جمعية آدم لسرطان الطفولة

Adam Childhood Cancer Society

حول سرطان الطفولة حول أنواع الأورام معالجات السرطان العناية الداعمة الرئيسية

 


 

مقـدمـة

       

        يُعتبر العمل الجراحي من أقدم أنواع معالجات السرطان، و قد ساهمت التطورات الحديثة بالأساليب الجراحية في ارتفاع معدلات الشفاء لدى أعداد متزايدة من المرضى، و ساعدت على إجراء العديد من الجراحات المعقدة التي كانت متعذرة في الماضي و تحقيق نتائج ممتازة، حيث مع تطور التقنيات الجراحية أصبح العمل الجراحي أكثر دقة و تحديدا، مما قلل من إجراء الجراحات المتوسعة، و ساعد على استئصال معظم الأورام و خصوصا المنحصرة بمواضعها دون أن تنتشر، مع التمكن من المحافظة على الوظائف الطبيعية لمعظم أجزاء الجسم، و تجدر الإشارة إلى أن اغلب مرضى السرطان سيخضعون لنوع أو أكثر من أنواع العمل الجراحي، سواء عند التشخيص أو خلال مراحل المعالجة.

        و تُعد الجراحة خط العلاج الأوليّ عند أغلب الأورام الصلبة لدى الأطفال، و بطبيعة الحال يستهدف العمل الجراحي الوصول إلى موضع الورم من أقصر الطرق، و أقلّها تأثيراً على أنسجة الجسم السليمة، و من ثم التحقق من تسرطن الورم، عبر استخلاص خزعة من أنسجته و تحليلها، تمهيداً لاستئصال أكثر كمّ ممكن من النسيج السرطاني و بأقل أضرار ممكنة، و باستخدام كافة التقنيات المتوافرة، مع مراعاة تأثير ذلك على الأعضاء الحيوية المجاورة، إضافة إلى إزالة مساحة معينة من الأنسجة المحيطة بالورم تحسبا لانتشاره عبرها، و تقصي مدى انتقاله إلى الأنسجة و الأعضاء القريبة، خصوصا الغدد الليمفاوية، أو أية مواضع من المعتاد انتقال خلايا الورم موضوع الجراحة إليها، مع التحسب دوما لعامل التوقيت أثناء العملية، و أهمية إجراء اقل عدد ممكن من الجراحات، و من البديهي أن تتنوع الأساليب الجراحية بتنوع الأورام، و أن يختص كل نوع بتقنيات مرتبطة بموضعه و مدى تأثيره على محيطه، و مدى تركزه و رقعة انتشاره.

نستعرض في الفقرات التالية البعض من جوانب العمل الجراحي، إضافة إلى لمحة عن بعض الجراحات عند أورام الأطفال.

 


 

 

 

 

أنواع العـمل الجـراحي عند معـالجة السرطـان

 

يتم تصنيف العمل الجراحي إلى عدة أنواع حسب الغرض من الجراحة :

الجراحة التشخيصية ( Diagnostic surgery )

    و يتم إجراؤها بغرض استخلاص عينات من الأنسجة المشتبهة لتشخيصها، لتحديد نوع الورم و خواصه الحيوية، حيث لا يمكن تأكيد تشخيص الأورام الصلبة دون فحص خزعات منها تحت المجهر.

الجراحة التصنيفية ( Staging surgery )

    و هي جراحات تشخيصية تساعد في تصنيف الأورام و تحديد مراحلها بتحديد حجم الورم و امتداده و رقعة انتشاره، و مدى انتقاله من موضع نشأته الأصلي، كما تساعد في تدقيق التحاليل و الفحوصات التصويرية المختلفة المستخدمة عند التشخيص.

الجراحة العلاجية ( Curative surgery )

    أو الجراحة بغرض تحقيق الشفاء، و التي تستهدف استئصال كامل النسيج الورمي، و يتم اعتمادها في اغلب الأحوال كخيار علاجي أولي عند معظم الأورام الصلبة، و قد يسبق العمل الجراحي تلقي جرعات من العلاج الكيماوي و الإشعاعي، أو يتم إجراؤه عقب انتهاء دوراتهما مباشرة.

جراحة الاختزال الخلوي ( cytoreductive surgery )

    مما يعني أن العمل الجراحي يستهدف تخفيض كتلة الورم فحسب، بسبب تعذر الاستئصال التام، إذ قد يؤدي ذلك لدى بعض الحالات إلى التسبب بأضرار جسيمة للأنسجة المجاورة أو بعض الأعضاء الحيوية، و في هذه الحال تستهدف الجراحة إزالة أكثر كمّ ممكن من أنسجة الورم، و من ثم معالجة ما يتبقى بالعلاج الكيماوي أو الإشعاعي.

الجراحة الملطفة ( Palliative surgery )

    أو الجراحة بغرض تخفيف تأثيرات الورم و ليس لتحقيق الشفاء، و قد يتم إجراؤها لمعالجة التعقيدات الفرعية للأورام عند الحالات المتقدمة، أو لمعالجة و تصحيح مشاكل صحية ثانوية ناتجة عن النمو الورمي، فمثلا، يتضخم نمو بعض الأورام بالتجويف البطني بحيث تعيق و تسد الأمعاء، مما يستلزم إجراء جراحة لمعالجة مثل هذا الانسداد.

الجراحة الوقائية ( prophylactic surgery )

    و هذا النوع من الجراحات يتم إجراؤه لإزالة الأنسجة التي لم تتسرطن بعد، و لكنها مرشحة لذلك، أي أنها تمر بمراحل ما قبل التسرطن ( precancerous ).

الجراحة الداعمة ( Supportive surgery )

    و التي تستخدم لدعم العلاجات الأخرى، مثل جراحة زرع أدوات الحقن بالأوعية الدموية المختلفة، كأدوات القسطرة المستخدمة لحقن العقاقير الكيماوية و سحب عينات الدم للتحاليل.

الجراحة الترميمية ( Restorative surgery )

    أو جراحة إعادة بناء الأنسجة و الأعضاء، و التي يتم إجراؤها بغرض إصلاح عطب بعضو حيوي، أو ترميم جزء من الجسم تأثر بالجراحات العلاجية الأساسية.

  


 

 

 

 

التحضـير للجـراحة

       

    ثمة العديد من الإجراءات المتبعة تحضيرا للجراحة عند الأطفال، تبدأ بالتداول مع العائلة حول مدى الحاجة إلى العمل الجراحي أساساً، و العائد المرجو منه، و حالة الطفل الصحية العامة، و مدى جاهزيته النفسية و استعداده البدني، و يتم إعطاء التوجيهات الصحية اللازمة للطفل و للعائلة، حول المتطلبات الضرورية قبل الجراحة و بعدها، مثل نظام التغذية، أو مستوى نشاطات الطفل المسموح بها، كما يتم إجراء تحاليل الدم المختلفة للتأكد من ثبوت معدلات مركبات الدم عند المستويات الصحـية الملائـمة، و التحقق من فاعلية الكليتين و الكبد، و إجراء ما يلزم من اختبارات للتقصي عن وظائف القلب و الرئتين، إضافة إلى تجهيز كميات احتياطية من الدم تحسبا للحاجة إلى نقلها للطفل أثناء الجراحة، كما تتم مراجعة التاريخ الطبي للطفل، مثل التحقق من وجود أي نوع من الحساسية لديه خصوصا تجاه الأدوية المستخدمة، و يتم حساب حجم الجسم للمساعدة في تجهيز جرعات التخدير.

و من الضروري عدم السماح للطفل بتناول الطعام أو الشراب قبل عدة ساعات من موعد العملية، و ذلك تجنبا للتعقيدات التي تنتج بسبب امتلاء المعدة بينما الطفل تحت التخدير، خصوصا مشاكل التقيؤ، و عند موعد العملية يتم إلباس الطفل معطفا خاصا بالجراحات، ثم يُنقل إلى غرفة التجهيز للعمليات حيث يتم تخديره عادة، و قد يتم إجراء بعض الفحوصات الفرعية بمجرد تخديره، مثل استكشاف النخاع العظمي بسفط عينة من نُقى النخاع لتحليلها، أو عند الاشتباه بوجود انتشار للخلايا الورمية لمواضع أخرى، قد يتم استخلاص عينة من المواضع المشتبهة للتحقق.

و ما أن تنتهي العملية الجراحية حتى يُنقل الطفل إلى غرفة العناية المجاورة لغرفة العمليات؛ لتتم مراقبته لتقصي أية مضـاعفات، و إلى أن يصحو تماما من التخدير، قبل إعادته إلى غرفته بالمصحة.

 


 

 

 

 

حـول الأطفـال و الجـراحة

   

     بطبيعة الحال سينشأ لدى الطفل الكثير من المخاوف و القلق و التساؤلات حول الجراحة، و سيتساءل عن الحال تحت التخدير، و هل سيشعر بالألم، و عن تواجد والديه بقربه، و لعل أهم هذه المخاوف ستدور حول التغيرات البدنية الممكنة و التي ستنتج عن الجراحة، و من المهم مساعدة الطفل على التجهز للعملية و تحضيره نفسيا، بتشجيعه على زيارة غرفة العمليات الجراحية و ملحقاتها، و التعرف على الأطباء و الجراحين و التحدث إليهم مباشرة، و الاستئناس بالوضع ككل، و الأهم بطبيعة الحال هو التحدث مع الطفل، و حثه على الإفصاح عن مشاعره و أحاسيسه و مخاوفه و قلقه، و بذل الجهد في تشجيعه و الشد من أزره و طمأنته و الرفع من معنوياته.

    و من المهم جدا بهذا الصدد عدم إخفاء الحقائق عن الطفل، و ينبغي شرح الوضع و الحالة حسب ما يسمح به سنه و مستواه الإدراكي، و مهما كان ذلك مؤلما للأهل، أو أن الجراحة ستكون ذات تأثير بدني كبير، مثلما هو الحال عند جراحات بتر الأعضاء، يتوجب عدم إخفاء الأمر عن الطفل، فالصراحة مهمة جدا، و التوضيح يجعل الطفل أقدر على مواجهة الوضع، و أكثر استجابة و تقبلا للحال، و يكون بمقدوره التأقلم مع التغيرات الجسدية في مستقبل حياته، لذلك يلزم إعطاء إجابات واضحة و صادقة عن تساؤلات الطفل، تجنبا لفقده الثقة بوالديه إن لم يكن الواقع مطابقا لما سمعه منهما، و غني عن القول أن الطفل يحتاج و بشدة لهذه الثقة خصوصا خلال أزمة إصابته بالسرطان، و بالطبع لكي يتمكن الأهل من إعطاء الإجابات الصادقة و الواضحة ينبغي أن يكونوا على معرفة تامة بالعلاجات المزمعة و الضرورات التي تستدعيها، و بالتالي يكونون اقدر على تهيئة الطفل.

   و من المفيد في هذا السياق  الإشارة إلى الإجراء المتبع لدى جميع المصحات قبل المباشرة بالعمليات الجراحية، و الذي يتمثل في ضرورة منح الموافقة الكتابية من قِبل الأهل، و هذا الإجراء مهم جدا حيث يستلزم أن يكونوا على معرفة تامة بكل جوانب المعالجة، قبل إعطاء موافقتهم، و يلزم أن يكونوا متأكدين و على ثقة من أن القرار المتخذ يمثل أفضل الفـرص أمام الطفل للحصول على أفضل مردود علاجي ممكن، و رغم أن الناس يتفاوتون في كيفية تعاطيهم مع مثل هذه القرارات، إذ يترك البعض الأمر على عاتق الأطباء، إلا أن معرفة أكثر ما يمكن عن المعـالجات و النتائج المرجوة سيمكّن الأهـل من الفهم الواضح لمـجمل الوضـع و المشاركة في اتخاذ القرار.

و رغم أن لكل حالة خصوصياتها، إلا انه و بشكل عام يلزم أن يكون الأهل على معرفة تامة بالمسائل التالية :

  • ما هي حالة الطفل الراهنة و لماذا أعتمدت الجراحة كخيار علاجي.

  • ما الهدف من الجراحة.

  • كيف سيتم إجراء العمل الجراحي.

  • ما هي الفائدة المرجوة من العملية.

  • ما هي المخاطر.

  • ما هي المضاعفات و التأثيرات الجانبية المتوقعة.

  • ما هي الخيارات العلاجية المتاحة بخلاف الجراحة.

 


 

 

 

 

حـول الخـزع الجـراحي ( Biopsy )

  

     يستهدف الخزع الجراحي استخلاص خزعة من أنسجة الورم لفحصها معمليا، بُغية تمييز نوع الورم و خواصه على وجه الدقة، و يعتمد السبيل لاستخلاص العينة و الوصول إلى نسيج الورم على عدة عوامل، من أهمها موضع الورم و عمر المريض و الخبرات و المهارات الطبية، حيث يمكن أن يجنب التخطيط الملائم لموضع الخزع و تقنيته من نشوء أية تعقيدات لاحقة، و يقلل من عدد الجراحات خلال المعالجات، و بطبيعة الحال قد يتم إجراء الخزع تحت التخدير الموضعي أو التخدير التام، حيث يتم التخدير الموضعي بحقن المخدر بواسطة إبرة في الأنسجة حول موضع الورم، بينما يتم التخدير الكامل بحقن المخدر بأحد الأوردة، أو يتم استنشاقه حتى يفقد الجسم الحسّ كلياً قبل العملية.

و ثمة طريقتان لاستخلاص عينة الورم، إما بإجراء جراحة مفتوحة متكاملة للوصول إلى موضع الورم، أو باستخلاص عينة صغيرة باستخدام إبرة يتم إدخالها عبر الجلد باتجاه الورم، و قد تتم الاستعانة بتقنيات التنظير الداخلي عند بعض الحالات، باستخدام المناظير المختلفة لتحديد موضع الورم و حجمه.

    و يتمثل الغرض عادة من الخزع عند الجراحة المفتوحة، في إزالة جزء من الورم و إجراء الفحوصات على الفور و بشكل سريع، من قبل طبيب اختصاصي بعلم الأمراض ( متخصص في تشخيص الأمراض من نتائج الفحوصات المعملية )، و عند ثبوت تسرطن الورم، تعتمد الخطوة التالية على نوع الورم و موضعه و حجمه و مدى تركزه، فإن كان ضئيل الحجم و يقع بموضع متـاح و يسهل الوصول إليه، قد يقوم الجّراح بإجراء عملية الخزع الإستئصالي ( excisional biopsy ) بمحاولة استئصال كامل نسيج الورم، ( كما قد تتم إزالة الغدد الليمفـاوية المتاخمة و المتاحة للاستئصال ، و فحصها للتأكد من مدى انتقال الخلايا الورمية إليها )، أما إن كان الورم كبير الحجم أو بموضع حساس و حيوي بحيث تتعذر إزالته، فيكتفي الجّراح باستخلاص عينة فيما يُعرف بجراحة الخزع البِضعي ( incisional biopsy ).

      أما الخزع الإبري ( needle biopsy )، و الذي يتم عادة عقب التخدير الموضعي للجلد، و أحيانا بالتخدير الكامل فهو نوعان : الخزع الإبري التقليدي و يسمى خزع الكتلة ( Core biopsy )، باستخدام إبرة كبيرة نسبيا يتم غرزها مباشرة داخل كتلة الورم لاستخلاص عينة اسطوانية تكون كافية عادة لجميع التحاليل، إذ يبلغ قطرها حوالي 1.5 ملليمتر ، و طولها حوالي 12.5 ملليمتر، بينما تسمى الطريقة الأحدث بخزع أو سفـط الإبرة الشعرية ( Fine needle aspiration ) باستخدام إبرة رفيعة لسحب كمية ضئيلة من أنسجة الورم، و يمكن للطبيب استهداف الموضع المتضخم و المحسوس تحت الجلد و المشتبه بكونه ورميا، أو الموضع العميق داخل الجسم و غير المحسوس من الخارج، باستخدام التصوير الشعـاعي الطبقي ( CT scan ) لضمان دقة التوجيه نحو كتلة الورم.

 


 

 

 

 

حـول جراحـة بعـض الأورام

    

     كما سلفت الإشارة يُعتبر العمل الجراحي عند أغلب الأورام الصلبة العلاج الأوليّ و الأساسي في الخطط العلاجية، و يستهدف استئصال أكبر كمّ ممكن من النسيج الورمي، و بعض الأنسجة السليمة المحيطة بالموضع، و من الطبيعي أن تختلف أساليب إدارة الجراحات من سرطان لآخر و من حالة لأخرى، و قد يتم استخدام العلاجين الكيماوي أو الإشعاعي أو كليهما قبل المباشرة بالجراحات، بُغية حصر و تقليص حجم الورم مما يسهل من الاستئصال، إضافة إلى استخدامهما عقب الجراحات بهدف القضاء على الخلايا السرطانية التي قد تكون متبقية، أو تمهيدا للجراحات التالية، و ذلك تبعا لنوع الورم و تطور الحال أثناء المعالجات.

     و تعتمد خيارات الجراحة على نوع الورم و موضعه، و الكيفية التي ستؤثر بها الجراحة على وظيفة و فاعلية الجزء المصاب من الجسم، فالعديد من الأورام و التي تتواجد بمواضع غير أساسية بالجسم، يمكن إزالتها دون التسبب بأي إعاقة أو عاهات، بينما بعضها الآخر، مثل أورام شبكية العين أو الأورام العظمية التي تظهر بأغلب عظام الذراعين و الأرجل، فلا يمكن استئصالها كلياً دون التأثير على فاعلية الأعضاء المصابة، و في هذه الحال و غالبا يمكن الاستفادة من تقنيات الأعضاء الصناعية البديلة، أو التطعيمات العظمية في استبدال مثل هذه الأعضاء.

و بطبيعة الحال ثمة العديد من التعقيدات المهمة التي تصاحب الجراحة في بعض الأحيان، مثل نشوء العدوى المختلفة، و البطء في التئام الجروح، و التي تزداد بوجود التأثيرات الجانبية للعلاجين الإشعاعي و الكيماوي قبل الجراحات و عقب إتمامها، مما قد يتداخل مع القدرة الطبيعية لالتئام و تعافي الجروح، إضافة إلى المشاكل الناجمة عن حدوث النزف، و تضرر الأوعية الدموية أو الأنسجة العصبية، أو تأذي بعض الأعضاء الحيوية.

و بالفقرات التالية لمحة عن الجراحات لدى بعض الأورام.

  

 

 

 

جراحات أورام الأنسجة الرخوة و العـظام و أورام يوينغ

       

      تتضمن الجراحة عند أورام الأنسجة الرخوة و أورام العظام الغرنية و مجموعة أورام يوينغ إجراء الخزعات لأغراض التشخيص، و من ثم المعالجة الجراحية، و من المهم أن يتم التخطيط لكليهما بنفس الوقت و على يد نفس الجراح، الذي بصفة عامة يقوم باستخلاص عينة من الورم أو يستأصله كليا، فإن لم يكن الورم قد تحدد بشكل نهائي قبل العملية الرئيسية، يتم فحص نسيج الورم المستخلص على الفور لتقرير أنه من النوع الخبيث، و إن تم تحديد ماهية الورم بينما الطفل ما يزال تحت التخدير، فقد تستمر العملية بُغية استئصال أكثر كمّ ممكن من النسيج السرطاني، و جزء من الأنسجة السليمة المحيطة بالموضع ( قد تبلغ حوالي من 2 إلى 3 سنتمتر عند بعض الأورام )، و قد يتم كذلك إزالة بعض الغدد الليمفاوية المجاورة، للتقصي عن مدى انتقال السرطان إليها، و يتم غالبا إجراء هذه الجراحات مباشرة عقب تلقي جرعات من العلاجين الكيماوي و الإشعاعي، أو أحدهما منفردا بشكل مسبق بغرض تقليص كتلة الورم، و بطبيعة الحال يكون مدى الجراحة أكثر صعوبة عند تموضع الورم بمناطق حساسة مثل عظم الحـوض، حيث قد يتواجد قرب أحد الأعضاء الحيـوية و لا يمكن استئصاله جراحيا.

      و منذ عقود مضت كانت أورام العظام، و خصوصا بالأطراف تعني فقد العضو المصاب بالبتر كحل وحيد، بينما في الوقت الحاضر تقدمت المعالجات الجراحية بشكل كبير، حيث يمكن إزالة أجزاء كبيرة من العظام و استبدالها بتطعيمات عظمية، أو صفائح و قضبان معدنية أو بدائل صناعية ( prosthesis )، مثل العظام و المفاصل المصنوعة من اللدائن أو المعادن، لتعوض جزء العظام الذي تم استئصاله مع الورم، فيما يُعرف بالجراحة الاستبدالية، أو جراحة استنقاذ الأعضاء ( Limb - salvage surgery ) بإزالة الورم دون بتر، إذ يمكن أحيانا استبدال عظم بكامله ببديل صناعي، و بالتالي يمكن المحافظة على وظيفة الموضع أو العضو المصاب.

و مثل هذه الجراحات معقدة بطبيعة الحال و تستلزم إجراء عدة عمليات، و عدة اشهر من العلاج الطبيعي حتى يتمكن المريض من استخدام العضو المصاب بفاعلية، و الجدير بالذكر أن معدلات الشفاء عند المرضى ممن عولجوا بهذه الطريقة تتماثل مع المعدلات لدى عمليات البتر، التي لا يتم اللجوء إليها حاليا إلا في حالات نادرة و محددة.

        و من البديهي دراسة كلا الخيارين ( البتر أو الإستبقاء ) بين الأطباء و الأهل، و التشاور حول أفضل الوسائل لاستئصال السرطان، و بنفس الوقت المحافظة على أكثر ما يمكن من فاعلية الطرف المصاب، و كما سلف القول، فغالبا لا يتم البدء بالعمل الجراحي قبل فترة من الوقت، يتم خلالها تلقي جرعات من العلاج الكيماوي أو الإشعاعي أو كليهما، في مسعى لإستبقاء أكثر كمّ ممكن من أنسجة الموضع المصاب.

جراحـات البتـر

        قد يكون بتر الأعضاء المصابة لدى بعض الحالات أفضل الخيارات المتاحة لمعالجة السرطان، فإن كان الورم يمتد إلى الأنسجة العصبية أو الأوعية الدموية أو كليهما، قد يكون من المتعذر إنقاذ الطرف المصاب، و يتم إجراء التصوير بالمرنان المغناطيسي و فحوصات الأنسجة أثناء الجراحة، لمساعدة الجراح على اتخاذ القرار حول موضع و مقدار البتر للـذراع أو القـدم، و للتخطيط للجراحة بحيث تتمكن العضلات و الجلد من الالتئام، و تكوين ثنية حول العظم المبتور، بشكل يساعد على تثبيت طرف صناعي يمكن تركيبه لتعويض العضو المبتور.

جراحـة استنقاذ الأعـضاء

        و هي جراحة معقدة و متعددة الجوانب، يواجه فيها الجرّاح تحديات كبيرة، إذ يتوجب استئصال كامل الورم و بنفس الوقت يلزم المحافظة على الأنسجة المجاورة، من عضلات و أوتار و أعصاب و أوعية دموية، و استبدال العظم المستأصل بتطعيمات عظمية، أو صفائح و قضبان معدنية، مع ما يستتبع ذلك من تعقيدات، كنشوء العدوى أو ارتخاء التطعيمات أو القطع الصناعية.

      و يمكن إزالة عظام الفخذ بما في ذلك الركبة و استبدالها ببديل صناعي و ربطها بالجزء السفلي من الرجل، بينما الأكثر صعوبة هو إزالة الجزء السفلي من الرجل و إعادة بنائه مجددا، و تعتبر عظام العضد أكثر ملائمة للجراحة الاستبدالية حيث أنها بمنأى عن تحمّل وزن الجسم، و من جهة أخرى و بتطور الوسائل الجراحية، أصبح ممكنا استبدال اغلب عظام الحوض و التي كانت تُعد صعبة الاستبدال في الماضي، أما عند وجود ورم النسيج الرخو في منطقة جدار الصدر، فمن المعتاد أن يقوم الجراح بإزالة الموضع المصاب إضافة إلى أحد الضلوع أو أكثر ( من ضلع إلى ثلاثة أضلاع )، و يتم استبدالها ببدائل صناعية لإغلاق جدار الصدر.

      و قد يتعذر إجراء الجراحة الاستبدالية لدى بعض الحالات لعدة أسباب، مثل وجود الورم بعظم يصعب استبداله، أو يمتد الورم إلى أنسجة عصبية أساسية، أو أوعية دموية من المتعذر إزالتها دون التسبب بأعطاب جوهرية بالعضو المصاب، و هنا قد تتم معالجة مثل هذه الحالات بعلاجات الأورام الأخرى، عوضا عن الجراحة، و ذلك حسب نوع الورم.


 

 

 

 

حـول عمليات البتر و فقد الأعضاء لدى الأطفال

 

      من الطبيعي أن ينشأ لدى الأطفال المعرضين لعمليات البتر أو استبدال الأعضاء الكثير من المخاوف و القلق، حيث سيتساءلون عن الحال، و العيش بدون قدم أو ذراع، و هل سيكون بمقدورهم ممارسة الحياة و مزاولة النشاطات اليومية، و كيف سيتمكنون من ذلك، و كيف سيكون ردّ فعل الآخرين تجـاههم أو تصرف أقرانهم، و سيشعرون بفقدان السوّية و التمـاثل مع غيرهم، و أحيانا يكون تقبل الوضع و التأقلم معه أكثر صعوبة على الوالدين من الأطفال أنفسهم، و يجدر بالذكر أن الأطفال الصغار يتأقلمون عادة بسرعة أكثر من المراهقين، الذين تنشأ لديهم مخاوف و قلق و مشاعر مختلفة بطبيعة الحال، فهم أكثر حساسية لنظرة الآخرين تجاههم، و تقييمهم لأنفسهم، و سيقلقون بالطبع حول تأثير فقد أحد أعضائهم على حياتهم الاجتماعية و تكوين الصداقات، و على حياتهم العملية، و مقدرتهم على التماثـل مع أقرانهم، و على مزاولة النشـاطات المختلفة كأنواع الرياضة مثلا، إضافة إلى مـواضيع الزواج و الإنجاب و تكوين عائلة.

        و مما قد يساعد الطفل بدرجة ما على التأقلم، هو رؤية أطفال آخرين ممن تعرضوا لجراحات البتر و فقد الأعضاء و التعرف عليهم، و رؤية كيف أمكنهم أن يتعايشوا مع الوضع، و سيجد الطفل انه بمقدوره أن يعيش حياة طبيعية و يكون فعالا مثل أقرانه، و قد لوحظ أن أغلب الأطفال يستطيعون مزاولة النشاطات التي كانوا يمارسونها قبل الجراحة، مثل اللعب و الرياضات المختلفة، و قد يساعد أيضا قيام الأهل بالشرح و التوضيح للطفل عن البدائل أو الأطراف الصناعية الممكن تركيبها في حالته، أو الأدوات الداعـمة و المساندة الممكن استخدامها لمساعدته في مزاولة النشاطات المختلفة.

        و بهذا الصدد من المفيد الإشارة إلى ما يُعرف بظاهرة الألم السرابي أو الوهمي (  phantom pain)، و هي ظاهرة معروفة و شائعة، حيث يحسّ المريض بمختلف المؤثرات مثل البرد أو الحكّة أو الألـم عند موضع البتر، كما لو أن العضو المبتور ما يزال جزءا من البدن، و لا أحد يعرف ما يسبب هذه الظاهرة، إلا أن أطباء الأعصاب يفسرون ذلك بأن الدماغ لا يزال معتادا على وجود العضو المبتور، و تلقي الرسائل من أنسجته العصبية، و سيتطلب الأمر بعض الوقت حتى يعتاد الدماغ على الأنسجة العصبية المتبقية بموضع البتر و الرسائل القادمة منها، و يفيد أحيانا إجراء بعض التدليك الخفيف للموضع، و تغيير وضعية الجسم للشعور براحة أكثر، و من المعتاد تلقي أدوية مسكنة للألـم عقب الجراحة إضافة إلى أدوية أخرى لمعالجة الألم الوهمي حال حدوثه.

 


 

 

 

 

جراحات أورام الأوليّـات العـصبية ( Neuroblastoma )

        عقب تأكيد تشخيص أورام الأوليات العصبية بإجراء الخزع الجراحي و تحليل العينات، يقوم الجراح باستئصال الورم، و يتم إزالة كامل أنسجة الورم عند أغلب الحالات مما يؤدي إلى الشفاء التام، و يتقصى الجراح خلال العملية عن أية دلائل على انتقال الورم إلى أعضاء حيوية أخرى، مثل الغدد الليمفاوية على طرفي التجويف البطني التي تتم إزالتها و فحصها للتحقق، و لدى العديد من الحالات يتم استخلاص خزعة من نسيج الكبد للتحقق من أي انتقال للورم إلى الكبد قد لا يظهر بالفحوصات التصويرية و قد يستلزم الآمر عند بعض الحالات إعادة الجراحة عقب تلقي جرعات من العلاجين الإشعاعي و الكيماوي بُغية تقصي نتائج المعالجات، و إزالة أية بقايا من الأنسجة السرطانية إن أمكن ذلك.


 

الجراحة لدى ورم ويلمز الكلـوي ( Wilms’ tumor )

        تُعد عملية الاستئصال الجذري للكِليّة ( Radical nephrectomy ) من العمليات الجراحية المعتادة عند أورام ويلمز الكلوية، الشائعة لدى الأطفال، حيث يتم استئصال الـورم مع كامل الكِلية بما في ذلك الحالب و الغـدّة الكظرية الموجودة بأعلاها، و النسيج الدهني المحيط بها، و قد يتم أحيانا استئصال الغدد الليمفاوية القريبة من الكِلية، و يتم غالبا فحص الكـبد و الكليّة الأخرى و الأعضاء الحيوية القريبة أثناء الجراحة، و يتم استخلاص خزعة من أي عضو مشتبه للتحليل و لتقصي مدى انتقال الخلايا الورمية.


 

الجراحة لدى أورام جذيعـات الشبكية ( Retinoblastoma )

       

      بالنسبة لورم الشبكية بالعين، و الذي عادة حين ينحصر وجوده بعين واحدة يكون متسعا بشكل كبير عند التشخيص، و تكون الرؤية معدومة بالعين و لا مفر من اللجوء إلى استئصال الورم، يتم إجراء عملية جراحية لقلع كامل العين ( enucleation ) و هي عملية غير معقدة و لا تستغرق أكثر من ساعة واحدة، و يتم صنع عين صناعية مطابقة للعين الأخرى و يتم تركيبها عادة عقب عدة أسابيع، و غالبا يتأثر نمو العظام لاحقا بمحجر العين المصابة، أما عند الحالات المتقدمة حيث يوجد الورم بكلتا العينين، فقد يتم الإبقاء على العين الأقل تضررا و معالجتها باستخدام العلاج الإشعاعي، أو المعالجات المستخدمة لأورام العيون مثل التخثير الضوئي أو العلاج الحراري أو العلاج بالتبريد.

 


 

 

 

 

جراحة أورام الدماغ

        بطبيعة الحال يسعى جراح الأعصاب لإزالة أكبر كمٍّ ممكن من أنسجة الورم الدماغي، و يتم ذلك أحيانا بشكل كامل، و تتم عادة السيطرة على الورم بالمعالجة المشتركة بين الجراحة و العلاج الإشعاعي، و في بعض الحالات و خصوصا عند أورام الدماغ الارتشاحية لا تتمكن الجراحة من إزالة كامل الورم، إلا أنها بالمقابل تقوم بتقليص حجم الورم مما يزيد من فاعلية العلاجين الإشعاعي و الكيماوي، بالإضافة إلى ذلك تساعد الجراحة في التخفيف من حدة تأثيرات الورم الدماغي، خصوصا الناجمة عن ضغط كتلته على الأنسجة المجاورة داخل الجمجمة، كما أنها تساعد في تخفيف نوبات الصرع عند وجودها لدى المريض مما يجعلها أكثر قابلية للسيطرة بالأدوية.  

 

 

 

    و من العمليات الجراحية المعتادة لدى بعض حالات الأورام الدماغية ما يُعرف بجراحة منعطف السائل المُخّي الشوكي ( shunt surgery )، حيث يؤدي وجود أي انسداد أمام تدفق السائل المُخّي الشوكي إلى زيادة الضغط داخل الجمجمة، مما يؤدي بدوره إلى نشوء الكثير من الأعراض المعتادة لدى الأورام الدماغية، مثل شدة الصداع و الغثيان و التقيؤ و اختلال الرؤية و النوبات الصرعية، و من المعتاد تخفيف مثل هذا الضغط بإجراء عملية نزح للسائل المُخّي المتجمع، حيث يقوم الجراح بتركيب وصلة مصنوعة من أنبوب لدن يعمل كتحويلة ( shunt ) يُزرع احد طرفيها بالبطين الدماغي الذي يحتوي على السائل المُخّي، و يتم تركيب طرفه الآخر  بالتجويف البطني عادة، أو بالقلب في بعض الأحيان، و يمر هذا الأنبوب تحت الجلد من الرأس مرورا بالرقبة و الصدر، و يمكن استخدامه بشكل مؤقت أو إبقائه بشكل دائم، و قد تُجرى مثل هذه العملية قبل جراحة استئصال الورم أو عقب انتهائها.

 

زرع منعطف السائل المخي

  


 

الجراحة عند اللوكيميا

        نظرا لأن خلايا اللوكيميا تنتشر بشكل واسع داخل النخاع العظمي و إلى عدة أعضاء أخرى، فمن المستحيل معالجة هذا النوع من الأورام بالجراحة، و التي من النادر أن يكون لها أي دور حتى عند التشخيص، حيث تقدم عمليات سفط نقى النخاع العظمي دلائل تشخيصية كافية، و لا يتم استخدام الجراحة سوى عند عمليات زرع القسطرات المختلفة التي تستخدم لحقن أدوية العلاج الكيماوي و العقاقير المساعدة و لسحب عينات الدم للتحاليل المختلفة.


 

الجراحة عند الأورام الليمفـاوية اللاهودجـكن

        من غير المعتاد إجراء الجراحات لإزالة الأورام الليمفاوية اللاهودجكن، حيث قد ينجم عنها تضرر الأعضاء الحيوية السليمة أثناء الجراحة، إلا انه يمكن استئصال كامل كتلة الورم أثناء إجراء الخزع الجراحي إن كان ذلك متاحا، و من جهة أخرى يتم إجراء الخزع الجراحي المفتوح لتحديد نوع الورم اللاهودجكن بدقة حين يتعذر الحصول على كمّ كاف من أنسجة الورم عبر استخدام الخزع الإبري أو سفط نقى النخاع العظمي، كما قد يتم إجراء الجراحات عند نشوء طارئ ما ( مثل معالجة انسداد بالأمعاء نتيجة تضخم كتلة الورم )، أو يتم إجراؤها لتقصي مدى استجابة كتلة الورم للعلاج الكيماوي.

 


 

 

 

  

آخر مراجعة : 17-02-2016 - دون تعديل

الرئيسية حول سرطان الطفولة أنواع الأورام معالجات السرطان العناية الداعمة

 

مقالات الموقع متاحة للطبع أو النشر بدون تقييد

Adam Childhood Cancer Society