إلى أن هذه الخلايا تصبح مختلة و معطوبة بحيث قد تنتج خلايا شاذة أي سرطانية، و ترتفع نسبة الخطورة لدى الأطفال المصابين بمثل هذه المتلازمات لنشوء أنواع مختلفة من الأورام.

  • تم الربط بين التعرض لتأثير بعض الفيروسات، مثل الفيروس المؤدي للإصابة بمتناذرة العوز المناعي المكتسب الإيدز المعروف بفيروس ( HIV )، أو فيروس إبشتين بار (Epstein-Barr virus EBV  )، و المؤدي للإصابة بداء وحيدات النوى
    (
    mononucleosis )  و بين زيادة معدل الخطورة للإصابة ببعض أنواع أورام الطفولة، مثل أورام هودجكن و الأورام الليمفاوية اللاهودجكن  ( خصوصا بمناطق إفريقيا المدارية )، و يحتمل أن هذه الفيروسات تُحدث تبدلات بالخلايا بطريقة ما، بحيث تنتج خلايا مختلة تتطور عقب تكاثرها و مرورها بمراحل النمو و التمايز إلى خلايا ورمية.

  • تأثيرات التعرض لبعض العوامل البيئية مثل التعرض للمبيدات الحشرية و الأسمدة الكيماوية و السكن قرب خطوط الكهرباء عالية التوتر، و قد تمت دراسة هذه العوامل لتقصي علاقتها المباشرة لأورام الطفولة، حيث لوحظ تكرار ظهور حالات السرطان لدى أطفال غير أقرباء يعيشون في نفس الأحياء السكنية، غير أن النتائج لم تثبت علاقة مباشرة بين التعرض لهذه العوامل، سواء قبل الولادة أو في الطفولة المبكرة و بين نشوء السرطان و قد يكون الأمر مجرد مصادفة.

  • تم الربط بين بعض أنماط معالجات أورام الأطفال، مثل الجرعات العالية من العلاج الكيماوي و العلاج الإشعاعي، و بين تطور أورام ثانوية غير الـورم الأصلي المُعالج عند بعض الحالات خلال فترات لاحقة من الحياة، فقد تسبب هذه المعـالجات و العقاقير القوية تبدلات بالخلايا أو بالجهاز المناعي، و تؤدي إلى اختلالات بالحمض النووي و نشوء التسرطن، و يكون الورم الثاني مختلفا و يُعد كنتيجة لمُعالجات الورم الأصلي.

 


 

حول الأعـراض الشائعة و التشخيص المبكر لسرطان الطفـولة

   من الصعب تمييز السرطان عند الأطفال بشكل مبكر، و ينبغي دائما إجراء الفحوصات الطبية الروتينية بشكل دوري، و التنبه بشكل خاص لأية علامات أو أعراض لا تبدو عادية، خصوصا إن استمرت لفترات متطاولة، دون أن تستجب للمعالجات العادية، و من الأعراض الشائعة و التي قد تشير إلى وجود نمو ورمي و تثير القلق :

  • ظهور تضخم أو كتلة مهما كان حجمها و بأي موضع.

  • الشحوب غير المفهوم أو فقدان النشاط.

  • نشوء توعك أو حمى غير مبررين، يستمران لفترات متطاولة، دون استجابة للمعالجات.

  • سهولة ظهور الكدمات على الجلد، و سهولة النزف من الأنف أو الأسنان أو اللثة دون مبرر واضح.

  • وجود الم موضعي و مستمر لفترة طويلة.

  • اختلال بالتوازن و الترنح الحركي، أو عرج بالمشي دون سبب محدد.

  • تغيرات فجائية بالعيون أو اختلال مستمر و متكرر بالرؤية.

  • صداع مستمر يكون مصحوبا بالتقيؤ في أغلب الأحوال.

  • حدوث انخفاض حاد و سريع بالوزن.

و يلاحظ أن مثل هذه الأعراض قد تشير إلى مجموعة واسعة من الأمراض التي تصيب الأطفال، و لا يعني ظهورها بالضرورة وجود نمو سرطاني، غير أنها تُعد مؤشرا أوليا يستدعي ضرورة التقصي و إجراء المزيد من الفحوصات و التحقق من الأمر.

    و من ناحية أخرى، و حال تشخيص الطفل بالسرطان ينبغي للأهل الإلمام بكل التفاصيل حول المرض، و اتخاذ العـديد من القرارات، مثل كيفية معالجة الطفـل، و البحث عن أفضل المـراكز المتخصصة بمعـالجة أورام الأطفال للمباشرة بالمعالجات بالسرعة الممكنة، أو إجراء تشخيص ثان في مركز طبي مختلف، و الكثير من الإجراءات المتعلقة بالحالة المُستجدة.
    و يُرجى الانتقال لصفحة التعامل مع سرطان الطفولة ، للإطلاع على بعض الفقرات حـول التجهيز للمعـالجات و العـوامل النفسية و الاجتماعية، و العلاقات بين الطفل و الأهل و الأطباء، و بعض المقترحات حول سرطان الطفولة.

 


 

الأنواع الرئيسية لسرطان الطفـولة

      ينشأ السرطـان لدى الأطفال بنفس المواضع تقريبا حيث تنشأ أورام البالغين، غير أن بعض الأنواع شائعة أكثر لدى الأطفال، و من جهة أخرى تختلف أورام الأطفال عن أورام البالغين، و لا تنتهج سلوكا مشابها بشكل دائم، و لا تتم معالجتها بنفس الخطط العلاجية، كما أنها لا تستجيب للمعالجات بنفس الوتيرة، إضافة إلى ارتفاع معدلات الشفاء القياسية مقارنة بأورام الكبار، ( لذلك ينصح الأطباء بضرورة تجنب القراءة عن أورام الكبار بُغية التعلم عن أورام الأطفال، أو التكهن بفرص الشفاء الممكنة لحالة أي طفل مريض ) إذ تختلف الخطط العلاجية و مؤشرات التكهن بالمردود العلاجي و تطورات المرض عند الأطفـال بشكل كبير عنها لدى البالغين، و تظهر الفروقات الرئيسية بمعدلات الشفاء أو النجاة ( Survival rates ) القياسية، و مسببات السرطان، حيث تبلغ معدلات الشفاء القياسية لدى أورام الأطفال في المتوسط نسبة 75 % و ترتفع هذه النسبة إلى أكثر من 90 % عند بعض الأنواع، بينما تبلغ لدى الكبار بالمتوسط نسبة 60 %، و يُعتقد أن هذا الفرق ناتج عن حقيقة أن أورام الأطفال أكثر استجابة و تفاعلاً تجاه المُعالجات، و حقيقة أن الأطفال أكثر قدرة على تحمّل العلاجات المكثفة، كما أن المعطيات للتكهن بمردود علاجي جيد ( prognosis ) و تقديرات المرض هي أكثر ايجابية لديهم.

    و تظهر أورام الطفولة و تنشأ غالبا بالخلايا الابتدائية أو الأوليّـة، و التي هي خلايا بسيطة إنشائية تمتلك قابلية النمـو و النضج و التمايز لإنتاج خلايا بالغة و أكثر تخصصاً، و عادة تؤدي التبدلات أو الإختلالات التي تصيب الخلايا و الممكن وصفها بالعشوائية إلى نشوء التسرطن لدى الأطفال، بينما عند أورام البالغين من المعتاد أن تتسرطن الخلايا المعروفة بالطلائية أو الظهارية ( epithelial )، أي التي تتواجد على سطوح الأنسجة، سواء الخارجية كالجلد أو الداخلية كالأنسجة المبطنة لمختلف التجاويف بالجسم، و يتطور السرطان نتيجة ممارسة أنماط حياتية مختلفة و تعرّض هذه الخلايا لتأثيرات مختلف الظروف البيئية و الحياتية عبر الزمن، و من هنا يمكن وصف أورام البالغين بأنها أورام مُكتسبة ( acquired ).

و من جهة أخرى تختلف معدلات أورام الطفولة بشكل كبير عن مثيلتها عند البالغين، حيث نجد أن أورام ابيضاض الدم، و أورام الدماغ و الجهاز العصبي، و الأورام الليمفاوية ( أو أورام الغدد الليمفاوية )، و أورام العـظام و الأنسجة الرخوة و الكِـلى و العيون و الغدد الكظرية، هي أكثر شيوعا عند الأطفال، بينما نجد أن أوراماً مثل أورام الجلد و البروستاتة و المثانة و الثدي و الرئة، هي الأكثر شيوعا لدى البالغين. 

و بالجدول التالي توضيح للأنواع الرئيسية من أورام الأطفال، و نشير إلى وجود أنواع أخرى تُعد نادرة جدا لدى الأطفال و غير مُدرجة،  و يُرجى الانتقال لصفحة ( حول أنواع الأورام ) أو اختيار نوع الورم من الجدول للانتقال إلى صفحته الخاصة.

 يُعد سرطان إبيضاض الدم ( اللوكيميا ) أكثر أنواع الأورام شيوعا لدى الأطفال و يشكّل نسبة تقترب من ثلث حالات أورام الأطفال، بينما تُعد أورام الجهاز العصبي  بالدماغ و الحبل الشوكي ثاني أكثر الأنواع شيوعا، و تمثل نسبة تقترب من 20 % من الحالات، و تنشأ معظم أورام الدماغ لدى الأطفال في منطقة المخيـخ و جذع الدماغ، بينما مثيلتها عند البالغين تنشأ بمواضع أخرى غالبا بمنطقة المخ، و تُعد أورام الحبل الشوكي أكثر نُدرة من الأورام الدماغية سواء عند الأطفال أو البالغين.

و تُعد الأورام الليمفاوية التي تنشأ بأنسجة الجهاز الليمفاوي، بالترتيب الثالث ضمن شيوع الأورام لدى الأطفال، و تتراوح معدلاتها بين سبعة  إلى عشرة بالمئة من الحالات، و تتماثل نسبتها تقريبا مع أورام الأوليّات العصبية التي تعتبر الأكثر شيوعا ضمن الأورام الصلبة للخلايا العصبية خارج الدماغ، و يتم تشخيصها غالبا خلال السنة الأولى من العمر، بينما يمثل ورم ويلمز الكلوي الذي يصيب إحدى أو كلتا الكليتين، ما نسبته حوالي ستة بالمئة تقريبا من مجمل الأورام، و يظهر غالبا عند الأطفال بسن تقلّ عن الثلاث سنوات.

الأنواع الرئيسية لأورام الأطفال

ابيضاض الدم الليمفاوي الحاد Acute lymphoblastic leukemia
ابيضاض الدم النخاعي الحاد Acute myeloid leukemia
الأورام الليمفاوية اللاهودجكن Non Hodgkin lymphoma
أورام هودجكن Hodgkin's Disease
أورام الدماغ و الحبل الشوكي Brain & spinal cord Tumors
أورام الأوليات العصبية Neuroblastoma
أورام أوليات الشبكية Retinoblastoma
الأورام الغرنية بالعضلات المخططة Rhabdomyosarcoma
الأورام الغرنية بالعظام Osteosarcoma
أورام الأنسجة الرخوة Soft tissue sarcoma
مجموعة أورام يوينغ Ewing's sarcoma
ورم ويلمز الكلوي Wilm's Tumor
 

و يُمثل ورم جذيعات الشبكية أو سرطان الشبكية ما نسبته حوالي 3 %  من مجمل أورام الأطفال، و يظهر غالبا عند الأطفال بسن تقل عن الأربع سنوات، و عند حوالي ربع الحالات يصيب كلتا العينين، و تظهر نفس النسبة تقريبا عند أورام العضلات المخططة الغرنية
(
Rhabdomyosarcoma ) و التي تُعد من أكثر أورام الأنسجة الرخوة شيوعاً لدى الأطفال، و تنشأ عن تسرطن الخلايا الأوليّة المكونة للعضلات المخططة الهيكلية، و بالنسبة لأورام العظام فهي غير شائعة عند الأطفال، و تُعد نسـبة أنواعها الابتدائية ( التي تنشأ بالعظام أولا ) أقل من مثيلتها الثانوية ( التي تنتقل من مواضع أخرى إلى العظام ) سواء عند الأطفـال أو البالغين، و يُعد ورم العظام الغـرني ( Osteosarcoma ) الأكثر شيوعا ضمن أنواع أورام العـظام الابتدائية لدى الأطفـال و المراهقين، و تُعد مجموعة أورام يوينغ الأقل شيوعا.

و نشير إلى أن المعدلات المذكورة هي نسب عامـة، و قد تختلف باختلاف العرقيـات و الأجناس و المناطق الجغرافية، حيث ترتفع معدلات ظهور أورام معينة، في المناطق التي تعرضت لكـوارث و حروب نووية، أو تعرضت للتلوث بالنفايات السـامة أو لظروف غير طبيعية، و تظهر أورام أخرى بنسب ضئيلة، بينما ترتفع معدلات بعض الأورام مثل أورام الدم، عند بعض العرقيات دون غيرها.


الفحوصات و التحاليل المخبرية عند تشخيص سرطان الطفـولة  

      عند تشخيص الأورام، يتم إجراء العديد من الفحوصات و التحاليل المخبرية التي تستهدف تصنيف السرطان، سواء لتحديد تصنيف الـورم ضمن فئته، و تصنيف درجته ( Grading )، أو تصنيف مرحلته ( Staging )، كي يتسنى وضع خطة العـلاج الملائمـة و بالسرعة الممكنة، و يُحدد التصنيف أيضا كمّ النسيج السرطاني الموجود بالجسم و موضعه و مدى انتقاله،  و على سبيل المثال يتم لدى تصنيف الأورام الصلبة تحديد حجم الورم و تُفحص الغدد الليمفاوية المتضررة، و التحري عن مدى انتقال الورم، و يتم لدى تصنيف أورام الدم تفحص النخاع العظمي و الكبد و الطحال، إضافة إلى الغدد الليمفاوية للتقصي عن مدى تضرر هذه الأعضاء.

      و ثمة مجموعة واسعة من التحاليل و الفحوصات و الاختبارات، و التي تُجرى تبعا لنوع الورم، تبدأ من إجراء عمليات الخزع الجراحي ( biopsy ) بهدف استخلاص خزعة من أنسجة الورم جراحيا، ليتم فحصها تحت المجهر بُغية تحديد نوعه و خواصه الحيوية و تمظهر أنسجته، مرورا بتحاليل الدم المختلفة و معدلات كيميائيات سوائل الجسم، و التقاط الصور البدنية بطرقها المتعددة، من أشعات مختلفة كالأشعة السينية، و التصوير الإشعاعي الطبقي ( Computed tomography scan )، و التصوير بالموجات فوق الصوتية، إضافة إلى التصوير بالرنين المغناطيسي ( Magnetic resonance imaging )، و إنتهاءا بتحاليل المورثات الخلوية، و تعداد الخلايا و الكيمياء الحيوية، و تستهدف جميع هذه الفحوصات تحديد مختلف جوانب الأورام بدقة، قبل المباشرة بالخطط العلاجية، و من ثم يُستخدم الكثير منها دوريا أثناء المعالجات و عقب انتهائها، لمراقبة التطورات المرضـية، و مسار المعالجات و تقصي مدى نجاعتها، و تأثيراتها الجانبية المصاحبة، إضافة إلى فعّالية أعضاء الجسم الحيوية و مدى تأثرها بالعلاجات.

( يُرجى الانتقال إلى صفحة الفحوصات و التحاليل المخبرية للإطلاع على المزيد من التفاصيل ).


 

حول أنظمة تصنيف الأورام

      يتم تصنيف الأورام من خلال استخلاص جانبين من المعلومات حولها، يتركز الجانب الأول في مدى تماثل الخلايا السرطانية مع الخلايا الطبيعية، و يسمى بتصنيف درجة الـورم (  Grading )، و يتمثل الجانب الثاني في مدى الكـمّ السرطاني الموجود بالجسم و مواضع تركزه و رقعة انتشاره، و يسمى بالتصنيف المرحلي للأورام ( staging ).

و تُعد أنظمة تصنيف الأورام من الأركان المهمة في تخطيط المعالجات، حيث تعطي فكرة واضحة عن نمط السلوك الحيوي المتوقع للخلايا السرطانية، و تقدير مدى استجابتها للمعالجات و موازنة العائد العلاجي بين الخطط العلاجية، الأمر الذي يضمن ترتيب الخطة العلاجية الفعالة و بأفضل مردود علاجي ممكن، و من هنا يستخدم الأطباء تعبير التكهن بالمردود العلاجي المتوقع ( prognosis )، أي التكهن بمدى استجابة الورم للمعالجات و استشراف الدلائل حول السلوك الممكن للسرطان و فرص الشفاء لدى المريض، لتلخيص معطيات تصنيف الورم، و يعتمد تقدير الحالة على عدة عوامل، أهمها بطبيعة الحال نوع السرطان و تصنيفه المرحلي و درجته، إضافة إلى عمر المريض و حالته الصحية العامة و فاعلية المعالجات.

      و بهذا الصدد من المفيد أن نتوقف قليلا عند هذا التعبير، أي التكهن بالمردود العلاجي المتوقع، حيث يلزم أن نفصل بين المعنى الذي يقصده الأطباء، و المعنى الذي يفهمه المرضى أو الأهالي، أي بمعنى آخر الفصل بين مغزى التكهن و التقدير عند الطرفين، و ما يستخلصه كليهما من معطيات حول المردود المتوقع، فحين يناقش الأطباء معطيات التكهن العلاجي عند المريض، فهم يحاولون تصور ما الذي يمكن أن يحدث من تطورات خلال المعالجة و بالتالي ترتيب الخطة العلاجية الملائمة و الشاملة و التحسب للاحتمالات منذ البداية، و يصفون عادة معطيات التكهن بأنها مواتية أو واعدة (  Favorable prognosis  )، حيث من المتوقع أن يستجيب الورم للعلاجات بشكل جيد جدا، أو غير مواتية أو غير واعدة ( unfavorable prognosis )، حين يرون أن الورم من النوع الذي تصعب السيطرة عليه، و يتم التصرف بترتيب الخطة العلاجية بناءا على هذه المعطيات، و الواقع أن الأمر يتعدى مجرد التكهن بالمعنى الحرفي للكلمة، فهو تصور مبني على أساس متين من المعطيات الواضحة المستخلصة من مختلف الفحوصـات و التحاليل، و على ذلك يمكننا القول أن الأمر بالنسبة إليهم هو عمل حرفي خالص، يضع في الحسبان الأوجه التي يمكن للسرطان سلوكها و ردود فعله المحتملة تجاه المعالجات، و معطيات محددة يتم استخدامها لوضع خطة لمواجهته، فمثلا حين يكون الورم من الدرجة العليا و منتقل إلى مواضع أخرى غير موضع نشوئه الأصلي، يلزم إتباع خطة علاجية قياسية و مكثفة تتكون من عدة علاجات قدمت معدلات شفاء قياسية عند الحالات المشابهة، و بطبيعة الحال لا يعني ذلك أن نفس التطورات ستظهر بالضبط عند المريض موضوع المعالجة، فلا يوجد مريضان بالسرطان يتماثلان في كل شيء و إن كان التشخيص واحدا.

بينما عند المرضى و أهاليهم فالتكهن بالمردود العلاجي المتوقع هو مؤشر على مدى خطورة المرض، و يندرج ضمن مؤشرات أخرى، مثل الإحصائيات الطبية حول معدلات الشفاء، بغرض تكوين فكرة عن فرص الشفاء الممكنة و استقراء مستقبل المريض، و من الطبيعي أن يؤثر ذلك على طريقة تعاملهم مع الوضع ككل، و لعلنا نوضح الفكرة أكثر لو تمثلنا الأمر كرحلة بحرية، فنحن بالتأكيد سنبحر و حسب حالة الطقس و معلوماتنا حول البحر، سنستخدم محركا واحدا بالسفينة أو محركين أو قد نضيف أشرعة فـوق ذلك، و سنتحسب لكل التطورات الممكنة و سنراقب كل شيء طوال الوقت، و لكن هل سنصل بالتأكيد إلى وجهتنا كما وصل غيرنا من قبل، الأطباء لا يستخدمون مؤشرات المرض و معطيات التكهن للإجابة عن هذا السؤال، و إنما للتخطيط لرحلة الإبحار بكل الإمكانيات المتوفرة و بأقصى درجة من الاستعداد، بينما عند الأهالي فالتكهن هو جزء من عدة معطيات تسعى لإيجاد إجابة محددة، و سنتحدث في فقرة معدلات الشفاء حول هذه المسألة بتوسع أكثر.

 

تصنيف درجة الورم ( Grading )

    يُستخدم نظام تصنيف درجة الورم لتحديد درجة تمايز الخلايا السرطانية عن الخلايا الطبيعية بناءا على مظهرها تحت المجهر، أي تحديد درجة شذوذ الخلايا الورمية بالنسيج المتسرطن مقارنة بالخلايا الطبيعية، و يستخدم تعبير التمايز ( differentiation ) لوصف مدى التماثل بينهما في المظهر المجهري و بالتالي في أداء الوظائف، و من هنا فتحديد درجة التمايز يعطى فكرة واضحة عن السلوك الحيوي للخلايا الورمية من حيث شدتها و سرعة نشاطها، أو ما يمكن تسميته بالعدوانية أو الشراسة.

   و من المعتاد بشكل عام استخدام تصنيف يتكون من أربعة درجات، حيث بالمستوى الأول تُدرج الخلايا الورمية واضحة التمايز ( well-differentiated )، و التي تعتبر عموما الأقل شراسة نسبة إلى سلوكها الحيوي، و في هذه الحال يُعد الورم من الدرجة الدنيا
(
low-grade tumor )، و على النقيض من ذلك تُدرج بالمستوى الثالث و الرابع الأورام ذات الخلايا قليلة التمايز عن الخلايا السليمة أو غير المتمايزة ( undifferentiated )، و التي تعتبر بدورها الأكثر شراسة في سلوكها الحيوي، و يُعد الورم من الدرجة العليا
(
high-grade tumor ).

و من هنا يمكن تلخيص نظام تصنيف درجة الأورام حسب الدرجات التالية :

  • درجة مجهولة ( GX ) :   حيث يتعذر تقييم مدى تمايز الخلايا الورمية، و هنا  يُعد الورم بدرجة غير معرّفة أو غير محددة ( Undetermined grade ).

  • درجة 1 ( G1 ) : حيث التمايز واضح و محدد، و يُعد الورم من الدرجة الدنيا.

  • درجة 2 ( G2 ) : حيث التمايز واضح بشكل معتدل ( Moderately )، و هنا  يُعد الورم من الدرجة المتوسطة أو المعتدلة ( Intermediate grade ).

  • درجة 3 ( G3 ) : حيث التمايز قليل الوضوح ( Poorly differentiated )، و يُعد الورم من الدرجة العليا.

  • درجة 4 (G4  ) : حيث الخلايا غير متمايزة ( Undifferentiated )، و يُعد الورم من الدرجة العليا.

و مع أن أنظمة تصنيف درجات الأورام تُستخدم عند معظم أنواع السرطان، غير أنها مهمة بصفة خاصة عند أورام معينة، مثل الأورام الدماغية، و الأورام الليمفاوية، و أورام الأنسجة الرخوة، إضافة إلى أورام الثدي و البروستاتة لدى البالغين.

التصنيف المرحلي ( Staging )

كما سلفت الإشارة، يتمثل التصنيف المرحلي للأورام في استخلاص المعطيات لتحديد الكمّ السرطاني الموجود بالجسم و مواضع تركزه، حيث من الضروري معرفة هذه المعطيات لتخطيط المعالجات، و للتأكد من تلقي المريض للعلاج الملائم حسب نوع الورم المشخص، مع التحسب للسلوك الذي قد ينتهجه السرطان تجاه المعالجات، فمثلا قد تبدأ معالجة ورم ما من النوع الصلب و بالمراحل المبكرة بإجراء جراحة استئصالية مع استخدام العلاج الإشعاعي بجرعات معينة، بينما قد يتطلب نفس الورم في مراحل متقدمة استخدام العلاج الكيماوي إضافة إلى ذلك.

و يتركز التصنيف المرحلي حول الورم الأصلي المشخص دون الأورام الثانوية، و يتعلق بتوفير كافة المعطيات حول حجم النسيج الورمي، و مدى نموه عبر الأنسجة المجاورة، و مدى انتقاله خصوصا إلى الغدد الليمفاوية المتاخمة لموضع نشوئه، إضافة إلى مدى انتشاره و انتقاله إلى مواضع و أعضاء حيوية أخرى مجاورة أو بعيدة.

و يستخدم الأطباء أربعة وسائل للاستدلال، بُغية توفير المعطيات المطلوبة لتحديد مدى امتداد السرطان بمواضع مختلفة، و في فترات زمنية مختلفة :

  • التصنيف بالتشخيص السريري ( Clinical-diagnostic staging ): أي المعطيات المستخلصة عن الكمّ السرطاني مما يمكن للطبيب رؤيته و تحسسه، و تحديده بالفحوصات السريرية، و الاختبارات التصويرية مثل الأشعة السينية، و التحاليل المخبرية.

  • التصنيف بالتقييم الجراحي ( Surgical-evaluative staging  ): أي استخلاص المعطيات عبر العمل الجراحي سواء الاستكشافي أو الخزع الجراحي أو كليهما.

  • التصنيف عقب المعالجة الجراحية ( Post-surgical-treatment pathologic staging ): أي تحديد تصنيف المرض عقب العمل الجراحي، بتفحص النسيج الورمي مباشرة و تفحص خلاياه مجهريا.

  • تصنيف المعالجات المُعادة ( Re-treatment staging ): أي استخلاص المعطيات عن امتداد المرض عند البدء بمعالجات إضافية أو مختلفة كليا، و لنفس الورم.

و بطبيعة الحال تختلف أنظمة التصنيف باختلاف أنواع الأورام، إذ يصنف البعض بدرجات رقمية و البعض حسب تموضعه و انتقاله، و بالصفحات الخاصة بأنواع الأورام نبذة عن نظام التصنيف المتبع عند كل نوع.


 

حول معـالجات سرطان الطفـولة      

 

     بُغية ترتيب أفضل مخطط علاجي، يقوم الأطباء بدراسة الوضع من مختلف الجوانب، بما في ذلك الدراسة الشاملة للظروف الصحية للطفل، و نوع السرطان، و تصنيفه ضمن فئته، و تصنيفه المرحلي و مدى انتقاله من موضع نشوئه، و تأثيره على الأعضاء الحيوية، إضافة إلى عدة عوامل جانبية، و تحدد الخطة العلاجية نوع العلاجات و دوراتها و مـدتها، و توضع حسب المعطيات الخاصة بكل مريض، و تختلف بالتالي من حالة لأخرى حتى عند الحالات بنفس التشخيص، و اعتماداً على طريقة استجابة جسم المريض للمعالجات و التطورات الصحية، يتم تحديد الخطوات العلاجية التالية، بما في ذلك تعديل الخطة العلاجية الأصلية أو تغييرها.

و تتماثل معالجات سرطان الطفولة مع العلاجات المستخدمة عند أورام البالغين، و هي تشمل :

العمل الجراحي، و العلاج الكيماوي ( Chemotherapy ) ، و العلاج الإشعاعي ( Radiation therapy )، و العلاج المناعي  
(
Immunotherapy )، و زرع نُـقى النخاع العظمي ( Bone marrow transplantation ) أو زراعة خلايا المنشأ المولّدة لخلايا الدم ( stem cell transplantation )، و تعتمد الخطط العلاجية على نوع الورم، و قد يتم الاقتصار على أحد هذه العلاجات منفردا عند بعض الحالات، غير أن معالجة اغلب أورام الأطفال تتم بخطة تتكون من توليفة مشتركة من علاجين أو أكثر للقضاء على الخلايا السرطانية.

      و نتعرض في الفقرات التالية لنبذة مختصرة عن هذه المعالجات، و يُرجى الانتقال إلى الصفحات الخاصة بكل منها للإطلاع على تفاصيل وافية و أكثر شمولاً.

 

الجراحة

      تُعد الجراحة جزءا أساسياً في الخطط العلاجية عند أغلب الأورام الصلبة لدى الأطفال، و يستهدف العمل الجراحي الوصول إلى موضع الورم من أقصر الطرق، و أقلّها تأثيراً على أنسجة الجسم السليمة، و من ثم التحقق من تسرطن الورم؛ عبر استخلاص خزعة من أنسجته لتحليلها، تمهيداً لاستئصال أكثر كمّ ممكن من نسيج الورم و بأقل أضرار ممكنة، و باستخدام كافة التقنيات المتوافرة، مع مراعاة تأثير ذلك على الأعضاء الحيوية المجاورة، إضافة إلى إزالة مساحة معينة من الأنسجة المحيطة بالورم تحسبا لانتشاره عبرها، و من ثم التقصّي عن مدى انتقاله إلى الأنسجة و الأعضاء القريبة، خصوصا الغدد الليمفاوية أو أية مواضع من المعتاد انتقال الخلايا الورمية إليها، و ذلك حسب نوع الورم موضوع الجراحة، و من البديهي أن يختص كل نوع من الأورام، بأسلوب جراحي مختلف و تقنيات مرتبطة بموضعه، و مدى تركزه و رقعة انتشاره، و حسب الحال قد يتم استخدام العلاجين الكيماوي أو الإشعاعي أو كليهما قبل الجراحات، بُغية حصر و تقليص حجم الورم مما يسهل من الاستئصال، إضافة إلى استخدامهما عقب الجراحات، بُغية القضاء على الخلايا السرطانية غير المميزة التي قد تكون متبقية، أو تمهيدا للجراحات التالية .

( يُرجى الانتقال إلى صفحة الجراحة للإطلاع على المزيد من التفاصيل حول جوانب العمل الجراحي ).

 


 

العـلاج الكيمـاوي

 

      العلاج الكيماوي هو علاج باستخدام أدوية خاصة تُعرف بالعقاقير الكيماوية المضادة للسرطان، تقوم بالقضاء على الخلايا السرطانية و تدميرها، و ذلك بعرقـلة و تقويض نسق العمليات الحيوية داخلها، و تأتي الميزة الرئيسية لهذا العلاج من مقدرته على معالجة الأورام المتنقلة و المنتشرة، بينما يقتصر العلاج الإشعـاعي أو العمل الجراحي على معـالجة الأورام المنحصرة بمواضع محدّدة، و تعود فعّاليته المتميّزة إلى حقيقة أن الخلايا السرطـانية، بطريقة ما، هي أكثر حساسية و أشد تأثراً بالكيماويات من الخـلايا الطبيعية، و قد يتم استخدامه كعلاج وحيد في بعض الحالات، أو جزء من برنامج علاجي متكامل يتضمن عدة علاجات مشتركة، و يتم اتخاذ القرار باستخدام هذا العلاج، بالموازنة ما بين فعّاليته و تأثيراته الجانبية و مضاعفاته المستقبلية، و بين خطورة السرطـان، و بطبيعة الحال فمضاعفاته و آثاره مقبولة مقارنة بالمرض نفسه، إضافة إلى أن المردود العلاجي إيجابي بدرجة كبيرة.

    و قد يُسمى العلاج الكيماوي بالعلاج الجهازي ( systemic ) أو البدني؛ حيث يشمل كل بُنية الجسم، نظراً لانتقال العقاقير الكيماوية عبر الدورة الدموية إلى كل أجزاء الجسم، و لمقدرتها على تدمير الخلايا السرطانية حيثما تبلُغ، و قد يتم استخدامه قبل المباشرة بالجراحات عند الأورام الصلبة تحضيراً لها و بُغية تسهيلها؛ بحصره و تقليصه لكتلة الورم، بما يُعرف بالعلاج الكيماوي المبدئي المُساعد ( Neoadjuvant )، كما قد يُستخدم عقب انتهاء العمل الجراحي و استئصال الأورام؛ بهدف القضاء على أية خلايا ورمية غير ممّيزة قد تكون متبقية، و المساعدة في تجنّب عودة النمو الورمي للخلايا السرطانية، فيما  يُعرف بالعلاج الكيماوي المُضاف ( adjuvant ).

و يتم تناول أدوية العلاج الكيماوي بطرق و قنوات مختلفة، فمنها ما يؤخذ عن ‏طريق الفم على هيئة أقراص أو كبسولات أو سوائل، و أغلبها تُحقن بالجسم، بطرق الحقن المختلفة: الحقن في الوريد، الحقن في العضل، ‏الحقن في شريان رئيسي أو الحقن موضعيا مباشرة تحت الجلد، و إن كان الحقن الوريدي هو أكثر الطرق استخداماً، و قد تُستخدم وسائل أخرى للمساعدة على الحقن، مثل ‏ استخدام القسطرات ( catheters )، التي يتم زرعها عادة بالصدر و يمكن استخدامها لفترات طويلة، كما يتم حقن الأدوية مباشرة إلى السائل الشوكي المُخّي المُحيط بالحبل الشوكي و الدماغ، فيما يُعرف بالحقن الغِمدي ( Intrathecal ) سواء للقضاء على الخلايا الورمية، أو لحماية الجهاز العصبي المركزي و الدماغ، و يتم ذلك عادة بالحقن عبر الفقرات القَطَنية أسفل العمود الفقري، أو عبر أداة قسطرة خاصة تُزرع تحت فروة الرأس تُعرف بمحفظة أومايا ( Ommaya reservoir ).

      و تتكون البرامج العلاجية عادة من عدة دورات متكررة تفصل بينها فترات نقاهة، و قد يتلقى المريض خلال كل دورة توليفة مشتركة من عدة أدوية كيماوية، أو يتم الاقتصار على عقار واحد، حسب نوع الورم و المخطط العلاجي المقرر، و بصفة عامة يتم استخدام العلاج الكيماوي خلال فترات زمنية متطاولة لتخفيض كمّ الخلايا السرطانية بالتدريج، إلى الحدّ الذي يتمكن فيه نظام المناعة بالجسم من السيطرة على أي نمو ورمي، إضافة إلى أن الفسحة الزمنية ما بين الجرعات توضع بغرض تحقيق أكبر تأثير على الخلايا السرطانية، و بنفس الوقت إعطاء فترة كافية للسماح للخلايا و الأنسجة العادية كي تتعافى من مفعول العقاقير الكيماوية، إذ أن لأنواع العقاقير المختلفة تأثيرات بدرجات متفاوتة على الخلايا و الأعضاء الطبيعية السليمة، خصوصا الخـلايا و الأنسجة سريعة النمـو و غزيرة التكاثر و دائمة الاستبدال، مثل خلايا النخاع العظمي، و خلايا و أنسجة الجهاز الهضمي، إضافة إلى بعض الأعضاء الحيوية مثل الكبد و الكليتين، مما يؤدي بدوره إلى نشوء المضاعفات الجانبية المُصاحبة، و التي تتفاوت في الشدّة و النوعية من عقار لآخر، و من شخص لآخر، و من دورة علاجية لأخرى حتى بالنسبة لنفس الشخص، و تعتمد أساساً على نوع و جرعة العقار المُستخدم و تفاعل الجسم حياله، و هذه التأثيرات متعددة؛ و تشمل إحباط النخاع العظمي ( و بالتالي إنخفاض تعداد خلايا الدم )‏، و مضاعفات الفم و اللثة ( مثل الالتهابات و التقرح و الجفاف )، و تساقط الشعر المؤقت، و الإمساك و الإسهال، و الإعياء و الغثيان و التقيؤ و فقدان الشهية، و تحسس الجلد و البشرة، و يتم عادة تناول أدوية مُساعدة، و اتخاذ بعض التدابير الوقائية و المساندة؛ لتجنب مثل هذه التأثيرات و للوقاية منها و للتخفيف من حدّتها، قبل الدورات العلاجية و أثناءها و عقب انتهائها.

( يُرجى الانتقال إلى صفحة العلاج الكيماوي، للإطلاع على تفاصيل أكثر حول هذا العلاج و أساليب إدارته و مضاعفاته ).


 

العـلاج الإشعـاعي

 

      العلاج الإشعاعي هو علاج باستخدام التطبيقات المختلفة للإشعاع المؤين ( ionizing radiation )، بُغية تدمير الخلايا السرطانية و تقليص الأورام، سواء باستخدام العناصر و النظائر المُشعّة، أو باستخدام دفق إشعاعي، مُؤجّج و عالي الطاقة، من الأشعة السينية أو أشعّة أخرى مثل أشعة جاما، أو دفق النيوترونات أو البروتونات، و تتركز فاعلية الإشعاع، في مقدرته على تقويض و تفتيت الحمض النووي للخلايا الورمية، و هو المادة الحيوية و الأساسية لمختلف الوظائف الخلوية، مما يؤدي إلى القضاء عليها.

يُعد العلاج الإشعاعي علاجا موضعياً، و هو ينقسم إلى نوعين؛ داخلي ( Internal )، حيث تُزرع العناصر المشعّة مباشرة داخل أنسجة الورم، أو قريبا منها، سواء بشكل مؤقت أو بصفة دائمة، و خارجي ( external )، حيث يُبث الإشعاع من آلة تُسلط الأشعّة بعد أن تؤججها على مواضع الأورام، و قد يتم استخدام كلا النوعين لدى بعض الحالات، و بطبيعة الحال، و تلافيا لآثار الإشعاع، يتم اتخاذ تدابير وقائية أثناء المعالجة الإشعاعية، لحماية الأنسجة و الأعضاء الطبيعية السليمة بحقل المعالجة.

و قد يتم استخدام العلاج الإشعاعي منفرداً، كعلاج وحيد، أو بصفة مشتركة مع علاجات الأورام الأخرى، و قد يُستخدم بديلاً عن الجراحة كعلاج أوليّ، عند بعض الأورام الصلبة، كما قد يُستخدم قبل المباشرة بالعمل الجراحي  فيما يُعرف بالعلاج المبدئي المساعِد ( neoadjuvant therapy )، بُغية تقليص حجم الورم؛ لتسهيل استئصاله، أو يتم استخدامه عقب إنتهاء جراحات الاستئصال كعلاج مُضاف ( adjuvant therapy )؛ بُغية القضاء على أية خلايا ورمية غير مميّزة قد تكون متبقية.

    و بطبيعة الحال، للعلاج الإشعاعي مضاعفات و آثار جانبية مُصاحِبة، ترتبط إجمالا بموضع المعالجة، و تنجم بشكل عام عن تأثر الخلايا و الأنسجة سريعة النمو و الاستبدال، و من هذه التأثيرات : مضاعفات الجلد و البشرة، و الإعياء، و التهابات و جفاف الفم،
و تساقط الشعر، و الغثيان، و المشاكل المعوية، و
إحباط النخاع العظمي ، و يتم اتخاذ بعض التدابير الوقائية و المُسانِدة، و تناول أدوية مُساعدة؛ لتجنب مثل هذه الآثار و للتخفيف من حدّتها.

( يُرجى الانتقال إلى صفحة العلاج الإشعاعي، للإطلاع على المزيد من التفاصيل ).


 

زرع نُـقى النخـاع العـظميBone marrow transplant  )

 

      النخاع العظمي هو النسيج الإسفنجي اللين و المسمى بالنخاع الأحمر، و المتواجد داخل جزء العظام المعروف بالعظم الإسفنجي، و الذي تتمثل وظيفته الأساسية في إنتاج خلايا الدم، و يتكون من خلايا متحولة ( تتحول إلى خلايا دموية أي مولدة لمكونات الدم hematopoietic cells )، و خلايا دهنية، و أنسجة تساعد على نمو خلايا الدم ، و يوجد النخاع العظمي في كل العظام تقريبا عند الأطفال الرُضّع، بينما و قبيل سن البلوغ، يتركز غالبا في العظام المسطحة، مثل عظم الجمجمة، و الأكتاف، و الضلوع، و عظام الحوض، و مفاصل الذراعين و الرجلين.

و الخلايا في بداية التكوين ( الأولية ) تسمى خلايا أرومية أو خلايا المنشأ (  Stem cells)، و هي تقوم بالانقسام الذاتي لتتكاثر، منتجة لخلايا منشأ جديدة، أو تقوم عبر سلسلة من الانقسامات التراكمية و التحولات المتعاقبة، بإنتاج خلايا الدم المختلفة ( كريات الدم البيضاء و الحمراء و الصفائح الدموية )، التي تواصل مراحل النمو و النضج داخل النخاع.

    و تأتي الحاجة إلى إجراء عمليات زرع نقى النخاع العظمي ( Bone marrow transplant )، أو عمليات زرع خلايا المنشأ  
(
Stem cells transplant ) حين يعجز النخاع عن أداء وظائفه، و ينجم هذا العجز إما عن تأثيرات السرطان نفسه، الذي يجعله إما منتجا لخلايا ورمية شاذة، أو منتجا لأعداد ضئيلة من خلايا الدم،  أو ينجم عن تأثيرات العقاقير الكيماوية و العلاج الإشعاعي الشديدة، فقد يستلزم الأمر للقضاء على الخلايا السرطانية، ( خصوصا عند أورام الدم و الأورام الليمفاوية، و بعض أنواع الأورام الصلبة )، إتباع برامج علاجية قوية، بجرعات مكثفة تؤدي إلى إحباط و تدمير النخاع نفسه، و من هنا تستهدف عمليات الزرع، استبدال خلايا المنشأ بالنخاع المُصاب بالسرطان، أو المٌحبط بالعلاجات، بخلايا سليمة و معافاة، قادرة على النمو و التكاثر و إنتاج خلايا الدم.

    و تشمل المصادر الممكنة لاستخلاص خلايا المنشأ و استخدامها للزرع، النخاع العظمي و الدورة الدموية، سواء من المريض نفسه أو من متبرع، و تجرى الدراسات حديثاً لاستخلاصها من الحبل السُري للمواليد الجدد، و تنقسم عمليات الزرع إلى نوعين حسب مصدر خلايا المنشأ، الزرع الذاتي ( Autologous ) حيث تُستخلص من دم أو نخاع المريض نفسه، و الزرع المُثلي أو السُلالي، أي من الغير ( Allogeneic ) حيث تُجمع من دم أو نخاع متبرع، و يتم اختيار المتبرع المناسب بعد إجراء تحليل نسيجي خاص للدم، يُعرف بتحليل مستضدات الكريات البيضاء ( human leukocyte antigens HLA )، و يستهدف هذا التحليل، مطابقة الشفرات الوراثية لبروتينات مولدات المضادات التي تنتجها كريات الدم البيضاء، و هي بروتينات خاصة بتمييز الخلايا الذاتية عن الغريبة، مثل البكتيريا أو الفيروسات أو الأنسجة المزروعة، و يعتمد نجاح الزراعة على مدى تطابق الأنسجة بين المتبرع و المتلقي، و التطابق المثالي هو الذي يجمع ستة فئات من هذه البروتينات، و المتبرع المثالي هو الشقيق التوأم المتماثل، يليه الأخوة الأشقاء، ثم أحد الوالدين، أو متبرع غير ذي قربى للمريض.

    و يعتبر النخاع المصدر الرئيسي لخلايا المنشأ، و عند استخدام الزرع الذاتي، يتم استخلاص كمية من نخاع المريض، و تتم معالجتها للقضاء على أية خلايا سرطانية، ثم تحفظ تحت التجميد، و يتم إعطاء المريض جرعات عالية من العقاقير الكيماوية، مع العلاج الإشعاعي أو بدونه، و ذلك لتدمير كامل النخاع المتبقي، و من ثم يُزرع النخاع المعالج، و عند استخدام الزرع المُثلي، يتم استخلاص كمية من نخاع المتبرع، بعد إجراء الفحوصات و التحاليل المختلفة؛ للتأكد من صحته العامة و خلوّه من الأمراض المُعدية، و يتم انتقاء و جمع خلايا المنشأ على حدة، و عقب انتهاء مراحل تهيئة المريض للزرع، بإعطائه جرعات عالية من العقاقير الكيماوية مع العلاج الإشعاعي أو بدونه، بغية إحباط الجهاز المناعي إلى أدنى حد، و لتدمير النخاع العظمي المصاب، يتم زرع خلايا المنشأ المنتقاة.

   و يتم استخلاص خلايا المنشأ من الدورة الدموية، و تُعرف في هذه الحال بخلايا المنشأ المُحيطية أو الدورية ( peripheral stem cells )، و كمياتها عادة غير كافية للجمع، و يعتبر استخدامها للزرع الذاتي عملياً، عند وجود إمكانية لحث النخاع العظمي لدى المريض على إفرازها داخل الدورة الدموية بكميات كافية للزرع، أما عند الزرع المُثلي، فيتم جمعها من الدورة الدموية للمتبرع؛ بتمرير الدم عبر آلة للتصفية، تقوم بفصل هذه الخلايا على حدة.

      و تنطوي عمليات الزرع على تعقيدات و مضاعفات مختلفة بطبيعة الحال، مثل صعوبة إيجاد المتبرع المطابق، و المضاعفات المصاحبة للعملية، و تأثيرات العلاجين الكيماوي و الإشعاعي، و مخاطر رفض الزرع، و فشل الخلايا المستزرعة في الاستقرار و التكاثر.

( يُرجى الانتقال لصفحة زرع نُقى النخاع العظمي للإطلاع على المزيد من التفاصيل حول عمليات الزرع ).


 

العـلاج المناعي

   

      يختص الجهاز المنـاعي بمكافحة العـدوى و محاربة الكائنات الدخيلة و الغريبة التي تغزو الجسم، مثل البكتيـريا الضـارّة و الفيروسات و السموم و غيرها، و هو يعمل بآليات متعددة و متناسقة تتكامل فيما بينها، تبدأ بآليّـات لكشف الخلايا الغريبة و تحديدها و تمييزها عن خلايا الجسم، ثم آليات استنفار و استنهاض الخلايا المناعية،  ثم آليات تدمير الغرباء، و بطبيعة الحال تنقلب الخلايا السرطانية عقب تسرطنها إلى خلايا غريبة عن الجسم و تستلزم ردا مناعيا، إلا أن الجهاز المناعي لم يتمكن من تدميرها، سواء بسبب فشله في تمييزها كخلايا غريبة، أو لأنه لم يصدر دفاعا مناعيا قويا بالدرجة الكافية عقب تمييزها.

       و العلاج المناعي و يسمى أيضا بالعلاج الحيوي ( Biological therapy )، إضافة إلى العلاج المُعدِّل للاستجابة الحيوية
(
biological response modifier therapy )، هو علاج يعتمد على توظيف آليات عمل الجهاز المناعي المختلفة لمعالجة السرطان، خصوصا الآليات المتعلقة بتمييز الكائنات الدخيلة، و إثارة ردود الفعل المناعي، و آليات رفع معدلات إنتاج الخلايا المناعية و دعمها في نموها و أداء وظائفها، و ذلك بهدف تعزيز و استنهاض و تحفيز جهاز المناعة، سواء لمكافحة الخلايا السرطانية، أو للمساعدة في إدارة التأثيرات الجانبية لعلاجات الأورام، باستخدام مركبات حيوية تفرزها خلايا المنظومة المناعية طبيعيا، و يتم إنتاجها في المعامل على هيئة عقاقير.

و يتم تصنيف الأنواع المتعددة من العلاجات المناعية إلى نوعين رئيسيين :

عـلاجات عـامة ( Nonspecific immunotherapies )

    أي تحفز الجهاز المناعي بشكل شامل، مما يقوي من فاعليته تجاه الخلايا السرطانية، و تسمى بالعقاقير المُعدّلة للاستجابة الحيوية (biological response modifiers BRMs  )، و يتم تصنيع اغلبها من المثيرات الخلوية ( cytokines ) التي تفرزها الخلايا المناعية، و الأنواع المعتمدة للاستخدام تشمل الانترفيرون ( interferons ) بأنواعه، و المثيرات الخلوية بين خلايا كريات الدم البيضاء ( interleukins )، و العناصر المحفزة للإعمار أو محفزات النماء ( colony-stimulating factors ).

    و يعمل الانترفيرون بالتأثير بشكل مباشر على الخلايا السرطانية و يتداخل مع عملياتها الحيوية لإعاقتها، كما يعزز القدرة التدميرية للخلايا المناعية، بينما تعمل مثيرات الكريات البيضاء على تنشيط نمو و فاعلية الخلايا المناعية خصوصا الخلايا الليمفاوية، أما محفزات النماء ( growth factors )، و التي تعد من أكثر العقاقير المناعية استخداما،   فهي  تعمل على تحفيز و إثارة خلايا المنشأ ( stem cells ) بالنخاع العظمي، لزيادة معدلات إنتاج خلايا الدم المختلفة، من كريات بيضاء و كريات حمراء و صفائح دموية، مما يساعد على تجنب مضاعفات انخفاض معدلات كريات الدم، عند إحباط النخاع العظمي جراء علاجات السرطان، و تقصير مدة هذا الإحباط.

عـلاجات مخـصّصة ( specific immunotherapies )

      أي أنها تستهدف إثارة تفاعل مناعي محدد و خاص، و من هذه العلاجات لقاحات السرطـان ( Cancer vaccines )، و المعالجة باستخدام الضدّيات أحادية الاستنساخ ( Monoclonal antibody therapy )، و تتلخص فكرة اللقاحات في دفع الخلايا المناعية لتمييز الخلايا السرطانية بدقة لتستنهض الردود المناعية، بينما تستهدف الضدّيات الأحادية تدمير خلايا ورمية من نوع محدد، باستخدام وسائل من خارج المنظومة المناعية مثل السموم المناعية.

( يُرجى الانتقال لصفحة العلاج المناعي لمزيد من التفاصيل حول هذا العلاج، و فاعليته في معالجات الأورام )

 


 

حول معـدلات الشفاء و التكهن بالمردود العـلاجي

 

      من المعتاد أن يستخدم الأطباء تعبير معدلات الخمس سنوات شفاء أو نجاة ( five year survival rates )، كمعدل قياسي عند مناقشة و تقدير فرص شفاء الأورام بناءا على تصنيفها، فقد يقال مثلا أن معدلات الشفاء لخمس سنوات للمرضى بورم ما بتصنيف ما، تبلغ 60 % أو 90 %، و يشير هذا المصطلح إلى نسبة المرضى ممن يعيشون خمس سنوات على الأقل منذ تشخيصهم بسرطان معين، حسب الإحصاءات و الدراسات الطبية، و بالطبع يعيش الكثير جدا من المرضى لفترات أطول من هذا المعدل بكثير، غير أن هذا الرقم يمثل الحد الأدنى لاعتبار المريض قد تجاوز مرحلة الخطر، و تجاوز المرحلة التي تزيد فيها احتمالات عودة الورم و يتماثل للشفاء التام، و بطبيعة الحال كلما زادت الفترة الزمنية دون ظهور علامات على عودة الورم أي دون حدوث انتكاس، كلما قلّت احتمالات هذه العودة و زادت فرص النجاة، و بالطبع فان ذلك لا يعني أن الورم لا يعود أبدا، إذ قد يعود بعد عقود من الزمن، و قد لا يعود على الإطلاق، و قد وضعت هذه المعدلات بناءا على معطيات المرضى بورم ما، و الذين عولجوا مبدئيا قبل أكثر من خمس سنوات مضت، بناءا على التصنيف المرحلي و حسب المخططات العلاجية المتبعة لذلك الورم، و من الطبيعي أن التطورات المستمرة في أنماط المعالجات تقدم فرصا اكبر للشفاء لدى المرضي حديثا، و تجدر الإشارة إلى استخدام نفس التعبير، أي سنوات الشفاء القياسية، مع تغيير عدد السنوات ( مثل أربع سنوات أو عشر أو خمسة عشر سنة شفاء قياسية ) عند بعض الإحصاءات الطبية لتقديم فكرة شاملة عن تطور المرضى بورم ما خلال سنوات المعالجة.

      و كما سلفت الإشارة، يستخدم الأطباء تعبير التكهن بالمردود العلاجي المتوقع ( prognosis ) أي تقديرات الحالة، بناءا على تصنيف درجة الورم ( Grading )، و التصنيف المرحلي للأورام ( staging )، أي التكهن بمدى الاستجابة للمعالجات و استشراف الدلائل عن الشفاء لدى المريض، و بهذا الصدد يلزم أن نضع في الحسبان أن التكهن دائما يبقى مجرد تكهن، و لا يمكن اعتباره قولا جازما، و حدوده تبقى دائما مرتبطة بمحدودية الأبحاث و الدراسات و الإحصاءات الطبية، فثمة الكثير مما لا يزال الطب يجهله، و لا يمكن استخلاص المعطيات عما هو مجهول مما أصبح معروفا طبيا، و لذلك لا يمكن اعتبار ما هو منشور في أي مقالة طبية أو كتاب حول استشراف دلائل الشفاء عن ورم ما كمعطيات جازمة و نهائية عند أي حالة، و الحقيقة انه لا يمكن لأي أحد على الإطلاق التكهن بمستقبل أي مريض بعينه، و دائما ما يقول الأطباء أن كل مريض بالسرطان هو حالة فريدة قائمة بذاتها و ذات وضع خاص و إن كان التشخيص واحدا، و من هنا يُنصح دائما بعدم الربط بين الحالات و بعضها، أو اعتبار أن ما يحدث من تطورات مع حالة ما، سواء جيدة أو سيئة، سيحدث مع غيرها بنفس التشخيص و التصنيف، كما تجدر الإشارة إلى أن التطور الطبي مستمر في كل أنحاء العـالم، و يتم استنباط و اختراع علاجات جديدة بشكل متواصل، و قد زادت فرص الشفاء بشكل مذهل خلال عقود قليلة، و لتوضيح هذا المعني، نسرد في النقاط التالية بعض العلاجات و التطورات التي لم تكن موجودة قبل سنة 1990م :

 

  • محفّـزات نماء كريات الدم البيضاء (Granulocyte colony stimulating factor G-CSF   )، أي عقار نيـوبوجين
    (
    Neupogen )، و التي ترفع من إنتاج الكريات البيضاء لتجنب التعرض للعدوى عند إحباط النخاع العظمي، و انخفاض معدلاتها عقب العلاج الكيماوي، و التي اعتمدت للاستخدام عام 1991، و نشير إلى أن العدوى كانت ( و لا تزال ) احد أهم أسباب الوفيات لدى المرضى بالسرطان.

  • محفّـزات نماء كريات الدم الحمراء ( Erythropoietin )، و التي ترفع من معدلات إنتاجها عند إحباط النخـاع العـظمي و تقلل بالتالي من مضاعفات فقر الدم.

  • الانترفيرون آلفا ( Interferon alfa ) أحد المثيرات الخلوية التي ينتجها الدم و أمكن تصنيعها على نطاق واسع، و قدمت معالجة فعالة لبعض أنواع اللوكيميا، و الأورام الليمفاوية مثل الورم اللاهودجكن.

  • الانترلوكين 2 ( interleukin-2 IL-2 )، و هو أيضا مثير خلوي تنتجه كريات الدم البيضاء و أمكن تصنيعه على نطاق واسع، و قدم معالجة فعالة لبعض أنواع اللوكيميا، و الورم القتامي ( الميلانوما )، و أورام الكِـلى.

  • تطورات التصوير بالرنين المغناطيسي (Magnetic resonance imaging MRI  )، إذ أن جهاز المرنان الدقيق الذي يختص بتقصي الأورام الدقيقة جدا، و الخلايا الورمية المنتقلة للدماغ و الحبل الشوكي، لم يكن متوفرا للاستخدام بشكل واسع قبل عام 1991.

  • التطورات في عمليات زرع نُقـى النخاع العظمي، حيث قبل عام 1990م لم تكن هذه العمليات تتم بشكل آمن مثلما هي الآن، و كانت تُعد خطرة و لا يتم إجراؤها سوى لصغار السن و بشرط توفر متبرع كامل، إذ لم يكن الأطباء يعرفون على وجه الدقة كيف يقومون بتطهير نخاع المريض من الخلايا السرطانية، و إعادة استخدامه في الزرع الذاتي، و منذ عام 1993 فقط، أصبح الزرع الذاتي لنـقى النخاع ممكنا للمرضى حتى سن الستين، و أحيانا بسن السبعين إن كان المريض لا يُعانى من مشاكل صحية ثانوية.


 

متفرقات حول العـناية الداعمة أثناء معـالجات السرطان

 

التغـذية و النظام الغذائي 

     تُعد التغذية الجيدة و المتكاملة من الأركان الحيوية بصفة خاصة و المهمة جدا في معالجة مرضى السرطان، فالمرض و علاجاته المتعددة تؤثر على شهية المريض و تقبله للأطعمة، إضافة إلى تأثير السرطان السلبي على العمليات الحيوية بالجسم للاستفادة من المغذيات، و بطبيعة الحال، يكون الطفل المريض أكثر قدرة على تحمل العلاجات، و مقاومة المرض و التقدم في أطوار الشفاء، حين يتمكن من التغذي بالشكل المتكامل و الكافي، و قادر بشكل جيد على أداء مختلف النشاطات و النمو بشكل طبيعي.

      و نتيجة للتأثيرات الجانبية لمعالجات السرطان يصبح الأكل و تناول الوجبات عملية صعبة على الطفل المريض، و تتضمن هذه التأثيرات و التي تُعد شائعة :

 التهابات الفم و تغيرات الطعم و التذوق و الغثيان و التقيؤ، و الإسهال و الإمساك، و زيادة الوزن و فقدانه، و فقدان الشهية للطعام،
و من جهة أخرى تؤثر الجوانب النفسية للمرض و للمعالجات بدورها على العادات الغذائية للطفل، و تنشأ لديه مشاكل متعلقة بالأكل حين يكون خائفا أو قلقا أو منزعجا أو غاضبا، و مع أن الشهية تتحسن في بعض الأيام إلا أنها قد تسوء في أيام أخرى، حتى يغدو تناول الوجبات معضلة تواجه الأهل، و بطبيعة الحال ينبغي استشارة الطبيب المعالج عند ملاحظة مثل هذه التعقيدات بشكل مقلق عند الطفل.

المقترحات التالية مفيدة في إدارة مشاكل التغذية عند الطفل المريض بشكل عام، و يُرجى الانتقال لصفحة ( التغذية )، و صفحة (  تعقيدات التغذية ) لمزيد من التفاصيل :

  • تكوين الوجبات من أطعمة يفضلها الطفل، على أن تكون غنية بالبروتين و عالية السعرات الحرارية.

  • تناول وجبات صغيرة متعددة على مدار الوقت أفضل من الاقتصار على الوجبات الرئيسية المعتادة.

  • ترك الاختيار للطفل في أن يأكل ساعة يشاء و حين يشعر بالجوع، و الاحتفاظ بوجبات جاهزة في متناول اليد من أطعمة غنية بالبروتين و السعرات الحرارية، فمجرد لقيمات و رشفات من الأطعمة و السوائل المناسبة كل ساعة أو نحوها، تساعد كثيرا في زيادة كمية المغذيات المتناولة.

  • أحيانا تؤثر الأدوية المتناولة عن طريق الفم على الشهية، و ثمة أنواع منها يفضل تناوله صباحا، أو مع منتصف النهار، و يتم تناول بعضها على معدة ممتلئة، و ينبغي استشارة الطبيب المعالج عن الوقت المناسب و الطريقة المُثلى لتناول هذه الأدوية.

  • مما قد يساعد في تغيير مزاج الطفل نحو الأكل و تشجيعه على تناول المزيد أن يتم تغيير بيئة و أجواء تناول الطعام، أو دعوة أصدقاء الطفل لمشاركته الوجبات أو مشاهدة برنامج تلفزيوني مما يفضله الطفل.

  • إعطاء الطفل وقتا كافيا لتناول الوجبات دون استعجاله و بشكل هادئ، و تجنب المشاحنات أو المعاقبة أو ما إلى ذلك أثناء الوجبات، إذ أن إجبار الطفل على تناول الطعام يزيد الأمور سوءا.

  • إغراء الطفل على تناول الوجبات بعرض مكافآت صغيرة، مثل إعطائه الحلوى المفضلة أو لعبة معينة لتشجيعه على تناول الطعام.

  • قد يزيد وزن الأطفال أحيانا خلال المعالجات نظرا لتجمع كميات زائدة من السوائل بالجسم، و ينبغي عدم ترتيب نظام حمية للطفل لتخفيف وزنه، و استشارة الطبيب المعالج حول الموضوع، الذي قد يوصي بتقليل نسبة الملح بالطعام إن كان الوزن الزائد ناتجا عن فرط السوائل بالجسم، كما قد يصف بعض الأدوية المدرة للبول للتخلص من هذه السوائل.

  • مراعاة تناول السوائل خلال اليوم و ليس عند الوجبات، حيث أنها تعطي الشعور بالشبع و الامتلاء و تمنع الطفل من تناول الأطعمة الصلبة، كما أن استخدام القشة الماصة يفيد في تسهيل الشرب و إغراء الطفل على تناول المزيد من السوائل لزيادة معدلات التروية بالجسم.

  • تجنب الأطعمة الخالية من السعرات الحرارية مثل المشروبات الغازية أو رقائق البطاطا أو الحلويات السكرية، و التي تنقص من شهية الطفل دون إمداده بالمغذيات المطلوبة.

  • تتسبب بعض الأدوية الكيماوية في فقد الطفل إحساس الطعم و التذوق، و قد يساعد تناول الوجبات الخفيفة المتبلة بالعديد من الأصناف مثل البيتزا، و قد يتحسن الطعم بتعديل نسبة الملح أو السكر.


 

العناية الصحية بالفـم و الأسنان

     من الضروري إجراء فحص كامل للفم و إجراء أية عمليات ضرورية على الأسنان قبل المباشرة بمعالجات السرطـان، و رغم أن العناية بالأسنان ضرورية أثناء المعالجات، إلا انه ينبغي تجنب القيام بأية عمليات على الأسنان عند انخفاض معدلات كريات الـدم، و ينبغي دوما استشارة طبيب الأورام قبل القيام بأي عملية لدى طبيب الأسنان، الذي يلزم إعلامه عن حالة الطفل الصحية و العلاجات التي يتلقاها.

و نظرا للتأثيرات الجانبية للعلاجات على أنسجة الفـم و اللثة و الأسنان، مثل الالتهابات و التقرح و جفاف الفم، من المهم على وجه الخصوص المحافظة بشكل دائم على نظافة الفم و الأسنان و اللثة، و من الضروري متابعة الطفل لتنظيف الأسنان عقب الوجبات الغذائية، باستعمال فراشي لينة و معاجين ملطفة، و يمكن استعمال الخيوط السنية مع مراعاة عدم جرح أو تهييج اللثة، كما يلزم متابعته في استخدام غسولات الفم عقب الوجبات و قبل النوم، و بالنسبة للرُضّع و الأطفال الصغار يمكن استخدام قطعة قماش لين يتم طيها حول الإصبع، و تدلك الأسنان بلطف بمحلول مطهر مناسب، و تجدر الإشارة إلى وجود أدوية مسكنة تعمل كمخدر موضعي لمعالجة الآلام الناتجة عن تقرحات و التهابات الفم، و يمكن استعمالها بإشراف الطبيب المعالج.

    و من ناحية أخرى يصبح الفم أكثر جفافا عند تلقي العلاج الإشعاعي لمنطقة الرأس و الرقبة، نظرا لنقص إنتاج اللعاب مما يؤدي إلى تسوس الأسنان، و قد يوصي الطبيب المعالج باستعمال مطهر الفلورايد لشطف الفم لدى الأطفال بسن تزيد عن السادسة، و ينبغي تجنب غسولات الفم التي تحتوي على الكحول، و التي تزيد بدورها من حدة التهابات الفم، و يمكن استعمال مخلوط من الملح ممزوج مع بيكربونات الصوديوم أي الباكينج صودا ( ربع ملعقة صغيرة من كليهما ممزوجة في كوب من الماء )، لشطف الفم في الأحوال العادية، كما يفضل استعمال الأكواب الورقية.

    و بطبيعة الحال تلزم العناية بالفم و الأسنان بشكل أكثر حرصا عند انخفاض معدلات كريات الدم، حيث يمكن للطفل أن يلتقط بعض العدوى بسهولة، أو يمكن أن تنزف اللثة لأدنى سبب، و يمكن استعمال فراشي ناعمة جدا أو مماسح الأسنان القطنية، و من المهم إبلاغ الطبيب المعالج عند ملاحظة أية علامات للعدوى، مثل ظهور بقع بيضاء باللثة أو ملاحظة مواضع متقرحة أو ملتهبة بالفم، كما ينبغي المحافظة على رطوبة الشفاه باستخدام المرطبات المناسبة لتجنب التشقق عند جفاف الشفاه.

( يُرجى الانتقال لصفحة مضاعفات الفـم لمزيد من التفاصيل حول العناية بالفم و الأسنان ).


 

عمليات نقل الـدم

   قد يحتاج الطفل في بعض الأحيان إلى عمليات لنقل الدم أو أحد مركباته أثناء الدورات العلاجية، بغية تعويض العوز في كريات الدم عند الضرورة، و الذي قد ينجم بداية عن تأثيرات بعض الأورام مثل اللوكيميا، أو ينتج عن تأثيرات المعالجات المختلفة على النخاع العظمي، مما يتسبب في إحباطه و نقص معدلات كريات الدم، و قد يتم نقل الدم كاملا أو منزوع البلازما أو تنقل الصفائح الدموية منفصلة، و تنقل كريات الدم البيضاء المنتقاة في بعض الأحيان.

و يتم نقل الدم الكامل أو كريات الدم الحمراء المصفاة، للتحكم في أعراض فقر الدم الناتج عن عوز الكريات الحمراء عقب تلقي العلاج الكيماوي على وجه الخصوص، بينما يتم نقل الصفائح الدموية عند نقصها لتجنب مضاعفات النزف أو للتجهيز للعلاج الجراحي، و من غير المعتاد نقل كريات الـدم البيضاء عند انخفاض معدلاتها، إلا أنها قد تنقل في حالة العـوز الحاد للكريات البيضاء، و وجود عدوى خطرة لم تستجب للعلاج بالمضادات الحيوية.

و بطبيعة الحال يتم إجراء مختلف التحليلات لتقصي خلو دم المتبرع من الأمراض المعـدية، و لمطابقته مع دم المريض قبل النقل، و رغم أن التحاليل المخبرية الحديثة و التي يتم إجراؤها على دم المتبرعين قد بلغت درجة عالية من الدقة، و تتحرى أنواعا عديدة من الأمراض، إلا أن احتمال العدوى لا يزال قائما و إن كان ضئيلا، و لذلك لا يتم إجراء عمليات النقل سوى عند الضرورة القصوى فحسب، و يستغرق الحقن الوريدي لعبوة الدم ( و تسمي "وحدة " دم ) ما بين ساعتين إلى أربع ساعات ليتم نقلها بالكامل، و قد تظهر أعراض الحساسية أو ارتفاع الحرارة، خلال العشر دقائق إلى النصف ساعة الأولى من عملية النقل، الأمر الذي يستدعي إيقاف النقل في الحال.


حول سهولة النزف

      تُعد الصفائح الدموية من أهم مركبات الدم، فهي عامل تكويٌن التجلطات اللازمة لوقف النزف في أي موضع بالجسم و رتق التمزقات بجدران الأوعية و الشعيرات الدموية، و تطرأ حالة عوز الصفائح الدموية عقب تلقي العلاج الكيماوي بانخفاض معدلاتها بالدم، و يصبح الطفل عرضة لسهولة النزف و التكدم لأدنى سبب، الأمر الذي يستلزم تجنب النشاطات التي قد تؤدي إلى الجروح أو الكدمات، مثل الألعاب الجماعية أو ركوب الدراجات.

    و من المفيد عند نشوء نزف استعمال قماش معقم أو منديل يدوي نظيف لربط الجرح و الضغط علي الموضع لحين توقف النزف، و في حال النزف من الأنف يلزم إبقاء الطفل واقفا مع ثني الرأس للخلف و الضغط بإحكام على جسر الأنف لمدة عشر دقائق، و يلزم إبلاغ الطبيب المعالج إن لم يتوقف النزف على وجه السرعة، و إعلام المسعفين بأي مصحة يتم نقل الطفل إليها عن حالته الصحية و المعالجات التي يتلقاها.


حول العـدوى

       تُعد العدوى و سهولة التقاطها من الأمور الشائعة عند الأطفال المرضى بالسرطـان، خصوصا عند تلقي العلاج الكيمـاوي، و تزداد مخاطر التعرض للعدوى عند ضعف الجهاز المناعي عقب انخفاض معدلات كريات الدم البيضاء إثر إحباط النخاع العظمي كأحد التأثيرات الجانبية للعقاقير الكيماوية، الأمر الذي يستلزم أن يبقى الأهل يقظين على الدوام و متنبهين لأيٍ من علامات العدوى، مثل الحمى، و إبلاغ الطبيب المعالج في الحال، لمعالجتها بالسرعة الممكنة و لتجنب تطورها و انتقالها إلى مراحل متقدمة و جدية تهدد حياة الطفل المريض.

و قد تنشأ العدوى بسبب من الفيروسات أو البكتيريا أو الفطريات، و لتحديد المسبب وراءها يتم إجراء مزرعة تحليلية لسوائل الجسم، مثل الدم و البول و البراز، و يتم استخدام المضادات الحيوية لمقاومة العدوى البكتيرية، و إن كانت غير ناجعة تجاه العدوى الفيروسية ما لم يتم تحديد الفيروس المسبب، و على العموم تتم معالجة اغلب الأطفال بالمضادات الحيوية لحين عودة تعدادات الدم للمعدلات الملائمة حتى و إن أظهرت التحاليل الخلو من العدوى الفيروسية، و بطبيعة الحال تتم المعالجة بالمصحة حين تكون العدوى خطرة، أو حين ينخفض تعداد الكريات البيضاء إلى مستويات متدنية جدا، كما يتم إيقاف معالجات السرطان و جرعات العلاج الكيماوي لفترة مؤقتة لحين انتهاء العدوى، و يتم تناول أدوية مساعدة لتخفيف أعراضها.

و تُعد بعض أنواع العدوى الفيروسية، مثل الحصبة بأنواعها أو جدري الماء ( chickenpox ) خطرة بصفة خاصة، و ينبغي اتخاذ الإحتياطات اللازمة لتجنب التعرض لها، مثل عزل الطفل إن تعرض أحد زملاء المدرسة أو أحد أفراد العائلة لمثل هذه العدوى، أو تم تلقيح أي منهم، و إعلام الجيران أو المدرسين بضرورة إبلاغ عائلة الطفل أن ظهرت مثل هذه العدوى في الجوار، و بطبيعة الحال يلزم إبلاغ الطبيب المعالج إن ظهر طفح أو بقع مريبة على بشرة الطفل، يرتاب الأهل في كونها ناتجة عن الحصبة أو جدري الماء.

يُرجى الانتقال لصفحة العلاج الكيماوي و تعداد خلايا الدم لمزيد من التفاصيل حول العدوى.


 

قياس الحرارة

     تُعد الحمى المؤشر الأول على وجود العدوى خلال فترات المعالجة، و يقوم الأهل بقياس الحرارة آلاف المرات، و خصوصا عند توعك الطفل، و ينبغي دوما قياس الحرارة بوضع الترمومتر تحت اللسان أو عند الإبط أو عند الأذن ( باستخدام مقياس حرارة خاص بذلك )، و لا ينصح بتاتا بقياسها شرجيا مخافة نشوء العدوى، أو إحداث جروح، خصوصا عند انخفاض تعداد كريات الدم المختلفة، كما ينبغي قياس الحرارة دوريا و بشكل دائم، و إبلاغ الطبيب المعالج إن إرتفعت لأكثر من 38.5 درجة مئوية ، و نقل الطفل إلى المصحة على وجه السرعة، لاحتمال تعرضه لنوع ما من العدوى، قد تكون مهددة لحياته.


التطعيمات و اللقـاحات

        يُحظر دوما إعطاء اغلب اللقاحات للأطفال ممن يتلقون علاجات الأورام، و خصوصا اللقاحات الحية أي المكونة من فيروسات حية، مثل لقاحات الحصبة العادية و الحصبة الألمانية و النكاف و شلل الأطفال، إضافة إلى عدم تلقيح أشقاء الطفل أثناء تلقيه للمعالجات، و ذلك لخطورتها عليه نظرا لضعف الجهاز المناعي نتيجة لمعالجات الأورام.

و من الممكن إعطاء اللقاحات غير الحية عند بعض الحالات، مثل لقاح الخناق ( الدفتيريا )، و الكزاز أو التيتانوس، و بطبيعة الحال يلزم عدم تلقيح الطفل بأي نوع دون استشارة طبيب الأورام المعالج.


سحب عينات الـدم

    يصبح السحب الدوري لعينات من الدم لإجراء التحاليل جزء من حياة الطفل طوال فترة المعالجة، و خلال فترات لاحقة، و من المعتاد إجراء عدة أنـواع من التحاليل، مثل تعداد الدم الكامل، و قياس كيميائيات الدم و تقصي وظائف الكبد و الكِـلى و الأعضاء، و إجراء مزرعة لسوائل الجسم مثل الدم.

حيث يعطى التعداد الكامل للدم فكرة واضحة عن تعداد خلايا الدم و مدى فاعلية الأدوية المستخدمة، و يحدد مدى قابلية الجسم للتعرض للعدوى المختلفة، و مدى الحاجة لنقل مركبات الدم عند انخفاض معدلاتها، بينما من المهم قياس المركبات الكيميائية لبلازما الدم للتقصي عن فاعلية الكِلى و الكبد، و التأكد من عدم تضررهما جراء المعالجات، و تجرى مزرعة السوائل لتحديد وجود عدوى بكتيرية أو فطرية.

و يتم سحب القدر اللازم من الدم لإجراء التحاليل بواسطة إبرة تغرز بأحد الأوردة، بالذراع عادة، و من المفيد استعمال مخدر موضعي للجلد؛ لتجنيب الطفل ألم نخز الإبر عند إجراء كل تحليل، بينما يتم سحب عينات الدم عبر أداة  القسطرة إن تم زرعها للطفل دون الحاجة للسحب من موضع آخر.


جمع عينات البول

    يتطلب العلاج الكيماوي إجراء تحاليل دورية للبول، و من المهم توضيح الأمر للطفل ليتعاون عند أخذ العينات، و مما يساعد على ذلك بالطبع زيادة معدلات التروية و تشجيع الطفل على تناول المزيد من السوائل قبل وقت كاف، و كذلك زيادة معدل القطر في الحقن الوريدي للسوائل عند وجوده في الاستخدام، و تجدر الإشارة إلى ضرورة عدم إجبار الطفل إن امتنع عن التبول أو تقديم العينة، و التراجع لبعض الوقت.


تخطيط صدى القـلب بالموجات فـوق الصوتية

      يمكن للعديد من العقاقير الكيماوية المستخدمة لمعالجة الأورام التسبب بتأثيرات مضرة على عضلات القلب، مما يضعف مقدرته على الانقباض و النبض بالشكل الفاعل، و تستلزم معظم الخطط العلاجية إجراء تخطيط صوتي للقلب، لقياس مقدرته على ضخ الدم قبل المباشرة في تناول العقاقير الكيماوية، و من ثم القياس الدوري خلال المعالجة، و عقب انتهاء كل دورة علاجية لتقصي مدي تأثر عضلات القلب.

و يستخدم جهاز تخطيط القلب ( Echocardiogram ) الموجات فوق الصوتية لقياس كمية و نسبة الدم الذي يغادر القلب عند كل نبضة، مقارنة بالدم الموجود بالقلب عند استرخائه، و هي تسمي بنسبة الضخ، و تتم عملية القياس بأن يستلقي الطفل علي سرير الفحص، و يقوم الطبيب بوضع مرهم خاص موصل للطاقة على الصدر، و يقوم بوضع أداة شبيهة بالعدسة تعمل كمحول للطاقة، تنبعث منها الموجات فوق الصوتية على الصدر، و من ثم يقوم بتحريكها في اتجاهات مختلفة للحصول على صور مختلفة للقلب، و تظهر النتائج علي شاشة جهاز التخطيط، و تطبع نسخ عنها لدراستها، و بالطبع فهذه العملية غير مؤلمة للطفل.

و قد يقوم الطبيب المعالج بتخفيض الجرعات الموصوفة أو استبعاد الدواء المؤثر من الخطة العلاجية، أو الاستعاضة عنه بعقار آخر، إن أظهر الفحص نشوء تأثيرات بعضلات القلب.


 

حول التعامل مع الألـم

  

     تُعد معالجة الألم و تأثيراته البدنية و النفسية من العوامل المهمة في الخطط العلاجية للسرطان، و على العكس مما يظنّه الكثيرون من أن مريض السرطان يُعانى الألم المبرح طوال الوقت، فذلك ليس صحيحا بمطلق الأحوال، و ليس بالضرورة أن يُعاني المريض من أية الآم، و لا يشعر الكثير من المرضى بأي ألم، كما أن الشعور بالألم لا يستمر طوال الوقت عند من يعانونه.

      و بطبيعة الحال تختلف أنـواع الآلام و تتفاوت حدّتها و تنتج عن أسباب متعددة، لعـل أهمها تأثيرات و مضاعفات السرطـان و المعالجات المختلفة، و بنفس الوقت قد يُعاني الطفل من الآم ليست مرتبطة بالسرطان، مثل الآم الأسنان، الأمر الذي يستلزم تحديد نوع الألم بأكثر دقة ممكنة، للتمكن من معالجته بفاعلية.

و من أهم مسببات الألم عند الأطفال المرضى بالسرطان :

  • وجود نسيج ورمي مستمر في التضخم، أو ورم يضغط على الأنسجة الرخوة أو الأعضاء الحيوية المجاورة أو على الأعصاب و العظام.

  • وجود ورم يقوم بسدّ الأوعية الدموية مما يعيق تدفق الـدم.

  • وجود انسداد بأحد الأعضاء الحيوية أو بمجرى أو قناة بأي موضع بالجسم.

  • انتقال السرطان إلى مواضع أخرى غير موضع نشأته الأصلي.

  • وجود عدوى أو التهابات.

  • التأثيرات الجانبية للعلاجات.

  • وهن و تصلب الأعضاء نتيجة لانخفاض النشاط الجسدي.

  • ردود الفعل النفسية تجاه المرض، مثل الإكتئاب أو القلق أو التوتر العصبي.

        و قد يكون الألم حادا أو مزمنا، حيث يأتي الألم الحاد عادة على هيئة موجات أو نوبات و يستمر لوقت قصير، و يُعد دلالة على تضرر بعض أنسجة و أعضاء الجسم بطريقة ما، و ينتهي عادة عند تعافيها، بينما يستمر الألم المزمن لفترات متطاولة و يكون معتدلا و اقل حدة.

      و من الطبيعي أن يشعر الأهل بالعجز حين يرون الطفل يتألم، غير أن معرفة ما يمكن توقعه و ما يمكن فعله يخفف من وطـأة مثل هذا الشعور، و يساعد في تحقيق معالجة فعالة، و من المهم في كل الأحوال أن يجد الأهل وسيلة للتفـاهم مع الطفل، حسب عمره و نموه الإدراكي و خصوصا إن كان بعمر يقل عن الأربع سنوات، بحيث يتمكنون من معرفة إن كان يتألم و تحديد مدى الألـم و موضعه، و من المهم مراقبة سلوكياته لمعرفة طريقته في التعبير عن شعوره بالألم، مثل تعبيرات الوجه و طريقة البكاء، إضافة إلى تقصي التغيرات السلوكية، مثل الحزن و الرغبة بالعزلة و الخمول أو انخفاض النشاط، و التي تعني بدورها أن الطفل يتألم، و لوحظ أن الأطفال في بعض الأحيان قد يشعرون بالألم دون أن يفصحوا عن ذلك، سواء لعدم مقدرتهم أو لخوفهم، مما يستدعي ضرورة محاورتهم، و من الطرق الجيدة لتعيين مدى الألم استخدام مقياس للألم يتفق عليه مع الطفل، مثل استخدام تدرج رقمي من الصفر حتى الرقم خمسة، حيث الصفر يعني عدم وجود الم و الرقم واحد يعني وجود الم خفيف، و هكذا حيث الرقم خمسة يعني الم غير محتمل أو أقصى درجة ألم، كما يمكن استخدام رسومات مرقمة لوجوه بتعابير مختلفة، يختار الطفل من بينها ليصف مقدار الألم، تبدأ برسم لوجه مبتسم مما يعني عدم وجود الم، ثم رسم لوجه يتألم قليلا مما يعني بداية الألـم، و هكذا إلى رسم لوجه باكٍ مما يعني وجود ألـم شديد، و هي طريقة مفيدة للتعامل مع الأطفال بسنّ تقلّ عن الأربع سنوات.

 

حول معـالجة الألـم

        تعتمد حدة الألم عادة على نوع الورم، و مواضع تركزه و مدى انتشاره، و تقييم الطفل و الأهل لمداه، و بطبيعة الحال ينبغي بذل كل الجهد الممكن للتخفيف من الألم أو استباقه بُغية تجنبه خلال فترات المعالجة، و يتم التخطيط لمعالجة الألم بناءا على عدة عوامل مثل عمر الطفل و حالته الصحية بشكل عام و التاريخ الطبي و نوع الورم و مرحلته و مدى تحمل الطفل للأدوية أو الإجراءات الطبية و العلاجات، و ثمة هامش واسع من العقاقير المستخدمة لمعالجة الألم، تتراوح بين المسكنات العادية، مثل عقار الاسيتامينوفين ( acetaminophen )، إلى عقاقير ذات مفعول أقوى لمعالجة الألم الحاد، بما في ذلك العقاقير المخدرة، و التي تُعدّ مركبات الأفيون من أقواها و أكثرها فاعلية، إضافة إلى علاجات لا تعتمد على الأدوية، مثل العـلاج الطبيعي، و أساليب الإلهـاء و تشتيت التفكير، و تقنيات الاسترخاء و التخيل، التي قد تفيد عند الأطفال بسن ما فوق الثامنة و المراهقين، و بطبيعة الحال تستلزم معالجة الألم التشاور الدائم و التعاون بين الأهل و الفريق الطبي.

      و تكمن الطريقة المُثلى للسيطرة على الألـم في المبادرة بمعالجته في وقت مبكر، أي بمنع حدوثه أو معـالجته حال بدء نوبته و قبل أن تزداد حدته، خصوصا إن كان يظهر بوتيرة يمكن تحديدها، حيث تتفاوت العقاقير في الزمن اللازم كي تعطي مفعولها، و الذي يتراوح من بضع دقائق إلى عدة ساعات، و إن تأخر الطفل في تناول الدواء أو في التصريح عن وجود ألم فقد يشتد الحال قبل بداية مفعول الدواء.

و من جهة أخرى قد تنشأ مخاوف لدى الأهالي حول إدمان الطفل المريض بالسرطان على العقاقير المخدرة، و يربطون بين استعمالها و الحاجة إلى زيادة جرعاتها بمرور الزمن و بين الإدمان، إلا أن الدراسات الطبية أثبتت أن تناول هذه العقاقير لتخفيف الألآم عند السرطان، لا يسبب الإدمان إن تم تناولها حسب الجرعات الموصوفة من قبل الطبيب المختص.

    و يُرجى الانتقال لصفحة التعامل مع الألم لمزيد من التفاصيل .


 

مواصلة العـناية الطبية

    

      يبقى من المهم جدا، عقب انتهاء معالجات السرطان و تحقيق الشفاء، متابعة الفحوصات الدورية للطفل، و العناية الطبية سواء العادية التي يتطلبها أي طفل بسنه، أو تلك الخاصة و المتعلقة بالسرطان و معالجاته السابقة.

        من أهم الجوانب في هذا السياق :

  • جدولة مواعيد الفحوصات : حيث يلزم فحص الأطفال المُعالجين من السرطان بشكل دوري، خلال فترات تتراوح بين 3 إلى 4 اشهر في البداية، ثم مرة أو مرتان سنويا بعد ذلك، و يقوم الفريق الطبي و حسب كل حالة بتحديد المواعيد الملائمة لهذه الفحوصات.

  • التحسب لعلامات العودة المحتملة للسرطان : فلا أحد يمكنه الجزم بعودة السرطان من عدمه، أو موعد عودته، فقد يعود خلال أسابيع أو اشهر أو سنوات أو لا يعود البتة، و حسب نوع سرطان الطفولة، يقوم الطبيب المعالج بتوضيح هذه المسائل للأهالي، و توضيح مدى احتمالات عودة الورم و علامات أو أعراض عودته، ليكونوا على يقظة تحسبا لحدوث ذلك.

  • الانتباه للتأثيرات المتأخرة للعلاجات : فقد تتسبب معالجات السرطان المختلفة في نشوء مضاعفات متأخرة لعدة سنوات، حيث يمكن لبعضها التأثير على مقدرة الإنجاب مثلا، أو يؤثر على النمو الجسدي الطبيعي، أو يُضعف القدرات الذهنية و التعليمية للطفل، أو يؤدي إلى ظهور أورام ثانوية غير السرطان الأصلي.

  • الانتباه للمشاكل العاطفية أو الشعورية حتى بعد سنوات من انتهاء العلاجات : فأحيانا و عقب انتهاء النشاطات العلاجية كليا، يدرك بعض الأطفال و بشكل مفاجيء الأحداث التي جرت معهم بشكل تام، و قد يكون ذلك مقلقا جدا، و في هذه الحال يحتاجون للتحدث عن مشاعرهم، و ينبغي أن يتواجد شخص قريب و مشارك يمكنه تقديم الدعم النفسي، و قد يحتاج بعضهم إلى المشورة الطبية المختصة.

  • ضرورة المحافظة على أفضل العـادات الصحية : فالتغذية الجيدة و النوم الكافي و التمارين الرياضية، و العـادات الصـحية و الحياتية الجيدة، جميعها تساعد الطفل على النمو الصحي و السليم و الشعور الأفضل.

 

 


 

آخر مراجعة : 12-02-2016 - دون تعديل

( اللهم ربّ الناس، أذهب البأس، أشف أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاءاً لا يُغادر سقماً )

 


 

الرئيسية التعامل مع السرطان معالجات السرطان أنواع الأورام العناية الداعمة اتصل بنا

 

مقالات الموقع متاحة للطبع أو النشر بدون تقييد

Adam Childhood Cancer Society